أسرة جامعة اليرموك وزملاء الفقيد ينعون الدكتور علي الرحابنة

mainThumb

08-09-2025 04:30 PM

السوسنة - من على أرض اليرموك، وفي أجواء يغلب عليها الحزن والأسى، قدّم عدد من الأكاديميين والإداريين من زملاء الفقيد الدكتور علي الرحابنة واجب العزاء، بحضور جمع من أقاربه وذويه، فيما غابت إدارة الجامعة بشكل كامل عن المشهد.

وقد ألقى كل من الأستاذ الدكتور رشيد الجراح، والسيد منتصر الرفاعي، كلمات مؤثرة في هذه المناسبة، استذكروا فيها مناقب الفقيد ومواقفه الوطنية والجامعية. كما تحدث أحد أقارب الفقيد باسم العائلة، وألقت ابنته كلمة قصيرة عبرت فيها عن اعتزازها بوالدها وإرثه القيمي.

كلمة الأستاذ الدكتور رشيد الجراح

> بسم الله الرحمن الرحيم

أهل الفقيد علي الرحابنة وذويه الأعزاء،
الزملاء الكرام، والزميلات الفاضلات - أسرة جامعة اليرموك

السلام عليكم جميعا ورحمة الله جميعا وبركاته:

من هنا – من على درج رئاسة جامعة اليرموك التي حملت (منذ أول لبنة وضعت لتشيدها كصرح علمي أكاديمي في هذه البقعة من الأرض المباركة)- اسم اليرموك الخالدة؛ نقف معا لنستذكر رجالات اليرموك من معركتها العظيمة التي طهرت ثرى الأردن من رجس المغتصبين، إلى يومنا هذا، أولئك الرجال الذين روت دماؤهم الطاهرة ثرى الوطن، ودافعت عن ترابه، وحمت بيضته، وصانت وحدته من كل من سولت له نفسه محاولة النيل منه أو شق صف أهله الطيبين، الذين لا يعتدون، ولكن إذا اعتدي عليهم فهم ينتصرون.

في هذا اليوم نستذكر علي الرحابنة الذي ما تلكأ يوما أن يصدح بصوته المبحوح الذي نعرفه جيدا، مدافعا ليس فقط عن حقوقه الشخصية، وإنما عن مكتسبات زملائة، واضعا نصب عينيه شعارا لا يقبل المساومة، حتى وإن حاول البعض مرارا أن يخوّفه بدفع ثمن مواقف الرجولة التي آثرها علي مقابل الظفر بمكتسبات آنية لا تسمن ولا تغني من جوع. لقد وضع الرجل نصب عينيه مهمة حماية مؤسسات الوطن لتبقى تتقدم إلى الأمام لا أن تتراجع إلى الوراء، حتى لا تكون جسرا يعبر من خلاله كل من لا يزيد اليرموك رفعة وتألقا متى جلس على كرسي القيادة فيها. فلقد كان صوت علي مجلجلا بأن اليرموك ليست للمقايضة بأي ثمن، ولا هي صفقة تجارية للتكسب أو الربح غير المشروع.

في هذا اليوم من أيام أيلول نستذكر سنبلة وقد حصدت من قيض الصيف الحارق، لكنها كانت سنبلة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة، ستزرع – لا محالة- في الأشهر التالية، لتنبت حقلا من السنابل في ربيع عامها المقبل بعد أن ينهمر عليها ماء السماء برحمة من ربها وبركات منه.

في هذا اليوم الأغر، يجتمع زملاء علي الرحابنه الكرام وزميلاته الفاضلات ليقولوا بصوت واحد أننا اليرموك، لا تقسّمنا الخلافات مهما تباينت وجهات النظر، ولا تفرقنا الظروف مهما قست، فالموت أكبر من أي خلاف بيننا مهما عظم. واللحمة بين أبناء الوطن هي السد المنيع في وجه كل من تسول له نفسه التغول على مؤسسات الوطن التي بناها الأردنيون بسواعدهم التي لا تلين، وبعرق جباهم التي لا تنحي إلا لبارئها - رب السموات والأرض وما فيهن.

في هذا اليوم نقف صفا واحدا لنمرر الرسالة واضحة وجلية بأن صوت علي - الذي قد وري جثمانه الطاهر تحت الثرى - ما يزال صداه مجلجلا في آذاننا، وأن صوت علي الأصيل أقوى من كل جعجعة يجلس مطلقها على الكراسي الفارهة الوفيرة، ويمسك بيده أجود أنواع مكبرات الصوت. فكلمة الحق لا تغطيها طبقة من تراب، وصوت الباطل لا ترفعه قنوات التواصل مهما عظم جمهورها، وغلت أثمانها. ولنذّكر المسؤل فينا بأن أعراف المجتمع الأردني وتقاليدة الراسخة مقدمة على سلم اولياته مهما كانت مآربه الشخصية وأطماعه الآنية. فواجب العزاء بيننا مقدس حتى لو عصفت بنا الأمواج في أعالي البحار. وليتذكّر الجميع أن البذرة البسيطة، والنبتة الخضراء القصيرة لا تقتلعها الرياح العاتية التي لا محالة ستنزل القمم العالية متى ما كان السوس قد نخر بطنها وأيبس طلعها.

في هذا اليوم نقدم العزاء لأنفسنا بخسارة علي كزميل كريم لنا جميعا، لكن يخفف علينا وطء المصاب – على جلالته - أن يقف بيننا اليوم آدم علي الرحابنة، هذا الفرع النبيل الذي نبت من تلك الشجرة الأصيلة، ليكمل مسيرة والده، وليسير بثبات وهمة على خطاه. فنحن على يقين بأن الفرحة ستكون عارمة في صدر علي الذي ضاق بأنفاسه الأخيرة عندما يشتد ساعد آدم وإخوانه، ليكون في أحسن حال كان علي يتمنى أن يراهم عليها. وأن صدر علي لا محالة منفرج وهو على يقين بأن اليرموك لن تترك بناته وأمهم في محنتهم تلك دون عون ولا مدد. فاليرموك – يعلم علي يقينا - تقدّر المخلصين من أبنائها، وتعنى بأن تحيا بناته في ستر من الله لا ينكشف مادامت شعلة اليرموك متقدة.

في هذا اليوم نعزي أسرة علي الضيقة وعائلته الممتدة، لنقول لهم: "نحن معكم حتى تبقى أغصان الشجرة التي زرعها علي خضراء يانعة، فالوطن بقيادته الرشيدة قد أخذ العهد، وأنفذ الوعد، بأن يئوي اليتيم حتى يشتد عوده، وأن يضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه التغول على حقوق أبناء الوطن وبناته. فنقول لأهل علي: رحم الله ميتكم وأحسن الله عزاءكم، لكننا نقف اليوم وإياكم لنقول أمام تقدير الله وقضائه: إنا لله وإنا إليه راجعون.

حمى الله الأردن عزيزا كريما في ظل قيادته الهاشمية الرشيدة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

8 أيلول 2025



كلمة السيد منتصر الرفاعي

> بسم الله الرحمن الرحيم

أهل الفقيد علي الرحابنة وذويه الأعزاء،
الزملاء الكرام، والزميلات الفاضلات - أسرة جامعة اليرموك

السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته:

في هذا اليوم نستذكر علي الرحابنة الذي لم يرضخ يومًا، وكان صوته عاليًا دفاعًا عن الحق، ولم يقبل بالمساومة على مبادئه. كان منحازًا دومًا لزملائه وللجامعة التي أحبها، وكان يرى أن اليرموك ليست صفقة ولا مقايضة.

لقد كان فقيدنا الكبير رجلاً حقيقيًا بمعنى الكلمة، لم يساوم، ولم يبحث عن مكاسب شخصية، بل عاش منحازًا للجامعة وأبنائها، ومدافعًا عن العدالة والحق. وكان صوته الحر شاهدًا على زمن أراد فيه البعض تغييب الكلمة الصادقة وتلميع الباطل.

إن غياب إدارة الجامعة عن واجب العزاء اليوم مؤلم حقًا، لكنه لا يقلل من قيمة الوفاء الذي عبر عنه زملاء الفقيد وأقاربه وطلابه، الذين حضروا ليقولوا: نحن أوفياء لمسيرة علي، وماضون على خطاه.

رحم الله الدكتور علي الرحابنة، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد