الأصوات المهدورة وتراجع نسب المشاركة أبرز تحديات الانتخابات

mainThumb

24-09-2025 02:48 PM

السوسنة - نظم مركز القدس للدراسات السياسية بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور مائدة مستديرة لمناقشة نتائج انتخابات مجلس النواب العشرين وانعكاساتها على مسار التحديث السياسي. شاركت فيها نخبة من السياسيين والباحثين وممثلي الأحزاب، وشهدت عرضاً لأبرز نتائج دراسة متخصصة أجراها المركز لانتخابات 2024، إلى جانب نقاش موسع حول قانوني الانتخاب والأحزاب وتجربة العمل الحزبي في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة.


أكد مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، أن الانتخابات النيابية تكشفت عن جملة من الدروس التي تتطلب معالجات جدية، في مقدمتها تراجع نسب المشاركة وارتفاع حجم الأصوات المهدورة. وأوضح أن نسب الاقتراع التي تراوحت بين 29% و32% تعد مقلقة، داعياً إلى رفعها إلى 50% في الاستحقاقات المقبلة من خلال جهد وطني مشترك يضم الدولة والأحزاب والمجتمع المدني، باعتبار أن الوصول إلى هذه العتبة أمر ممكن.


وأشار الرنتاوي إلى أن نحو 300 ألف صوت ذهبت هدراً، بينها ما يقارب 260 ألف ورقة بيضاء، ما يستدعي البحث عن آليات تقلّص حجم الأصوات غير الممثلة في البرلمان. كما لفت إلى إشكالية التمييز بين التصويت الحزبي والتصويت العشائري أو العائلي، واصفاً إياها بأنها "معضلة بحثية" تعيق تقييم الوزن الحقيقي للأحزاب. وتوقف عند تأثير عتبة الحسم التي شجعت بعض التحالفات وأعاقت أخرى، مؤكداً ضرورة التزام مؤسسات الدولة بالحياد الكامل تجاه جميع الأحزاب، إلى جانب تمكين ذوي الإعاقة والمغتربين من المشاركة عبر ترتيبات عملية كتخصيص مراكز اقتراع في السفارات أو إنشاء "ميغا سنتر" للتصويت عن بُعد.


من جانبه، أكد الممثل المقيم لمؤسسة كونراد أديناور في الأردن، الدكتور إدموند راتكا، أن نجاح المبادرة الملكية لتحديث المنظومة السياسية يتطلب متابعة وتطويراً مستمرين من قبل الأردنيين أنفسهم، سواء عبر الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني أو مراكز الدراسات.


وأشار إلى أن المؤسسة تعمل في الأردن منذ أكثر من أربعين عاماً في مجالات التربية المدنية والتحليل السياسي والحوار العالمي، وأضاف أن التجربة الديمقراطية الأردنية تحظى بمتابعة واهتمام على المستوى الدولي، لافتاً إلى أن التحولات الديمقراطية تمثل تحدياً مشتركاً تواجهه دول عديدة. وختم بالتأكيد أن هذه القضايا تبقى شأناً أردنياً داخلياً، مع التزام المؤسسة بدعم مسيرة التحديث والإصلاح.


شهدت الورشة نقاشاً موسعاً بين المشاركين الذين توقفوا عند عدد من أبرز التحديات التي أفرزتها الانتخابات. ودار جدل واسع حول نظام القوائم؛ حيث رأى مؤيدو القائمة النسبية المفتوحة أنها تمنح الناخب حرية أوسع في اختيار المرشحين، وتتيح منافسة حقيقية بين الأسماء داخل القائمة، ما يدفع الأحزاب إلى ترشيح شخصيات قوية وقادرة على إقناع الشارع. وأكدوا أن هذا النظام يقلل من ظاهرة "الحشوات" الانتخابية التي كانت تُدرج فقط لاستكمال القوائم، ويقلص من مفاعيل "المال السياسي" ويساعد الأحزاب على بناء التحالفات والائتلافات، كما أنه يمنح الناخب شعوراً أكبر بالمشاركة المباشرة ويعزز ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية. واعتبر البعض أن اعتماد القائمة المفتوحة يشكل خطوة نحو تمثيل أعدل وأكثر شفافية.


في المقابل، حذّر آخرون من أن القائمة المفتوحة قد تعيد إنتاج التصويت العشائري والشخصي على حساب البرامج والأفكار، وهو ما يضعف الحياة الحزبية، إلى جانب النقاش حول القوائم، أثار المشاركون قضايا جوهرية أخرى مثل الأصوات المهدورة وآليات معالجتها عبر تبادل الأصوات بين القوائم أو تشجيع الائتلافات الانتخابية. كما طرحوا قضية نظام المساهمة المالية للأحزاب، معتبرين أن المبالغ المخصصة حالياً قليلة ولا تتيح للأحزاب القيام بدورها في التواصل مع الناخبين وتنظيم الأنشطة، ودعوا إلى مراجعة هذا النظام بما يضمن تمويلاً عادلاً وكافياً يعزز قدرة الأحزاب على العمل المؤسسي والمنافسة ببرامج واضحة، ومن بين التوصيات المطروحة، تمكين الأحزاب من استثمار مواردها في مشاريع مدرة للدخل.


وانتقد عدد من المشاركين شرط وجود ألف عضو لتأسيس الحزب، معتبرين أنه يقيد حرية التنظيم السياسي ويضع عراقيل أمام الأحزاب، فيما يجب أن يبقى تأسيس الأحزاب حقاً مكفولاً دون قيود، سوى أن تكون أهدافها مشروعة ووسائلها سلمية، وأن يجري التشدد في إنفاق المال العام والحصول على التمويل من الخزينة العامة. كما دعا المتحدثون إلى توسيع فترة الدعاية الانتخابية خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لما لها من أثر في بناء حضور مبكر ومستدام للأحزاب وقياداتها ومرشحيها بين الناخبين.


وفي الختام، أجمع المشاركون على أن القوانين الانتخابية بطبيعتها انتقالية وقابلة للتطوير، وأن معالجة التحديات القائمة تتطلب جهداً وطنياً شاملاً يضمن أن تكون الانتخابات المقبلة أكثر عدالة وتمثيلاً وفاعلية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد