المبادرات الملكية السامية – الورقة النقاشية الخامسة لجلالة الملك

mainThumb

29-09-2025 09:51 AM

يعد كتاب "ملك وشعب" الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر منجزا وطنيا هاما يوثّق المبادرات الملكية السامية الزاخرة بالخير والعطاء والإنسانية ضمن رحلة خيّرة لا ينضب عطاؤها بين ملك إنسان وأبناء شعبه. إن هذا الملف الإنساني والتنموي الذي يوليه جلالة سيدنا كل إهتمام حيث أسند أمر متابعته وتنفيذه إلى لجنة برئاسة معالي الأستاذ يوسف حسن العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ضمن فريق عمل مخلص وجاد ليعكس صورة إرتباط ملك رحيم تجلّت صفات الإنسانية بأجل صورها مع أبناء شعبه الأردني بروح تنم عن إنتماء ومحبة قائد لوطنه ولشعبه، وولاء ومبايعة شعب لقائده بصدق وإخلاص.

لقد تضمّن كتاب ملك وشعب "الأوراق النقاشية لجلالة الملك" التي بدأ جلالة سيدنا في إطلاقها بتاريخ 29/12/2012 حيث جاءت لتكون محفزا للحوار الوطني حول القضايا الكبرى التي تهم المجتمع الأردني مبّينا أن إرساء رؤية واضحة للاصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن هو من الأولويات التي نحرص على تنفيذها بهدف بناء التوافق وتعزيز مشاركة الشعب قي صنع القرار، وكذلك تحفيز حوار وطني حول مسيرة الاصلاح وعملية التحوّل الديمقراطي التي يمر بها الأردن بهدف بناء التوافق وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البنّاء حول عملية الاصلاح. هذه الأوراق التي تضمنت رؤية جلالة سيدنا لمسيرة الاصلاح الشامل في الأردن في مختلف المجالات.

وسأتناول هنا في المقال الحادي والعشرين (21) ضمن سلسلة مقالات قراءة في كتاب ملك وشعب "الورقة النقاشية الخامسة لجلالة الملك" التي وردت في المجلد التاسع حيث أعلن جلالة سيدنا يوم الأثنين بتاريخ 13/9/2014 بعنوان (تعميق التحّول الديمقراطي: الأهداف، والمنجزات، والأعراف السياسية) التي تضمنّت القيم والممارسات الديمقراطية الأساسية لتكون هاديا تتبناها وتطبقها جميع أطراف المعادلة السياسية عند قيامهم بأدوارهم ومسوؤلياتهم الوطنية تجاه مواطنينا الذين يستحقون دوما الأفضل من ممثليهم ومن الخدمات الحكومية التي تقدّم لهم حيث يقول جلالته " إن تعميق تحوّلنا االديمقراطي يتطلب شروطا أساسية لا بد من إنجازها ضمن مسارات متوازية ومترابطة، وقد ركّز أسلوبنا في تحقيق ذلك على إنجازات تمثّل محطّات نجاح للجميع"

تأتي هذه الورقة النقاشية الخامسة لإستكمال ما تمّ من المساهمة في النقاش الوطني حول عملية الإصلاح عبر سلسلسلة الأوراق النقاشية الأربع، التي تناول فيها جلالة سيدنا إيجازا للرؤية الإصلاحية وهدفها النهائي المتمثل في ديمقراطية أردنية متجذّرة وحيوية تركّز على ترسيخ متدرج لنهج الحكومات البرلمانية، تحت مظلة الملكية الدستورية معزّزا بمشاركة شعبية فاعلة، مع الأخذ بالإعتبار إن الأردن ماض بعملية الإصلاح السياسي رغم التحدّيات الإقليمية التي تحيط بالأردن وترهق إقتصادنا الوطني.

ويبيّن جلالة سيدنا، أن الأردن قد نجح في إيجاد ربيع أردني خاص رغم أننا نعيش في إقليم مضطرب، ومضى بلدنا في تسريع وتيرة الإصلاحات المبنّية على نموذج إصلاحي تطويري متدّرج يقوم على إشراك جميع فئات المجتمع في العملية السياسية، وتمكين المواطنين من القيام بأكبر دور ممكن في صنع القرار، وتعميق وتطوير منظومة القيم والممارسات والأدوار والأعراف حفاظا على زخم المسيرة الإصلاحية التي نسعى إلى تحقيقها بما يلبي تطلعات المواطن الأردني.

ومن أهم المحطّات التي تناولتها الورقة النقاشية الخامسة محطّة الإنجاز التشريعي الذي يمثل البنية الأساسية لأي نظام ديمقراطي، متضمنة إقرار تعديلات دستورية ترسّخ منظومة الضوابط العملية لمبادىء الفصل والتوازن بين السلطات لتعمل فيما بينها بفاعلية وتبقى مستقلة في ذات الوقت، وتعزّز الحريات، إضافة إلى محطّة الإنجاز المؤسسي التي تتضمّن إستحداث مؤسسات ديمقراطية جديدة ومنها إنشاء المحكمة الدستورية التي تختص بتفسير نصوص الدستور والرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، بما يضمن إحترام حقوق وحريّات جميع المواطنين وفقا للدستور.
كما تضمنّت، محطّات التطّور الخاصّة بأطراف المعادلة السياسية التي تتبنى مسار تحديد القيم والممارسات الجوهرية التي تقع في صميم الثقافة الديمقراطية وممارسات المواطنين، هذه القيم التي لا بدّ من تجذيرها في ثقافتنا ومجتمعنا حيث تشمل قيم الإعتدال والتسامح والإنفتاح والتعددية، وإشراك جميع مكوّنات المجتمع وإحترام الآخرين وإحترام سيادة القانون وصون حقوق المواطن. وأن تبنّي هذه القيم والممارسات وتطبيقها يقع على عاتق جميع أطراف المعادلة السياسية (الملكية الهاشمية، مجلس الأمة، الحكومة، الأحزاب السياسية، المواطنين)، كل حسب الدور المناط به.

ولم تنس الورقة النقاشية الخامسة الدور الهام الذي تضطلع به مؤسسات المجتمع المدني ومن ضمنها الجامعات ومراكز الدراسات والقطاع الخاص، لتأخذ مسوؤليتها ولتساهم في إنتاج الأفكار والأبحاث وإتاحة أدوات إبداعية جديدة تشجّع ممارسات الحوار، والتطوّع والمساءلة والشفافية والحق في الحصول على المعلومة، وتوسيع حجم المبادرات الناجحة التي تقدّم حلولا للتحديات التي تواجه بلدنا حاضرا ومستقبلا.

ويؤكّد جلالة سيدنا في هذه الورقة، أن النجاح في الوصول إلى الهدف النهائي للإصلاح مرهون بقيام جميع أطراف العملية الإصلاحية بمسوؤلياتها وأدوارها والإرتقاء بها، وبترسيخ القيم والممارسات الديمقراطية، وتحقيق مستويات النضج السياسي الضروري لإنجاز متطلبات كل محطة إصلاحية. كما أن إحتضان هذه القيم والممارسات الديمقراطية والإستمرارية في تطويرها، هو مسوؤلية جماعية والعمل على تجذيرها ضمن منظومة قيمية وتربوية وتشريعية عبر حملات التوعية والمناهج، وتمكين المؤسسات الوطنية من أجل صون هذه القيم والممارسات، إضافة إلى إعطاء الأولوية لدعائم المستقبل التي تقوم على الأمن والديمقراطية والرفاه حيث يعتمد كل منها على الآخر، ليمضي بلدنا بثقة في مسار التنمّية السياسية الذي إنتهجه رغم التحديات الراهنة التي تمثل واقعا ضاغطا على ما نسعى إلى تحقيقه بتعاون كافة مكونات الدولة ضمن إطار الدستور، إضافة إلى تركيز كل الجهود التي تدفع بعجلة الإقتصاد الوطني الذي يواجه أعباء هائلة من أجل بناء نموذج إقتصادي ومستدام، يسعى لتحسين مستوى معيشة أبناء الوطن ضمن رؤية إقتصادية وإجتماعية تحقّق متطلبات الرفاه والأمن والعيش الكريم في بلدنا.

نعم، إنه الفكر الملكي الهاشمي الذي يضع استراتيجيات ورؤية للمستقيل التي تضمنتها الأوراق النقاشية لجلالة الملك التي جاءت تحفيزا للحوار الوطني من أجل النهوض في أردننا وتحقيق المزيد من الإصلاحات وإنجاز محطّات إصلاحية قادمة في مسيرة بلدنا الديمقراطية، إضافة إلى منظومة عمل جادة تعمل بضمير مؤسسي مسؤول الذي أنجزه الديوان الملكي الهاشمي العامر بيت جلالة سيدنا وبيت الأردنيين جميعا، يرافق ذلك جهود تقوم على الإخلاص والتفاني في العمل في ظل مجتمع متكافل واحد موحّد ومتماسك يزرع بذور الخير والعطاء والإنسانية، برعاية وإهتمام جلالة سيدنا الملك الإنسان عبد الله الثاني بن الحسين أعز الله ملكه القدوة لنا جميعا في الإنجاز والعمل وللحديث بقية.
• أستاذ جامعي وكاتب/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية حاليا
• عضو مجلس أمناء حاليا
• عضو مجلس كلية الدراسات العليا في جامعة اليرموك حاليا
• عميد كلية الصيدلة / جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك سابقا
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس ساب



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد