الإصلاح في خطاب الملك: رؤية متجددة لبناء دولة الكفاءة والمسؤولية

mainThumb

29-10-2025 11:25 AM

جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني الأخير ليؤكد أن الإصلاح في الأردن ليس شعاراً يُرفع، بل نهج وطني راسخ يستند إلى رؤية ملكية متجددة تستشرف المستقبل وتواكب تطلعات الدولة الأردنية الحديثة. لقد حمل الخطاب رسائل واضحة ودقيقة، شددت على أن الإصلاح بمساراته السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية هو السبيل لترسيخ دولة الكفاءة والمسؤولية، دولةٍ قوامها المؤسسات الفاعلة والمواطن الواعي المشارك في صناعة القرار.
فمن الناحية السياسية أكد جلالة الملك أن الإصلاح السياسي لا يُقاس بالشعارات، بل بالممارسة والمسؤولية الوطنية، داعياً إلى ترجمة هذا الإصلاح إلى مشاركة فاعلة للمواطنين في الحياة العامة عبر أحزاب برامجية تعبّر عن هموم الناس وتتبنى حلولاً واقعية نابعة من المصلحة الوطنية العليا. وفي السياق ذاته، شدد جلالته على أن الديمقراطية ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لبناء الثقة بين المواطن والدولة، وإرساء ثقافة الحوار والمساءلة كدعائم للحكم الرشيد والتمثيل الحقيقي.
وفي محور الإصلاح الإداري، قدّم جلالته تشخيصاً دقيقاً للتحديات المزمنة التي تعيق تطور الجهاز الحكومي، وفي مقدمتها البيروقراطية والجمود الوظيفي. ودعا إلى تجديد الدماء وضخ الكفاءات، واعتماد معايير الأداء والإنجاز والنتائج أساساً للتقييم والتقدم الوظيفي. وأكد جلالته أن المرحلة المقبلة تتطلب إدارة حكومية عصرية تُدار بعقلية النتائج وخدمة المواطن، بعيداً عن التردد والروتين، فالإدارة الفاعلة هي العمود الفقري لأي إصلاح حقيقي.
وفي الشأن الاقتصادي، شدد جلالة الملك على ضرورة أن ينعكس الإصلاح على حياة المواطن بشكل ملموس، من خلال تحفيز الاستثمار، وتبسيط الإجراءات، وخلق فرص العمل، وتعزيز الطبقة الوسطى باعتبارها صمام أمان المجتمع. كما دعا جلالته إلى تكامل الأدوار بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، في إطار من الشفافية والمسؤولية المشتركة، لتحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص للنمو والإنتاج.
ولم يغفل الخطاب البعد الإنساني والاجتماعي، إذ أكد جلالته أن نجاح أي إصلاح يبدأ من الإنسان، ومن وعيه بدوره في حماية القانون، واحترام قيم المواطنة، والعمل بروح المبادرة والمسؤولية. فالمجتمع الواعي هو الركيزة الأساسية لدولة القانون والمؤسسات.
يمكن القول إن خطاب جلالة الملك شكّل دعوة وطنية جامعة لتجديد الثقة بين المواطن والدولة، وتحويل الإصلاح من وثائق واستراتيجيات إلى واقع ملموس يعيشه الناس في تفاصيل حياتهم اليومية.
لقد رسم جلالته خريطة طريق واضحة لمستقبل أردني أكثر كفاءة وعدالة وشفافية، عنوانها العمل الجاد وملموسية النتائج، بما يعزز مكانة الأردن كنموذج في الإصلاح المستدام والقيادة الحكيمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد