لماذا يضيفنا الغرباء على منصات التواصل الاجتماعي

mainThumb

21-11-2025 08:59 PM

في كل مرة تصلني فيها إشعارات بطلبات صداقة من أشخاص لا أعرفهم، أتساءل: ما الذي يدفع الغرباء لإضافتي على منصات التواصل الاجتماعي؟ هل هي صدفة، فضول، مصلحة، أم مجرد تفاعل عابر في عالم رقمي بلا حدود؟ قد يبدو الأمر بسيطًا، لكنه في الحقيقة يعكس تحولات عميقة في طريقة فهمنا للعلاقات والتواصل في العصر الرقمي.
منصات التواصل الاجتماعي لم تعد فقط وسيلة لتبادل الصور أو الأخبار، بل أصبحت ساحة ضخمة تجمع ملايين الأشخاص من ثقافات وخلفيات مختلفة. ومع هذا الانفتاح، أصبح من السهل أن نكون في دائرة اهتمام أشخاص لا نعرفهم شخصيًا. أحد الأسباب الشائعة وراء إضافات الغرباء هو الفضول البشري. فقد يرى أحدهم منشورًا لافتًا أو تعليقًا ذكيًا أو حتى صورة تعبّر عن نمط حياة يثير اهتمامه، فيقرر إضافتك ليراقب ما تنشره أو ليتعرّف أكثر على شخصيتك.
السبب الآخر هو توسيع الدوائر الاجتماعية والمهنية. كثيرون يعتبرون وسائل التواصل أداة لبناء علاقات قد تكون مفيدة مستقبلًا، سواء في العمل، أو في فرص التعاون، أو حتى في تكوين صداقات جديدة. في هذا السياق، لا تكون الإضافة بدافع الفضول فقط، بل نوع من “الاستثمار الاجتماعي” في شبكة العلاقات المستقبلية.
لكن لا يمكن تجاهل جانب النية غير الواضحة لدى البعض. فبعض المستخدمين يضيفون الآخرين لأهداف تسويقية أو ترويجية، سواء لمنتج، فكرة، أو حتى محتوى إعلامي. هناك أيضًا من يتعامل مع الإضافة كوسيلة لزيادة عدد المتابعين أو الظهور بمظهر الشخص المحبوب اجتماعيًا.
وفي المقابل، هناك من يضيف الآخرين بدافع الوحدة أو الحاجة للتواصل. في زمنٍ أصبحت فيه العلاقات الواقعية محدودة، يشعر البعض بحاجة للتفاعل حتى لو كان افتراضيًا. لذلك يضيفون أشخاصًا لا يعرفونهم، فقط ليملؤوا فراغًا عاطفيًا أو اجتماعيًا في حياتهم.
ومع ذلك، لا تخلو هذه الظاهرة من المخاطر. فقبول طلبات صداقة من أشخاص مجهولين قد يفتح الباب أمام اختراقات خصوصية أو محاولات تصيّد إلكتروني أو حتى سوء استخدام للمعلومات الشخصية. لذلك أصبح الوعي الرقمي اليوم ضرورة، لا خيارًا، فليس كل “متابع” صديق، ولا كل “إعجاب” يعني اهتمامًا حقيقيًا.
شخصيًا، تعلمت أن أتعامل مع طلبات الصداقة بميزان من الحذر والانفتاح في الوقت نفسه. فالتواصل الإنساني، حتى في فضائه الافتراضي، يمكن أن يكون جميلًا ومثمرًا عندما يبنى على الاحترام والتبادل الحقيقي، لا الفضول أو المصلحة فقط.
في النهاية، ربما يضيفنا الغرباء لأسباب كثيرة — بعضها بريء وبعضها غامض — لكن الأكيد أن تلك الإضافات تعكس جزءًا من طبيعتنا كبشر: رغبتنا الدائمة في رؤية الآخر، وفهمه، وربما الاقتراب منه، ولو من خلف شاشة صغيرة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد