الطريق إلى كاودا

الطريق إلى كاودا

07-12-2025 12:44 PM

حركة "عبدالعزيز الحلو" التي تحكمها قاعدة المصلحة، سعت إلى تحقيق وحدة إيديولوجية سياسية مع المليشيا المارقة، قوامها اعتراضها- كما تزعم- على سياسة التهميش، وأساليب القمع التي مارستها الأنظمة المتعاقبة في حق مكوناتها الاجتماعية، فهذه المزاعم، هي التي شكلت وجدان مشترك بين مليشيا آل دقلو "الإرهابية" وبين حركة "الحلو" التي" تدعي" أن الحق في السلطة، وتشكيل النظام السياسي في السودان، ليس أساسه القواسم المشتركة لأبناء الوطن الواحد، فمما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن حركة" عبدالعزيز الحلو" قد جنحت إلى فكر" التغريب" ودعت لتطبيق "الحداثة الغربية" ونقلها بحذافيرها كما هي، دون مراعاة لخصوصية المجتمع السوداني، المتعدد العرقيات والإثنيات، ونجد أن زعيمها" الحلو" بصنيعه هذا قد خلق "إشكالية فكرية" بينة وواضحة،"وتباين عميق" بين مكونات مجتمعه في" جبال النوبة" التي لم تسير بالتدريج -في عهده- نحو مدارج الرقي والتطور، وفي الحق أن حركته كانت تستند إلى ركائز ثابتة، تتعارض في توجهاتها مع مُبتغى تلك -الدولة العربية- التي تسعى أن يكون لها امتداد جغرافي متعدد، وعمق استراتيجي متكامل.
الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، لقّنتها قواتنا الباسلة، صاحبة الأنامل الندية في البذل، والساعد المجدول في العطاء، والذراع الرحبة في التضحية، درساً بليغاً لقوات الحلو، فهذه القوات صاحبة العقليات الضحلة الخرقاء، تداعت كأعجاز نخل منقعر في "العباسية تقلي بجنوب كردفان"، فتقاطرت جماهير تلك المناطق التي أطلت بقوامها السمهري، وثغرها الباسم لترمق بأعين ملؤها الحب والحنان، تلك الحشود التي جاهدت بالعزم، وجالدت بالصبر، وصاولت بالشمم، قواتنا المسلحة، التي لم يسجل لها التاريخ قط فراراً من وقعة، أو تول يوم زحف، أو نكوصاً في يوم كريهة، جابهت تلك المؤسسة العريقة التي عركتها الشدائد، شرذمة اعتادت التطاول على حرمة الأوطان، والسعي لإغراقه في حمأة الهوان، طغمة ذهبت الضغائن بعقلها، كما تذهب الريح العصوف بسحيق التراب، شذاذ آفاق صنعتهم الصهيونية البغيضة وأذنابها من عدم، لأمر عظيم، وخطب جسيم، مخطط لا أوخم مرعى، ولا أبعد مهوى، ولا أزيد في الشناءة منه، تبدى جلياً في ترويع الآمنين، وقتل المسالمين، ونهب الغافلين، فهؤلاء الذين يعيشون لتنفيذ مخططات الجامحة الحرون، والمتصدية العنون "دولة الشر"، رأيناهم قد اتخذوا طريقاً دامياً للوصول لبحبوحة الملك، فهم لم يجذبوا البسطاء والأعيان بالخطب الجوفاء، والأحاديث الممجوجة، كما لم يخلبوا الناخبين بوعود أنأى من الكواكب، وأبعد من الثريا، كما تفعل أحزابنا السياسية التي شاخ عودها، وخوى عمودها، وإنهار جُرف عزمها الصخاب، بل بجلب الفواجع التي تدمي العيون، وترمض الجوانح، وتوهي الأكباد، فمليشيا آل دقلو، وتلك الحركات التي سقاها الخبث الخالص، وغذّاها اللؤم المحض، وتعهدها العدو اللدود بالصون والرعاية، زادت من معرفتنا، وعظمت إحاطتنا، بالشفقة المكذوبة، والود المدخول، فالدول التي تتدعي أنها تحرص على السلام وتتهالك عليه، لم تجب بعد عن الكثير من أسئلتنا العصية، فمن الذي وحد هذه الحركات التي كانت تعاني من التمزق والشتات؟ من الذي أمدّها بالأسلحة والعتاد؟ من الذي روض أقطابها على الصلف والعناد؟ من الذي امتهن كرامة شعب؟، وأشاع في سوحه الروع والتمزق والشتات؟.
إنّ الحقيقة التي لا يرقى إليها شك، والواقع الذي لا تسومه مبالغة، أن قواتنا المسلحة، والقوات المشتركة والمساندة، والمجاهدين الأتقياء الأنقياء، هم الذين حصروا هذا التطاول والغرور في ركن قصي، ففي "تبسة، الدامرة، الشاواية، الجبيلات، السنادرة وغيرها"، تلك البقاع التي ارتعشت فيها الأيدي، واصطكت الأرجل، وأطّت الأضلاع، وارتجت الأسماع، وانخذلت المتون، فرّ عنها من زعزع القلب المطمئن، وأضنى النفس الأبية، بعد أن أزهق الأرواح، وعبث بالحرائر وسط المروج الخضراء وبين أفنان الخمائل، في "الدامرة" رخاوة العود، وبهجة الوجود، وراحة الذهن المكدود، يأتي مدعي البطولة والنضال الذي اغتصب المال من عرق الكادح، والقوت من عصب الفقير المعدم، ثم لا يرى الأحمق الغنيمة إلا في حصد الشهوات، وإشباع النزوات، والثناء الباقي إلا في جز الهامات، وسفك الدماء ليجري في القنوات.
لقد طال عناؤنا، وعظم بلاؤنا أيها السادة، ولا أدري متى تخفت الأصوات، وتتئد الحركات، وتتزن الكلمات، التي تصيب قواتنا الباسلة في مقتل، فلولا هذه الجموع التي حسمت الداء، وداوت السقم، وبردت الغلة، لرسخ الفزع في كل نفس، وقرّت الخشية من "المليشيا الظبيانية" في كل ضمير، يجب أن نغرس في أفئدتنا فضيلة الثقة في قواتنا المسلحة، وننزع عن "الفرقة اثنان وعشرون بابنوسة" نبتة السوء التي زرعها أساطين الشائعات، وأبطال الأراجيف، الذين زعموا في صفاقة، أن قواتنا المسلحة قد تراخت قبضتها على الفرقة، وبسبب احتدام الصراع، وتصاعد حدته، فشلت قواتنا المسلحة في السيطرة على بابنوسة وتخومها، هذا الزعم الذي يحيط به الخطل من كل حدب وصوب، افتئات صارخ على الحقائق، فقواتنا المسلحة التي لم يكن المجد في واقعها المعاش محض صدفة، دفعت مليشيا الخزي والهوان لأن تلوذ بالفرار، بعد أن كشرت في وجهها المعاطب والخطوب، لقد أزالت حامية العرض والدين، ترهات "المدلسين" بفيض غامر من الحقائق البينة، وأطفأت "جمر الأرواح" بنصر كاسح ثمين، التحية لقواتنا المسلحة التي تسكب في ضمائرنا دوماً مقادير وافية من اليقين، والمجد والخلود لشهدائها، والخزي والعار لأعدائها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد