الداعية .. وعلي فرزات

mainThumb

16-08-2012 04:59 AM

 فاجأ الرسام السوري العالمي «علي فرزات» زوار صفحته على موقع «فيس بوك» حين أدرج بيانا أصدرته إحدى كتائب «الجيش السوري الحر» تحذر فيه من الصحافية اللبنانية وفيه أن الموفدة هي لبنانية «شيعية» من أتباع حزب الله والنظام السوري ويجب على الجيش الحر الحذر منها، لأنها ترسل في تغطيتها إحداثيات حول الجيش الحر ليستفيد منها النظام.

 
أدرج فرزات البيان نفسه الذي تبناه أيضا «الداعية» «موسى الغنامي» على موقع «تويتر» فانتشر الخبر نارا في هشيم أرض خصبة جاهزة لتقبل أي شرارة مذهبية. فهنا لا يغدو مهما إن كان ما انتشر يندرج في خانة التحريض السافر والكاذب، فالمهم أن نغذي أحقادا وأحكاما مسبقة وجاهزة.
 
هل هناك ما يثير أسوأ ما فينا هذه الأيام قدر انقسامنا حول الثورة السورية..
 
ليس الرجلان وحدهما من نشر الخبر «الفرية»، فقد فعل ذلك عشرات أسبغوا على الخبر إضافات عفنة ومريضة كثيرة. لكن المفارقة تكمن في المسافة التي يفترض أنها تفصل بين فرزات والغنامي، وفي الفعلة التي اشتركا فيها.
 
فإن كان نشر الداعية للخبر يبدو عاديا ومنسجما مع ما يفعله مروجو الفتن المذهبية من المتشددين إلا أن وقوع شخصية من وزن «علي فرزات» في الفخ نفسه فهو ما يثير الصدمة والخيبة معا.
 
بعد الحملة المضادة التي شنها ناشطون وصحافيون وثوار سوريون استنكارا للحملة التي طالت الصحافية وهي محترفة ملتزمة مهنيا وإنسانيا، عاد فرزات وسحب البيان من صفحته، لكنه برر نشره بالقول: إنه نشر الخبر مذيلا إياه بعبارة «للاطلاع والتأكد» متناسيا أن صياغة الخبر وجهل مطلقيه بالعمل الإعلامي وبدور الصحافي في تغطية الحرب وعدم معرفتهم الكافية بالشخصية التي شنوا الحملة ضدها أمر كاف من حيث المبدأ كي لا ينجر فرزات ويروج لمثل ما ورد في البيان المزعوم.
 
لا شك أن الثورة السورية ستبقى تفاجئنا وتذهلنا، فكما كشفت عن أروع ما في الحراك السوري من شجاعة ونبل وجمال، فهي تكشف لنا أيضا عفنا واهتراء يجب الإضاءة عليهما ومحاصرتهما حتى لا تتقوض الثورة وتبتلع نفسها.
 
العمل الصحافي في سوريا اليوم ليس نزهة، بل إن الحياة نفسها في سوريا هي تحد يومي على مدار الساعة يواجهه صغار سوريا قبل كبارها، وهذا يستدعي منا جميعا عدم الاستسهال تحت أي مسوغ.
 
نعم يتحمل النظام السوري وحده مسؤولية قصوى في العنف الحاصل والقتل والدم ومحاولات الاستدراج التي لا تنتهي لتحويل الثورة إلى حرب مذهبية، وهو لا يدخر وسيلة ليبلغ هذا الهدف، لكن بعد عام ونصف وكما يزداد النظام استشراسا باتت الأخطاء التي تحسب على الثورة كثيرة لا تبدأ باستهداف صحافية ولا تنتهي بذبح شبيح ورمي جثث من الأعالي.
 
وهنا على الثورة أن تتيقظ.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد