(أسر الوالدين) سكينة أم إضطراب

mainThumb

21-07-2013 04:34 PM

ما عاد قمحنا أخضر بالربيع، وما عاد ذهبي بموسم الحصاد.. ما عاد بعض الرجال حكام وأسياد في منازلهم، وما عادت بعض النساء أصيلات وينمو ربيع النخوة في نخاعهم.. أصبحنا نلاحق الحديث ونستمع لأمطار الرذالة وحشو الادمغة بفراغ الحروف..

 
 
في البلاد العربية سيطر على سكان هذه البقعة نمطية التفكير، وعولمة المشاعر، وزرع الحقول بالإمتثال الممنهج، من أبرز الظواهر الإجتماعية المنتشرة بالعالم ولا سيم بالوطن العربي ظاهرة أسر الوالدين كما يروق لي تسميتها والمتعارف عليها (بمأوى العجزة، أو دار المسنين)..
 
 
مجتمعنا يظهر إستنكاره من هذه الظاهرة التي أصبحت صورة جدلية عميقة بالإعتبار أن خدمة الوالدين بالشيخوخة رد لجميل تربية الطفولة، والبعض الأخر ينظر للظاهرة من وجهة نظر إيجابية بإعتبارها مريحة جدا وتخلص الرجال من فظاظة تصرفات الأبوين كما يرى البعض (بتخلص من النق والزق)، أو تريح من شكوى الزوجات ورفضهن خدمة الابوين، أو إحتضانهم في منازلهم، أو بالقرب منهم..
 
 
بنظر مثقفينا إبقاء الاباء بجانبهم نقص وإبتذال أو رجاحة بالمظهر وإنتقاص بريستيج، هل بوضع أبي وأمي بمأوى العجزة برستيج؟!!، أي قلب تملك أنت، وأي قلب تملك هي.. أمي نبضي وندائي أن وجعت، أبي قبلتي وحبي أجمل كوكب بالمجرة أبي.. أصبحت السماء حبيسة من حمل الهموم بالشتاء، وأصبحت تجهض العتب والألم في الصيف.. أطرننا بتصرفاتنا لتقبيح الوجود، وكسونا الصباح غمام والمساء سقم..
 
 
مأوى العجزة ليس مكان قبيح لدرجة الرفض؛ فبعض كبار السن يصلح لهم هذا المكان.. نعم يصلح لمن فقد أبناءه ولا لم يجد حضن يحتويه أو سقف يحميه من أمطار الشتاء، مناسب لم إبتلي بالضياع والفقدان.. ولكنه ليس مناسب لرجل يملك رجال دون حياء، أو نساء دون حنان أو وفاء..
 
 
في اليابان تم تحديد يوم لإحترام المسنين وأصبح هذا اليوم عيد وطني بالنسبة لليابنين (هو يوم عيد وطني منذ 1966 وكان يقام في 15 سبتمبر، إعتبارا من 2003 فقد أصبح يتم الإحتفال به في يوم  الإثنين 3 من سبتمبر) بعض الثقافات تقدر كبار السن، وبعضها يحتقرهم.. من الصعب ان نتخلى عن إنسان نسجت خلايانا من روحه ونتركه بمأوى لا يملك فيه سرير أو علبة دواء..
 
 
بلغ عدد دور رعاية المسنين بالاردن تسع دور موزعه بكافة أنحاء المملكة، خمس منه تطوعي، وأربعة خاص عدد لا بأس به.. شهدت دور العجزة إرتفاعا من 268 شخص في 2007، حيث وصلت أعدادهم إلى 350 شخص لعام 2013 في أحد دور الرعاية بالاردن، في حين تقدر أعداد من هم فوق 65 عاما في الأردن بـ400 ألف مواطن..
 
 
يصعب علينا كأمة اسلامية تقبل رعاية المسنين بدور العجزة وكما قال تعالى في كتابه الكريم:(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)صدق الله العظيم. لذلك علينا تحمل هذه المرحلة والفوز برضى الله وبر الوالدين.. 
 
 
ولنتذكر دائما أن وجودنا، وسعادتنا، وحياتنا مرتبطة برضا الوالدين.. و عن أبو بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا؟) قالوا : بلى يا رسول الله قال : ( الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، و شهادة الزور) صحيح.
 
raboshql@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد