إرهاب وسكس ومؤخّرة كيم - جمانة حداد

mainThumb

03-03-2014 12:10 PM

تصوّروا، يا أصدقائي، لو عنونتُ مقالي هذا"أزمة الهوية في الأدب العربي"أو" تخيلات بورخيس في أعمال خوليو كورتاثار." كم منكم، ومنكنّ، صدقاً، كان ليضغط على الرابط لقراءة ما كتبت؟

لا أطرح هذا السؤال لأستخفّ بكم وباهتماماتكم، ولا لأعبّر عن يأسي من موضوعاتٍ ثقافية جليلة، أعلم تمام العلم أنّ لها جمهورها ومحبيها ومتابعيها، ولو كانوا قلة، لكنهم القلّة المباركة. إذا كنتُ أطرحه، هذا السؤال الاستفزازي، فلكي أتناول مسألة موضةٍ كاسحة في زمننا، لا يقف في دربها شيء على ما يبدو: لا الفكر، ولا التحليل، ولا العِلم، ولا الفلسفة، ولا سواها من المجالات التي تشكّل تغذيةً جوهرية للعقل والروح.

الموضة المذكورة تعكسها احصاءات محركات البحث على شبكة الانترنت، ليس في لبنان فحسب، ولا في العالم العربي في شكل خاص، بل في العالم كله بلا استثناء: إذ تعلمنا هذه الإحصاءات أن الموضوعات الأكثر إثارة للانتباه والاهتمام لدى القراء"الرقميين"هي تلك التي تتطرق الى تفاصيل الحياة الجنسية أو العاطفية لمشاهير الغناء والسينما، ومنها مؤخرة كيم كارداشيان (هل هي طبيعية أم مفبركة؟ تبيّن الأرقام أن الجواب قد يكون مسألة حياة أو موت)؛ ولسان مايلي سايروس الممدود في معظم صورها؛ واسم المومس التي فقد معها جاستن بيبر عذريته.

أما احتمال ان تكون شاكيرا وريهانا على علاقة مثلية ساخنة، فنجّنا يا"غوغل"من القلق المصيري، واعطنا جواباً شافياً كفاف يومنا. الموضوعات الثلاثة الوحيدة التي “زمطت” من الموجة وتمكنت من احتلال الصدارة على رغم خلوها من المقدمات والمؤخرات، هي الرياضة (تحديداً كرة القدم) التي لها أربابها؛ والتكنولوجيات المتعلقة بالهواتف الذكية؛ واخيراً وليس آخراً، كل ما يتعلق بالإرهاب: تفجيرات، إنتحاريون، تهديدات، تفخيخات، وهكذا.

لم أفاجأ حقاً عندما قرأتُ أن كلمة “سكسي” كانت الأكثر بحثاً في العراق سنة 2013، وأن مصر تحتل المرتبة الرابعة عالمياً بين الدول الباحثة عن كلمتي sex وfuck.

يعني ذلك، في ما يعني، أنه يكفي أي إنسان أن يضع في عنوان مقالة أو نص كلمات ترتبط بالموضوعات المذكورة أعلاه، لكي يكسر الأرقام القياسية للقراءة."شو هالآخرة الفاخرة"، قد يقول المحلل السياسي أو الناقد الفني الفذّ، وسيكونان على حق. وقد يحصّلان 3"لايكات"على مادة أخذت منهم جهداً ووقتاً، في مقابل ألف"لايك"على خمسة أسطر حول"الرعشة: كيف ولماذا."

الحلّ؟ ربما في عناوين من نوع:"سكس في البيان الوزاري."

"فكّروا فيها."

 

* النهار اللبنانية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد