الكتابة ومتاعبها
كتب الروائي الجزائري بشير مفتي في صفحته على فيسبوك، أنه أصدر حتى الآن ثلاث عشرة رواية، وثلاث مجموعات قصصية، وكتب مقالات كثيرة، ونصوصا مختلفة، وترجمت له أعمال للفرنسية، وإنه أصدر بداية هذا العام رواية جديدة، لم يهتم بها أحد على الإطلاق، كأنها لم تصدر. فلا قارئ أبدى فيها رأيا ولا جهة دعته للحديث عنها أو مناقشتها، ولا جامعة طلبت منه تقديمها للطلاب، هكذا.. مما يؤكد أننا نعيش في زمن بائس.
ما كتبه بشير ليس جديدا، ولا هو غير معروف، فكل العاملين في مجال الكتابة يمرون بهذا الزقاق المعتم، الذي يبدو بلا نهاية. الناس يكتبون ويتلاشى إبصارهم في مطالعة شاشات الكومبيوتر، وفي قراءة الكتب التي يأتون منها بالمعرفة، ويسعون بعد ذلك لإيجاد ناشر يؤمن بالكتاب، وغالبا يعثرون على ناشر يبحث عن ربح سريع، بغض النظر عن مكانة الكاتب، وتاريخه وما قدمه للكتابة، ويعتبر الكتاب أنفسهم ناجين، إذا ما نشرت كتبهم من دون أن يدفعوا لأحد.
وحتى في الأزمان الأكثر رخاء، حين كانت الكتب وحدها أداة ترفيه تتنقل بك من زمن إلى زمن، ومن حكاية إلى حكاية، لم يكن ثمة انبهار كبير من السلطات القائمة على أمر الثقافة، ونادرا جدا ما يدعى كاتب لإقامة أمسية هنا أو هناك، وحين تتم دعوة شاعر أو كاتب للقاء طلاب في إحدى الجامعات، يتم التدقيق في هويته، وأفكاره، ومدى صلاحية لسانه للحديث في ندوة عامة، وفي الغالب تلغى الدعوة.
وأذكر أن كنا مدعوين لإقامة ندوة شعرية في ناد ثقافي، اجتماعي، في العادة مليء بالناس، وثمة دعاية كثيفة تؤكد لنا، أن الندوة ستنجح. ذهبنا إلى الندوة، حاملين دفاترنا وآمالنا، كنا ثلاثة شعراء وشاعرة، جلسنا ساعة بعد موعد البدء المسجل في كروت الدعوة، ولم يحضر أحد، والأشخاص الذين كانوا موجودين دائما في المكان، يلعبون الطاولة والكوتشينة، ظلوا في أماكنهم وصراخهم، ومكاسبهم وخساراتهم، لم يتحرك منهم أحد، ليرى ماذا يقدم هؤلاء الشعراء الذين اقتحموا أمسيتهم. وفي النهاية جلسنا نقرأ أشعارنا على أنفسنا أحد الأركان، وجاءتنا فتاة متأنقة تمشي على مهل وتسأل: كانت هنا أمسية شعرية، هل انتهت؟
وبالرغم من أن كل معارض الكتب العربية، تحرص على وجود فعاليات مصاحبة للمعارض، فيها أمسيات شعرية، وندوات لمناقشة أعمال فكرية وإبداعية، ويستضاف فيها مبدعون لهم تجارب عظيمة، إلا أن حضور هذه الفعاليات ليس قويا بدرجة يمكنك أن تفخر به، وأحيانا يكون الحضور لأشخاص بعدد أصابع اليد الواحدة. وقد كنت مرة في معرض الشارقة الكبير والغاص بالزوار، وذهبت مع أحد الزملاء لحضور ندوة عن الترجمة، وفوجئت أن المحاضر، وكان اسما كبيرا في مجال الترجمة، يتحدث بحماس، ولا يوجد سوى صحافي يتابع، ومصور يصور، ومقاعد خالية.
إضافة إلى عدم نشاط الناس ورغبتهم في حضور الفعاليات، قد تكون ثمة نواقص أو عيوب تنظيمية، كما حدث في ندوة كنت مشاركا فيها، في معرض القاهرة للكتاب، وكانت عن الكاتب الراحل بهاء طاهر، الذي أسميته عمّ الكتابة، نسبة لأبوته ورعايته، واهتمامه بكل كاتب مبتدئ لجأ إليه. كان ثمة مجموعة من النقاد، ومحبو الأديب الراحل، وحضور شحيح للغاية، لا يتناسب والندوة المهمة، لنكتشف بعد أن انتهينا وهبطنا إلى الطابق الأرضي، أن هناك رجال أمن من المنظمين، يقفون في الأسفل ومنعوا عشرات الناس من الصعود لحضور الندوة، كانوا غير مدركين ما فعلوا، ولم ينتبه أحد من المنسقين لإفهامهم.
وفي معرض خليجي كبير، أظنه معرض أبو ظبي، كنا على موعد مع القراء لمناقشة تجاربنا أنا وروائيين آخرين، وكانت الندوة التي سبقتنا لواحدة تتحدث عن التنمية الذاتية، وتلك الأوهام التي غزتنا منذ فترة، وراجت وما تزال رائجة حتى الآن. وقد دخلنا في نهاية الندوة وكانت القاعة كبيرة وممتلئة جدا، وعثرنا على أماكن بصعوبة، وبالرغم من انتهاء زمن محاضرتها، إلا أن السيدة استمرت في الحديث وعرض التجارب الناجحة، والخاسرة، وإمكانية أن تنهض بنفسك، وأن تجلس بحساب وتنام بحساب، وتشرب قهوتك بلا سكر، لأن السكر يأكل المخ. لتمرّ نصف ساعة من زمننا نحن، ولا يتبقى لنا سوى نصف ساعة، تقاسمناه نحن الثلاثة، وسط جمهور شحيح، لأن الجمهور الذي كان يزحم القاعة، جرته سيدة التنمية الذاتية خلفها حين خرجت.
شيء آخر يدل أيضا على عدم أهمية الثقافة رسميا، وأن لا أحد يفتقدها كما يفتقد كرة القدم مثلا، فقد اعتادت الصحف في عالمنا العربي، وحين يشتد الضغط الإعلاني بسبب وفاة شخص مهم، أو افتتاح مول تجاري، أو تهاني بقدوم الأعياد، أن تسحب المادة الثقافية، وتملأ صفحتها بتلك المواد الطارئة المربحة. لذلك لا يمكنك أبدا أن تتابع زاوية أسبوعية لكاتب تحبه، فهذه الزاوية تظهر إن ظهرت الصفحة الثقافية، وتغيب إن غابت.
وكنت منذ سنوات أكتب زاوية أسبوعية في صحيفة، وصادف أن مر شهر كامل لم تظهر فيه الصفحة الثقافية، وظلت مادتي راكدة في صفحة أضحت قديمة وماتت أخبارها. وحين خف الضغط وأصبح بالإمكان إيقاظ صفحة الثقافة، كلمني المحرر، قال: المبدع الذي كتبت أنه رحل منذ يومين، مضى أكثر من شهر على رحيله، رجاء تغيير المقال وإرساله اليوم عاجلا، فلم أفعل، ولم أكتب في تلك الصحيفة مرة أخرى.
أنا أتعاطف مع الروايات والقصص والدواوين الشعرية التي يقتل المبدعون أنفسهم لإنجازها، ولا يعثرون على من يحتضنها ولو مرة، لكن لا مجال لتغيير أي شيء، فالثقافة ليست أداة رسمية ولا شعبية حتى.
*كاتب من السودان
بتوجيهات ملكية .. رعاية فورية مباشرة لأسرة من ذوي الإعاقة
مهم بشأن امتحان التوجيهي التكميلي
انطلاق البرنامج التدريبي لإعداد الموازنات والتقارير الماليه للاحزاب
القبض على خلية إرهابية تابعة لداعش بداريا السورية
الأردن بالمرتبة 21 عالمياً في مؤشر نضج الحكومة الرقمية
الفضاء الأزرق .. والصداقات الوهمية
الماجيستير لــ عمر سعدي محمد طه
البدور يؤكد أهمية تعزيز الجاهزية الوطنية للأوبئة بالمملكة
مطالبة بحذف الوحدة الرابعة من مادة الاحياء لطلبة مواليد 2008
استيطان جديد في الضفة الغربية يفاقم الصراع
مدرب الفراعنة: معنويات صلاح عالية وسيعود أقوى
مدعوون للتعيين وفاقدون لوظائفهم في الحكومة .. أسماء
ماسك ينشر قائمة الدول الأكثر توقيفا لمعلقين على الإنترنت
عندما تصبح الشهادة المزورة بوابة للجامعة
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي والبحرية الأردنية .. تفاصيل
طريقة لزيادة عمر بطاريات الهواتف الذكية
أبرز مواصفات الهاتف المنتظر من Realme
الصناعة توافق على استحواذين في قطاعي الطاقة والإسمنت
الأردن يوقع اتفاقيتي توسعة السمرا وتعزيز مياه وادي الأردن
إحالة مدير عام التَّدريب المهني الغرايبة للتقاعد
المملكة على موعد مع منخفض جوي جديد .. أمطار وزخات ثلجية وصقيع واسع ليلاً
تجارة عمان تدعو لإنشاء مجلس أعمال أردني -أذري
مهم بشأن الرسوم المدرسية للطلبة غير الأردنيين
الأردن يشارك في البازار الدبلوماسي السنوي للأمم المتحدة

