الأسد يفاوض معارضيه بالسوخوي الروسية

mainThumb

10-02-2016 08:37 PM

لا يعقل  أن يلجأ  ديكتاتور إلى التفاوض مع شعبه الذي ثار عليه  ، ‏وبات يطالبه  بالتخلي عن السلطة ، ولنا في التاريخ العديد من ‏الأمثلة  وفي المقدمة : الجنرال أوغستو بيونيشيه  في تشيلي، الذي ‏قتل واعدم الآلاف من أبناء شعبه ، ونيرون الذي أحرق روما عام ‏‏64 ميلادية ، وفيرديناند ماركوس الذي نهب  الفلبين ، حتى أن ‏خزانة  زوجته لحفظ الأحذية كانت تحوي أحذية أرستقراطية  تقيم ‏ميزانية  بلد بكامله ، وشاه إيران الذي لا يعلم احد كم المبلغ الذي  ‏سيطرت عليه البنوك السويسرية بعد وفاته .‏
‏ ولدينا أيضا نموذج صارخ من الديكتاتورية  هو الجنرال  ‏فرانسيس فرانكو – أسبانيا ،  وهناك أيضا  أحمد سوهارتو من ‏اندونيسيا.‏
‏ ومع ذلك فإن هؤلاء في معظمهم  لم يقاوموا  حراك شعوبهم التي ‏طالبت بعزلهم ، رغم أن التاريخ خلدهم  بجرائمهم التي إرتكبوها ‏بحق شعوبهم ، ومع ذلك لم يرفعوا شاعر "الأسد إلى الأبد ، أو ‏نحرق البلد.‏
ولو ان الرئيس بشار الأسد "داوى جرحه قبل أن يتسع " ، وحاسب ‏من تسبب في حادثة مدرسة درعا ، و"ضحّى"به ، لكان  أراح نفسه  ‏وأراحنا من تبعات  تلك الجريمة ، ولو أن أجهزة مخابراته  التي ‏كان يفترض منها أن تعمل لصالح الأمن والإستقرار ، نبهت إلى ‏عواقب السكوت على حادثة  مدرسة درعا ، لما غرقت سوريا  في ‏دماء أبنائها ، ونحترق نحن غما وقهرا وكمدا على سوريا التي كنا ‏نأمل ان تكون  مظلة إنقاذ ،  ولأ ن احدا ممن ذكرنا  لم يكن قلبه ‏على البلاد او العباد ، بل لتحقيق المصالح والشهوات ، ضاعت ‏البلاد والعباد معا ، وسيأتي يوم نقول كانت هناك بلد إسمها سوريا، ‏ومن  يتظاهرون بتاييد النظام في دمشق ، فإنهم يستحقون الشفقة ، ‏لأن بريقا ما   أعمى بصائرهم وأبصارهم عن الحقيقة  ، وهي أن ‏سوريا  غرقت وأغرقتنا معها ، وسيكون دمار الإقليم  قريبا  بسبب ‏العبث في سوريا ، وانا هنا لا أبريء أحدا من  سفك دماء الشعب ‏السوري ، ولا يفرحن أحد بالتدخل الروسي ، لأن النظام في سوريا ‏حاليا  أصبح تحت الوصاية الروسية ، فأي حكم وأي حرية  تحت ‏الوصاية ؟
أجد نفسي مضطرا للتذكير بالجوقة التي إستمرأت الحج المصلحي ‏إلى بغداد قبل الإحتلال ، إلى درجة أن رجال دين أقسموا للرئيس ‏الراحل صدام حسين  أنه صاحب الإشارات الواردة في النبوءات  ‏وأنه السفياني، وأنه من  أرسله الله لتحرير فلسطين ،  وعندما  ‏بدأت طائرات العدوان  تمطر العراق بوابل قنابلها ونيرانها ، ‏صمت الجميع ، حتى أن البعض شتم الرئيس صدام بعد أن تأكد من ‏إحتلال العراق ، ويقيني أن نفس النغمة تتكرر مع الرئيس بشار ‏الأسد ..هذا للتذكير فقط.‏
 
يقيني أن  بشار الأسد لم يستوعب حتى اللحظة أن الشعب السوري ‏، قد صحا  من "غفلته" وتخلى عن شعار  فرضه عليه  النظام ‏ومخابراته "منحبك"، و"إلى الأبد يا حافظ الأسد"، وهذا هو سر ‏تعنت الأسد ، وعدم  جنوحه للسلم مع شعبه.‏
عندما  نقف إلى صف الشيطان ، ونصبح من المحامين عنه ، ‏نلتمس للأسد في سوريا عذرا لكل مواقفه  المتعنتة  ضد شعبه ، ‏فهو كما أسلفنا لم يتخيل يوما أن  يعود الوعي إلى الشعب السوري  ‏، ويكتشف السوريون ان البلد تحول إلى مزرعة  إقطاعية  يحصد ‏خيراتها  آل الأسد وقراد الخيل ممن حولهم ، وهذا هو احد أسباب ‏ثورة الشعب السوري ضد ممارسات أجهزة المخابرات ، وكانت ‏سلمية في البداية ، لكن النظام حولها إلى عسكرية  ، وآخر ما ‏إستخدمه لقصف شعبه  هي البراميل المتفجرة ، التي أحالت  ‏التجمعات السكنية السورية إلى حطام ، وجعلت من الشعب السوري ‏نازحين ولا جئين  ينتظرون صدقات الجميع  .‏
يتخيل الأسد -  وفقا لنصائح أجهزة مخابراته  التي عاثت فسادا ‏وإفسادا في لبنان  منذ العام 1976 حتى العام 2005  ، بعد مقتل ‏رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري ، وطلب الرئيس الأمريكي ‏السابق بوش الصغير من الرئيس الأسد الإنسحاب  و"الآن"- أن  ‏الشعب السوري لم ينتفض ضده ولم يطالبه بالرحيل ، وأن ما ‏يجري هو  فعل قوى خارجية  تقمصت دور الشعب وتجنت  عليه ، ‏وإتهتمه  بالردة على نظامه الذي  أنعم عليه بكل الخيرات والنعم ، ‏وأعاد له  هضبة الجولان  ، وانه يعد العدة لتحرير فلسطين ، كونه ‏بعثيا يؤمن أن فلسطين هي القضية المركزية الأولى للعرب.‏
صحيح أن هناك جهات خارجية تدعم المعارضة السورية ، ولكن  ‏من الذي أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه ؟ وكيف يمكن لحاكم ‏حصيف عاقل سوي يحب شعبه ، أن يسمح  بهذا "الإنفلات "؟ ألم ‏يكن بوسعه  محاكمة من تسبب في أحداث درعا  والسيطرة على ‏الدائرة الضيقة ؟ كان بإمكانه لو كان حاكما  حقيقيا يحب شعبه أن ‏يفعل ذلك ، لكنه حاكم  لم ينتمي يوما لشعبه ، حتى أن  طائفته ‏العلوية  إستاءت كثيرا من تصرفاته ، وتظاهرت ضده رافعة شعار ‏‏"لك الكراسي ولنا النعوش"‏
نسي الأسد أنه هو نفسه  إستعان  بالخارج لتثبيت حكمه  وأول من  ‏قدم الدعم له مستدمرة إسرائيل ، وجاءت إيران   ومعها حزب الله ‏الذي نسي أنه حزب مقاوم  هدفه إلحاق الهزيمة بمستدمرة إسرائيل ‏،  كما أنه إستعان مؤخرا بالجوكر البلاتيني وهو روسيا ، التي ‏تواصل قصف الشعب السوري بالسوخوي ، ولذلك جق القول أن ‏بشار الأسد يفاوض معارضيه بالسوخوي الروسية ، بدليل أن  ‏مؤتمر جنيف3 لم يواصل إجتماعاته وتأجل صوريا إلى ما قبل ‏نهاية هذا الشهر.‏
سامح الله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي بلانا  بإثنين من ‏أبشع الحكام العرب  ، وهما  العقيد معمر القذافي الذب خلع عليه ‏لقب "أمين الأمة" ، وإكتشف فيما بعد أنه يهودي إبن يهودية ، كما ‏أنه  خلع لقب الأسد على حافظ "...." ، قائلا له "إيه دا يا راجل ‏معقول  يكون إسمك "...." ، روح بقيت أسد "، ومنذ ذلك الحين  ‏إعتاد الناس على إسم الأسد ، رغم ما كان يقال  تهكما وتندرا بعد ‏هزيمة حرب 1967 :أسد عليّ وفي الجولان نعامة.‏
مجمل القول أن الأسد غير جاد بالمفاوضات وليس معنيا  بوقف ‏معاناة شعبه ،  لأن حلفاءه ضمنوا له البقاء ، وسيتم تقسيم سوريا ‏لاحقا وإقتطاع إقليم للعلويين  يكون بطبيعة الحال تحت الوصاية ‏الروسية ، حفاظا على قاعدة طرطوس البحرية الروسية على ‏شاطيء البحر المتوسط.‏
أدعو المثقفين  والعلماء  أن يصدقوا مع  من يبتليهم الله بسوء ‏أعمالهم أو سوء نوايا الآخرين ، ألّا تصادقوهم لحاجة في نفوسكم ، ‏فوالله أن الصدق مع الناس هو من يجلب الرزق الحلال ، وهو الذي ‏يكرس الإحترام حتى عند الأعداء ، أما الإنتهازية  والكسب من ‏المتاجرة بالمواقف ، فوالله إنها لمخزية لأصحابها ، فليتق البعض ‏مما يفعلون


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد