إن المتابع للصراع العربي والإسلامي السياسي والقتالي الداخلي، سواء على مستوى الأنظمة والحكومات، أو على مستوى الفصائل والجماعات، يلاحظ اتهامات الفرقاء لبعضهم بعضاً بتهمة التحالف والعمالة والتنسيق مع الكيان الصهيوني وسياساته، فكل فريق يرمي الفريق المعارض له بأنه عميل وحليف لإسرائيل وأنه يتلقى الدعم والمؤازة منها.
ومن المعلوم أن إسرائيل تعني للجماهير العربية والإسلامية العدو الغاصب والمحتل المجرم، وليس لها قبول عند عموم الشعوب العربية والإسلامية، فهي الشيطان الأكبر والغدة السرطانية التي ابتليت بها الأمة، وهذا ما نؤمن به ونعتقده.
لذا يحاول كل فريق أن يضع خصمه في دائرة التحالف مع إسرائيل، لأنه بذلك يضمن الإساءة والتشويه للخصم ويؤلب الجماهير والرأي العام على خصمه ويفقده التعاطف والشعبية والقبول لدى الجماهير وهذا نوع من الحرب النفسية والجماهيرية يرمى بها الخصم فهي الطريق السهل للتشكيك بالمستهدف ولا يكاد يخلو فريق لم يرمي خصمه بهذه القضية.
ولكن الحقيقة التي ينبغي أن نعرفها جميعاً ويعرفها الفرقاء هي " سياسة المع والضد الإسرائيلة" والمقصود بها أن إسرائيل تسعى لتكون مع كل الفرقاء في صراعهم السياسي والقتالي ضد خصومهم وإلى جانبهم ومؤازرة لكل فريق ضد خصمه، وهي في الحقيقة ضد كل الفرقاء في حربها معهم فهي حرب لكل الفرقاء العرب والمسلمين وضدهم.
وليس لأحد من الفرقاء حذوة وقبول ومحبة عند إسرائيل ولن ترضى عن فريق منهم ولكنها تسعى لدعم ومؤازرة وتشجيع كل فريق ضد الآخر؛ ليتمكنوا من تصفية وإضعاف وتمزيق وتدمير بعضهم، فيكونوا بذلك أفرقة هزيلة ضعيفة متناحرة حاقدة وكارهة وناقمة على بعضها، الأمر الذي يعزز مكانة إسرائيل ويصب في مصلحتها، وهذا هو مركز الفشل والهزيمة للجميع، وتبقى إسرائيل هي الأقوى وهي المهيمنة والمسيطرة في المنطقة من غير أن تخسر رصاصة أو جندي إسرائيلي في مواجهتها وعدائها للأمة العربية والإسلامية وحسبنا من ذلك قوله سبحانه وتعالى" وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" ( الأنفال: 46).
ومما ينبغي معرفته، هو أن إسرائيل لا يقتصر عدائها فقط للعرب وللمسلمين، بل إن عقيدتها العداء لكل المجتمعات الإنسانية لأنها تعتبر نفسها وشعبها شعب الله المختار وينظرون إلى غيرهم من البشر على أنهم كلاب وخنازير وبهائم وأن فضل اليهودي على الناس كفضل الإنسان على البهيمة وبيوت غيرهم نجسة كحظائر البهائم وحرام على اليهودي أن يعطف على أممي لأنه عدو الله وعدو اليهود ويعتقدون أن اليهود هم أحب إلى الله من الملائكة وأنهم من عنصر الله ولولاهم لاحتجبت الشمس وانقطع المطر وارتفعت البركة من الأرض ومن يصفع يهودي كالذي يصفع الله وجزاء من يضرب يهودي الموت وكل ما على الأرض ملك لليهود وكل ما عند غير اليهود هو مغتصب من اليهود وعلى اليهود استرداده كما أن المعروف والخير الذي يفعله اليهودي مع غيره من الناس هو خطيئة عظمى وأما الشر الذي يفعله اليهودي مع غيره من الناس هو قربة لله.
وأسأل الله تعالى أن يصلح أحوال أمتنا العربية والإسلامية وأن يوحد صفهم ويجمع كلمتهم ويؤلف بين قلوبهم ويحقن دمائهم ويجعل جميع بلادهم أمنة مطمئنة.
"وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ"
( الأعراف: 164).