بعد الانقلابين تلزم نقطة نظام‏

mainThumb

27-07-2016 12:39 PM

الانقلاب وفشله وما يتبعه لا يتجاوز منطقة الصراع على السلطة وهو ما تعيشه كل مجتمعات ودول العالم ، ولكن، ‏نستطيع التمييز بين كيفية ممارسة السلطة وبين آليات الحصول على السلطة ، ولأن الانسان بفطرته اجتماعي فلا بد ‏من نهج التشاركية في ممارسة الحياة وقد تتطورت فكرة التعايش المجتمعي وتشاركيته مع تقدم الانسان ، فكانت ‏الرسالات السماوية في تقادمها منذ أبينا آدم وحتى خاتم الرسالات عليه السلام تقدم أسس سلوك الانسان وعلاقته مع ‏نفسه الانسان ومع بيئته ومع الكون ، فكانت منظومة القيم وتواترها ، ثم كانت رؤية الانسان لشكل القيم التي يصبو ‏اليها إضافة إلى فطرة الشك والتفكر بما سبق ، وفي خضم ذلك، تبقى رغبة الانسان لأنانيته في إمتلاك الكل والتمرد ‏على منظومة القيم أو استغلال تلك القيم وأطر التعايش وآليات التشارك لممارسة الفوقية في التملك.‏
 
يوميا" نشاهد صور الانسان الفرد وصورة الانسان المجتمع وصورة الانسان الدولة ليس فقط في دولتنا وإنما في معظم ‏دول العالم ، ونمارس المقت والرفض للتسلط والقهر والاستبداد الذي يمارسه الانسان بكل صوره ونحتفي لما هو ‏عكس ذلك.‏
 
الانقلاب محاولة للاستحواذ على السلطة وممارستها بطريقة ومفاهيم وآليات يؤمن بها القائمون عليه وتحت مبررات ‏معلنة قد لا تكون صادقة لاقناع الانسان التركي في تأييدهم ، ولكن كان العكس -رفض نموذجهم ومبرراتهم- غير أن ‏الانقلاب ومهما قيل فيه يبقى ممثلا" لطيف واسع في الجيش التركي يرفض الوجه الذي يمثله حزب العدالة والتنمية ‏ويرفض الحكم المدني الذي يتيح لأطراف مدنية أن تأخذ تركيا بعيدا" عن وجهة النظر الأتاتوركية ، وفي ذات السياق ‏أيضا" يوجد طيف واسع ولكن لم يصل إلى الأغلبية يرفض الوجه الذي يرسمه حزب العدالة والتنمية لتركيا وبالتالي ‏فإن الصراع في حقيقته موجود في المجتمع التركي وثقافتهم مما يدلل على وجود دوافع الاختلاف الذي يصل حدود ‏الصراع على الوجه الذي يرغب كل طرف أن تكون عليه تركيا ، الأخطر من ذلك ما ظهر بعد الانقلاب العسكري ‏الفاشل وهي عملية التصفية للخصوم المعدة قوائمهم مسبقا" ، حيث نلاحظ مع ظهور بوادر فشل الانقلاب كانت قوائم ‏المطلوبين جاهزة ما بين مشارك في الانقلاب إلى داعم او متواطئ والتي شملت كل قطاعات الدولة جيش ، شرطة ، ‏تعليم عالي ، تربية ، قضاء ، ...الخ إضافة إلى قوائم عشرات الجامعات ومئات المدارس ومئات الجمعيات والنقابات.‏
 
السؤال الذي يطرح نفسه ، ما علاقة الكثير من القطاعات بالجيش وعسكر الانقلاب؟!! كل ذلك يدلل على أن حالة ‏الصراع التي تعيشها تركيا متجذرة ، وما يقوم به حزب العدالة والتنمية سيبقي حالة الصراع قائمة بل ستعزز ‏الانقسامات المجتمعية التي ستصل حتما" إلى المواجهة المباشرة خارج صناديق الاقتراع في قادم السنوات والدخول في ‏دوامة الاضطرابات السياسية والاجتماعية لأن الوجه الذي تكون عليه تركيا لم يجتمع عليه الاتراك يوما".‏
 
إن الحالة التي تذهب إليها تركيا بعد الانقلابين -الإضطراب السياسي والمجتمعي- هي حالة تسعى إليها قوى دولية ‏تنظر للمنطقة من عين التقسيم الجغرافي والديمغرافي المتسلح بالكراهية ورفض الآخر لتبقى مساحات النفوذ في نطاق ‏مصالحهم يديرها الامتداد السياسي والاقتصادي الاسرائيلي في المستقبل القريب كقوة وحيدة في المنطقة تجري عملية ‏التأسيس لها على قدم وساق من النيل إلى الفرات.‏
 
في خضم تسارع الأحداث وتراكم الصراعات بجدران الكراهية وفي غياب مشروع عربي نهضوي تحرري تنعقد ‏القمة العربية في البلد العربي العائم على رمال الصحراء ، المنسي في فقره ، تحضرها العباءات الموشحة بخيوط الغاز ‏وسواد النفط الذي أغرق ليل العروبة بالتبعية ، بيان ختامها جاهز قبل أن تحط طائراتهم فوق جوعها بأن يستمر ‏التراجع والانحطاط وتقسيم المقسم كأنه ترنيمة تلقى على جثة هامدة رقدت إلى مثواها الآخير.‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد