يا ناس أنا حرامي

mainThumb

06-01-2017 03:52 PM

ثلاث مرات بحياتي إرتكبت جريمة السرقه , مرتين قبل أن أبلغ الحلم واحده منهن عشرة قروش من جيب والدي ولم أتمكن من النوم ليلتها فقمت بإعادة المبلغ لجيبه والثانيه قِطِف عِنَب وأذكر أنه كان حُصرماً وغَصصتُ بحبه منه ولولا رحمةُ ربي بي لَكُنتُ في عداد الأموات الآن لكن تَيَسرت لي حنفيه جانب منزل جار لنا شربت منها ومرت الأمور بسلام أما الثالثه فَكنت بالغ عاقل راشد حيث قمت بسرقة حوالي عشرةَ أسطُل ماء من خزان جار لي ولم أستطع الإستئذان منه في حبنه وبعد أن إلتقيتُ بِهِ أخبرته بالواقعه فَضَحِك كثيراً وأخبرني أنه أيضاً قد قام في السابق بأخذ الماء من خزان منزلي عشرات المرات ولم يَقُم بإخباري لأنه يعتقد إنه الوضع طبيعي والناس لبعضها وسامحته وأخبرته نحن الآن متعادلين , بحبشت نبشت دورت ولطشت وفتشت الذاكره والله ما لقيت إلا هالثلاث سَرِقات .
 
عملت في العمل العام عشرون سنه وأُحلت على التقاعد بناء على طلبي وحصلت على تقاعد خمسمائة دينار قبل عام ونصف وبدأت بالبحث على وظيفه أخرى لتدعم دخلي وتساعد بتكاليف الحياه بعد إنشاء سيره ذاتيه مشرفه بالدورات والإنجازات والمناصب التي تقلدتها وحتى الأوسمه والنياشين وكُتب الشُكر والثناء وبدأت بالتقدم للوظائف المطلوبه من خلال الصحف والمواقع الألكترونيه وأجريت العشرات من المقابلات مع أصحاب المشاريع والشركات وكان ما يجمعهم جواب واحد يا أخي خبراتك ومؤهلاتك ودوراتك وهواياتك نظرة عينك إبتسامتك شفايفك حظورك أناقتك  فوق مستوى الوظائف التي نقوم بطلبها .
 
 كنت أنا مع كل مقابله للعمل أطرب لهذا الكلام وأنتشي وأزهو بنفسي وأبني قصوراً في الهواء وأن وظيفه مهمه لا بد وأنها في طريقها إلي بعد كل هذا النفخ والمشكله صدقت نفسي وأصبحت لا أتقدم إلا للوظائف الدَسِمه ومازلت أجلس على ذات المقعد منذ عام ونصف  وبربيش الأركيله بفمي و اللاب توب أمامي أبحث عن تلك الوظائف المهمه التي يُعلنون عنها وللآن لم تأتي .
 
( هِكو) هو لقب لصديقي وهذا اللقب هو ما يُعرف به بين الناس وأنا أعرف إسمه الحقيقي وهِكو هو رجل في الخامسه والخمسين يملك شعراً أسود داكن مسترسل حتى كتفيه ولا يوجد به شعره بيضاء جميل المنظر والهيئه بدون كرش يعمل عامل مقهى منذ عشرون عاماً ويتقاضى عشرة دنانير يومياً بدل عمله ومنذ أن عرفته منذ خمسة عشر عاماً لم يقم صاحب المقهى بزيادته كحال حكومتنا مع الموظفين والمتقاعدين .
 
هوأعزب يملك بيتاً جميلاً تُقيم به والدته والتي لا يزورها إلا لمدة ساعه كل أسبوع بالرغم أنها لا تبعد عنه كثيراً فهو يقيم في المقهى الذي يعمل به في منطقة وسط عمان لطيف المعشر وطيب القلب كل همه هو توفير ثمن طعامه وسجائره وزجاجة مشروب رخيص وأنا بالعاده أزوره بين كل فتره وأخرى وأجلس معه ساعات طويله لأستمتع بتلك اللحظات وهو يُحدثني عن النوادر والطرائف التي تحدث معه ويشاهدها أمامه .
 
 كم تُعجبني تحليلاته السياسيه والإقتصاديه وخاصةً عندما يدور كأس المشروب برأسه فنضحك كثيراً وأصل لمرحلة التجلي ونسيان الذات معه وأعيش حالة الثماله من غير مشروب ( هِكو) سألني في آخر مره قمت بزيارته إشتغلت يا فراس ؟ أجبته لا ثم سألني وضعك ماشي يافراس ؟ أجبته الحمد لله , الشرف فادك بشيء يافراس ؟ أجبته راضٍ عن نفسي ومرتاح ضميري ثم قال صدقني لو إنك حرامي فاسد مرتشي لكان وضعك أفضل الآن بكثير . 
 
صديقي هِكو أقنعني بكلامه فودعته وعُدت إلى منزلي لأُضيف إلى سيرتي الذاتيه خانة السرقات التي قمت بها ...
 
-  سرقة عشرةَ قروش لم تكتمل أركان الجريمه .
- سرقة قطف عنب لم ينضج كدت أن أموت به .
- سرقة عشرة أسطُل ماء أسقط صاحبها حَقه الشخصي .
 
( كم أنا مبسوط الآن فلقد إنضممت إلى نادي الحراميه ) 
 
الكاتب : عضو جمعية الكتاب الإلكترونيين الأردنيين 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد