القضاء على الإرهاب لا إعادة تعريفه - فاروق يوسف

mainThumb

20-06-2017 01:33 AM

 يمر العالم العربي اليوم بمرحلة لا تتحمل الترميز والإشارات العامة. فبعد أن سُميت إيران في القمم الثلاث التي شهدتها الرياض دولة راعية للإرهاب، وبعد أن قطعت الرياض والمنامة وأبوظبي والقاهرة علاقاتها الدبلوماسية بالدوحة بسبب ما نسب إلى قطر من دور في رعاية الإرهاب، صار في الإمكان تلمس الطريق إلى حقيقة القوى التي تتحكم بما يجري في المنطقة.

 
كان هناك دائما سؤال يتعلق بالرغبة في إعادة تعريف الإرهاب. كان ذلك السؤال يتستر على محاولة التفريق بين إرهاب ضار وإرهاب نافع.
 
فالمعارضة السورية وإلى ما قبل سقوط حلب أو تحريرها كانت تنظر إلى ممارسات جبهة النصرة باعتبارها نوعا من الإرهاب النافع، أما سلوك داعش فقد كان بالنسبة للمعارضة نفسها نوعا ضارا من الإرهاب، لذلك فضل المعارضون السوريون أن ينسبوا داعش إلى النظام، تخلصا من عاره.
 
في المقابل فإن حزب الله وهو تنظيم مسلح لا يقيم اعتبارا لقوانين الدولة اللبنانية كان بالنسبة لإيران ومواليها يمثل روح المقاومة بحيث لُقب زعيم ذلك الحزب حسن نصرالله بسيد المقاومة.
 
أما حركة حماس التي استولت على قطاع غزة وجعلت منه مستعمرة إخوانية وفصلته بشكل كامل عن مشروع الدولة الفلسطينية الميت فقد كان هناك اتفاقا قطريا – إيرانيا على أن يتم النظر إليها من جهة نفعية بالرغم من غياب الغطاء الشرعي لوجودها.
 
لقد غطى المتحمسون لفرع الإخوان في غزة على وجودها غير الشرعي وسلاحها الفالت بهالات المقاومة، التي كانت سببا في كلفة عبثية اتفق طرفاها وهما إسرائيل وقطر على تمريرها جزءا من ثمن بقاء حماس على حساب السلطة الفلسطينية التي هي عبارة عن ديكور مهشم.
 
وفق ذلك الاتفاق فقد كانت قطر تبني ما تهدمه إسرائيل. أما ما يصيب الشعب هناك من كوارث إنسانية فلا يقع ضمن اهتمام أحد.
 
لم يكن واردا في أذهان رعاة الإرهاب أن تتم العودة إلى التعريف المبسط للإرهابي الذي ينص على أن “كل مَن يحمل السلاح في وجه المدنيين هو إرهابي”. ما من شيء اسمه إرهاب نافع وفق ذلك التعريف.
 
الإرهابيون هم أعداء المجتمع. هم حملة السلاح الذين يسعون إلى إخضاع المجتمع لإرادتهم وهو ما فعله حزب الله وداعش وحماس وما سيفعله الحشد الشعبي في وقت قريب. ينبغي أن لا تضللنا الشعارات. فإما أن تكون هناك دولة وإما أن تكون هناك ميليشيات. لا وجود للدولة إذا ما كان هناك وجود للميليشيات.
 
لقد سعى السياسيون الشيعة الحاكمون في العراق إلى تمرير قانون الحشد الشعبي من خلال مجلس النواب، وهو القانون الذي ينص على أن تلك الميليشيا هي جزء من الدولة العراقية التي لم تر النور بعد.
 
كان الحشد الشعبي منظمة إرهابية أقيمت على أساس فتوى طائفية. وهو ما يعني أنها وجدت لكي تمارس الإرهاب في حق مدنيين تمهيدا لقيام الدولة الدينية وهو السبب الخفي لقيامها.
 
لقد حاول البعض من خلال الدعوة إلى إعادة تعريف الإرهاب إلى التستر على جماعات إرهابية لأغراض لا تمت إلى الوطنية والدولة الحديثة والمجتمع المعاصر بصلة تُذكر.
 
واقعيا فإن الاستمرار في تدمير بنية المجتمعات كان هو الهدف من حماية تلك الجماعات التي قررت أطراف بعينها استعمالها ضمن أجندات عدوانية رفعت شعارات الديمقراطية والحرية كذبا وتدليسا.
 
عالمنا اليوم، وبالأخص بعد الأزمة القطرية، يقف في مواجهة حقيقة وجوده المهدد بالإرهاب. لذلك ليس أمامه سوى دحض أي حجة يتوارى خلفها المسلحون كما فعل داعش في دعوته لإقامة دولة الخلافة وكما هو حال حزب الله في تصدره لمشهد المقاومة. الأولوية اليوم للقضاء على المتطرفين المسلحين.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد