كل وجود فكرا كان أم مادة يحمل في طياته بذور نهايته - م. محمد فندي

mainThumb

16-07-2017 01:02 PM

قال هيجل صاحب الفلسفة المثالية ان كل فكرة تحمل في طياتها بذور فنائها واتبعها ماركس بان كل مادة تحمل في طياتها بذور فنائها. كلاهما صادقان على اعتبار أن ركوب البعير في الصحراء يتطلب رداء ابيض اللون لعكس اشعة الشمس الحارقة بعيدا بينما تتطلب قيادة الدراجة الهوائية او العمل في المصانع رداء خاصا. اضف على ذلك ان ما ينطبق على كل اشكال الحياة ينطبق ايضا على المادة بكل صورها، ميلاد يتبعه طفولة ثم شباب تتبعه شيخوخة ثم نهاية ولا اقول فناء لأن الفيزياء والواقع يقولان بان المادة لا تخلق ولا تفنى من عدم.

 
فضاء فسيح يعج بالأكوان وكل كون ينقسم بنفس ميكانيكية انقسام الخلايا الحيوية الى أكوان أخرى. كل كون في هذا الفضاء اللامحدود يعج بمليارات المجرات وكل مجرة تعج بمليارات الشموس (النجوم) وتريليونات الكواكب. المسافة بين كل مادة واخرى في مجرتنا فقط تقاس بالسنين الضوئية (المسافة التي يقطعها الضوء في عام واحد) نظرا لعدم مقدرتنا عن حسابها رقميا وعدم قدرتنا ايضا على تخيل هذه المسافات البعيدة.
 
شمسنا يتبعها حسب ما هو مكتشف حتى الآن تسعة كواكب. قسم من هذه الكواكب غازي ربما يكون قد انجذب في مدار حولها كالمشتري وزحل وقسم آخر عبارة عن مادة صلبة كالمريخ الأبعد من الأرض عنها وأرضنا والزهرة والكوكب الأقرب الى الشمس عطارد. شمسنا تفقد مع الوقت اشعاع حرارتها اي انها تبرد مع الوقت بما يشير إلى أنها كانت أشد حرارة مما هي عليه الآن تماما كمن يوقد فحما في برد الشتاء في البداية تكون النار متوهجة نبتعد عنها لشدة الحرارة ثم مع الوقت نبدأ بالاقتراب أكثر فاكثر الى النار. هذه الحالة تنطبق على شمسنا واشعاع نورها وحرارتها واثر ذلك على الكواكب التابعة لها.
 
يؤكد هذا الأمر الى أن حرارة كوكب المريخ الأبعد من الأرض عن الشمس كانت في الماضي أكبر مما هي عليه الآن على اعتبار بان الحرارة على سطح هذا الكوكب الآن تتذبذب من – 150 الى – 50 درجة مؤوية، هذه الظروف الحالية لا تصلح للحياة لكنها في الماضي كانت تصلح للحياة مقارنة بالأرض التي تتذبذب على سطحها درجة الحرارة من – 50 الى + 50 درجة مؤية.
 
الزهرة في المقابل تملأ غلافه الجوي الأبخرة مع وجود قشرة أرضية صلبة على سطحة بمعني أن هذا الكوكب سيمر بنفس ظروف المريخ والأرض مستقبلا عندما تصبح فيه الشروط على سطحه مناسبة للحياة بعد أن تكون ظروف الحياة على سطح الأرض قد أوشكت أن تكون غير مناسبة بسبب من شدة البرد.
 
بناء على ذلك لا بد أن تعج الحياة باي شكل كان في هذا الفضاء الفسيح بمعنى أننا لسنا وحدنا وبان الحياة على الأرض ليست استثناء معجزة. العلم يقوم على اساس تسلسل قواعد منطقية ثابتة ضمن اطار طبيعي ديناميكي بعيدا عن أية معجزات وما الانسان الا مكتشف لهذه القواعد التي تحكم وجودنا. هذه حقيقة وهذا ما لمح اليه أيضا الحسن ابن الهيثم في منهجه للبحث العلمي ومن بعده ايضا فرنسيس بيكون اللذي ما كان الا ناقل لفكر الحسن البصري بعد أن اطلع عليه.
 
هذه الميكانيكية الكونية تشير بجلاء الى أن هذا الفضاء هو في حالة ديناميكية متحركة أزلية وابدية. هو في حالة تجدد وانتهاء (ولا اقول فناء) أزليين. نحن البشر ومعنا كل أشكال الحياة لسنا سوى اقل من ذرات بل وربما أجزاء من الذرات في هذا الفضاء الفسيح. فلماذا اذن تتحكم في عقولنا الصغيرة نزعات الفساد والتسلط والحروب والابادة الجماعية وفرض الهيمنة والوصاية على من هم افضل بكثير بحرمانهم من اي فرصة في الحياة الحرة الكريمة.
 
 
البشرية في مسارها الوجودي الحسي نحو الكمال بشقيه المادي والفكري تسير بلا شك نحو تحقيق هذا الكمال الوجودي بزوال كل ما يعيق هذا المسار سواء كانت معوقات فنية او معوقات فكرية من نكرات بشرية وكل فكر شرير يخدم قلة متسلطة أينما وجدت. نحن من هذا الوجود وفي هذا المسار نحو الكمال لا مكان فيه لأية نكرات بشرية كانت أو أي فكر شرير كالصهيونية والماسونية والخمينية والطائفية والعنصرية والاقليمية بكافة أشكالهما.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد