في ذكرى فارس يترجل

mainThumb

17-01-2018 08:47 PM

 ترجّل عن صهوته في مثلِ هذا اليوم من العام الماضي، أحد فرسان الفكر والتربية والثقافة المرحوم الأستاذ شاهر منصور الحمود الخصاونة "ابوثبات"، والذي ظلّ حتى لقي وجّه ربه مؤمناً بقضايا أمته، مستمسكاً بالأملِ في نهوضها واستعادة مكانتها التي تليق بها إن استردت ثوابتها التي تعلي من شأن الإنسانية والمعارف والعلوم والعدالة.

 
كان أبو ثبات علماً في التربية والثقافة، ما انفك يحرص على نشر الوعي بين أبناء أمته، يغرس فيهم حبّ المستقبل والنجاح الذي لا يمكن الوصول اليه دونما فهمٍ لسنن الحياة، فلكلِ مجتهد نصيب.
 
منذ أن ولد أبوثبات في عام 1932 وهو يحمل همّ قضايا العدالة والوعي، وهما صنوان لا يفترقان، فالقضية الفلسطينية هي الجوهر الذي لم يفارق خلده ووجدانه، وهي القضية التي يؤمن بأن استعادة الحقوق فيها لصحابها لا يكون بمجرد التمنيّ، من دون طرق أبواب المعرفة والتسلح بالعلم والمثابرة الكفيلة بوقف مد التغول الصهيوني على الأراضي والآمال العربية.
 
ورغم انكبابه في سنيّ شبابه على الانغماس بالدور التربوي، ليسهم بغرس القيم والمبادئ الضامنة لظهور أجيال واعية ومدركة لحقوقها وواجباتها، غير أن أبا ثباتٍ لم ينسَ واجبات الأقربين، فكيف له أن يساعدَ في بناء أجيال فيما يحمل مسؤولية أبنائه الذي حملوا من بعده أرفع الشهادات؟، من دون أن تؤدي مسؤولياته الجسام لنسيان همه الشخصي والمرتبط بحالِ أمته.
 
لم يميز يوماً بين زيد أو عمرو بسبب نسبه أو عرفه أو طبيعة لونه وتعداد عشيرته، كان يؤمن بأنّ على الجميع التعالي على اختلافاتهم والتحاور والتقارب مع بعضهم استنادا لأخلاقهم وإنسانيتهم، وظل يؤمن بأنَّ القيود الاجتماعية والحدود الجغرافية ولدت لتقطع تلك الصلة التي أمر الخالق بعدم وأدها والحفاظ على قوة وثاقها.
 
لم يفارق الكتاب يوما محل إقامته، فمن القيام بدور الترجمة إلى قراءة الفلسفة والفكر التنويري إلى ما يستجد في الساحة العلمية، كل تلك المراجع لم تخل منها مكتبته، ظل يؤمن بأن السلاح الوحيد الكفيل باسترداد الأمة لمكانتها هي بعودتها إلى العلم والمعرفة ونبذ الجهل والعصبية لتسد الفجوة التي تتفاقم يوما تلو الآخر مع نظيراتها.
 
ترجل الفارس عن صهوته وهو يحمل آمالا عريضة باستفاقة أمته واستعادتها لحقوقها ومكانتها، وقد غرس تلك الرسالة في فؤاد جميع من أحاط به، ليخلي ذمته ويؤدي رسالته قبل أن يلقى وجه خالقه.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد