رسالة إلى أخي الشهيد حمزة العلاونة - مروة محمد علاونة

mainThumb

20-05-2018 12:55 PM

تعانقهم الشهامة كما المنجل.. لا يعانق إلَّا سنابل القمح اليانعة على عجل...
 
يستعجلون النضوج؛ لأنهم على يقين بأنهم حصاد هذا الوطن ..
 
وهم بيدر غلاله ..
 
تعانق أكفّهم أكفّ بعض، والعيون شامخة نحو الشمس...؛ لأنهم وحدهم من تنحني لهم الشمس، وتخجل من نور جباههم..
 
وحدهم كحل الصباح في أهداب هذا الوطن ..
 
عشرة أشهر مضت لم أرك فيها، ولم تفارقني لحظة !
 
كنت القريب البعيد.. الماثل في شمس الشروق والغروب
 
مائتان واثنان وثمانون يوما ولم أجرؤ أن أمسك قلما لأكتبك !
 
أهرب من أوراقي كي لا أبللها بدمع فاض به الفؤاد...
 
وفجأة قررت أن أواجه مخاوفي وأترجم ما في الروح من ألم .
.
 
نعم ... لا زالت صورة عسليتيك تلتصق في أجندة الذاكرة .. تلمع بذات الحب والدفء .. تمنحني الأمل للحياة.
 
وأذكر جيدا ابتسامتك الجميلة المشرقة .. وصوت ضحكاتك الذي لم يغب يوما عن مسمعي !
 
كم كنت جميلا .. ونور الإيمان يغمر وجهك الصبوح... بل أنت الأجمل والأنقى والأطهر.. أنت عمود الروح ومفصل الذاكرة وشريان القلب،.. أنت زهرة العمر التي لن تتكرر.
 
كان رحيلك أشبه بحلم أكبر من أن أصدقه.. أو أستفيق منه .. حتى..! لم أصح من غيبوبتي بعد لأبكيك كما يليق بك.. بحبك ونقائك.
 
تحتبس الدموع ويصمت القلب، والله وحده يعلم ما في النفس من وجع!
 
مرّ أيلول من دونك باردا كئيبا حزينا أكثر مما يبدو، .. جاء ناقصا باهتا.. يذكرنا بمن فقدناهم وغادرونا جسدا، وما زالوا عالقين في حنايا الروح!
 
ماذا عساي أقول؟ كيف أكتب اليوم وقد غادرتني الابتسامة آبية أن تعود! وانطفأ نورك يا أخي وانطفأ معه قلبي، .. كيف أخبرك أن غيابك تحت الثرى أتعب نفسي وأنهك جسدي، فأصبح فقدانك مرض خبيث أخذ ما أخذه ومزقني ألما على شبابك.
أتساءل أخي ...
 
هل عرفت مقدار التشوه الذي أحدثته الحياة بأختك؟ 
 
كيف لي أن أصف كل هذا الدمار والخراب بداخلي.. 
 
أكتب اليوم حروفي هذه وأنا أعلم جيدا أنك لن تسمعني ... ولن تعود لتكتب لي حرفا آخر!!
 
سلام لروحك الطاهرة التي حاربت الليل وسموم المخدرات... وفي الصباح في الأكفان قد عادت.
 
كل السلام على قبورهم.. أولئك الذين أسدلوا ستار الحياة وتركونا في صدمة المشهد!
 
رويدك أيها الموت .. رويدك بنا وبقلوبنا .. أمهلنا لنقبل جباههم .. نسمع أخر وصاياهم .. أمهلنا لتتشابك أكفّنا بأكفّهم.. فدمعنا قبل أيام لم يكفهم..
 
وأبوا على أنفسهم إلا أن تتزين بهم سماء وطننا نجوما وتيجانا.
 
ما همهم يوما الرُّتب .. فهم الرتب وهم المناصب وهم كراسي البلد وتيجان عزه وعنفوانه وأنفته.. وهم الوطن.
 
وسنظل نزف الشهيد تلو الشهيد...
 
وسنظل نكتب لهم؛ لأنهم طهر الحروف وزمزم الكلمات وقبلة الرجولة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد