الجنرال الصعب

mainThumb

26-02-2020 08:18 PM

لا يمكن ان نبتعد عن الوقوف الى جانب الحق أو "ما نعتقد انه الحق"  اذا ما هبت عاصفة، أو ارتكست أشباه الرجال إلى الارض، وتهافتت على الفتات والقشور بنهم وشهية لتثير من حولها بالونات هوائية لتسيء الى الاخرين سرعان ما تتلاشى بضغطة بسيطة من أصغر "دبوس" على وجه الارض؛ بينما تأبى الصقور إلا أن تحلق بالسماء عالية خفاقة، لا يحيدها عن غريزتها المجبولة بالقوة والعزيمة كلمة من هنا أو هناك، أو حتى وابل من رصاص صٌوب نحوها من مجموعة بائسة لتُحيدها عن طريق الانتماء والولاء للوطن وقائده المفدى جلالة الملك عبد الثاني حفظه الله ورعاه؛ فمن تربى بمدرسة الهاشميين العسكرية شابا مقداما طموحا، فقائدا شجاعا جسورا شهد له القاصي والداني بعسكريته الشريفه، واخلاصه اللامحدود في خدمة وطنه ومليكه وشعبه على مدى اكثر من اربعين سنة جرت في عروقه ترانيم الحب للقائد والوطن، وعلت جبهته الملفوحة بِحَرِ تموز وآب حروف الشجاعة والاقدام والتضحية من اجل تراب الوطن وسيادته، وطحنت صرْصرة يديه في برد كانون  كل معتد أثيم حاول النيل من كرامة الاردنيين النشامي؛ لا بد لهذا الرجل إلا أن يُحترم ويُقدر ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في قوله؛ أو كما قال "لا تسبوا اصحابي... فمن آذاهم آذاني" ، "وهنا عن صحبة الجيش والقائد اتحدث" عن الفريق محمود الفريحات قائد الجيش العربي السابق اتحدث، هذا الجنرال بحجم دولة، تعلم من مدرسة الهاشميين الكثير فالتقط الرسالة وفهم المعنى فأستحق الثقة الاغلى بقيادة الجيش العربي، واجتهد وبذل وطور وعمل ونجح وربما في مواضع أخرى اخطأ؛ وهذا من الطبيعي جدا أن يحدث فمن يعمل فهو معرض للخطأ والصواب؛ ولكن لا يجوز ابدا أن يتعرض للإتهام العشوائي القائم على التكهنات والأجندات الخاصة التي لا يعرفها إلا اصحاب النوايا المختبئة خلف قضبان صدورهم الضيقة .
 
ولا اريد ان اتحدث عن الانجازات التي تحققت بعهده في قيادة الجيش العربي فهذا من صميم واجباته العسكرية والبديهية، ولكنني في نفس الوقت ارفض تماما وهذا "موقف شخصي" مُصادرة تلك الانجازات، وقتل الشخصيات، وصناعة الايادي المرتجفة، واشاعة الخوف من مجرد كلمة القى بها أحد ما غير آبه بنتائجها وبأثرها المؤذي على النفس البشرية.  
 
شعرت ولمست من الفريق الفريحات قبل تسلمه قيادة الجيش وبعد احالته على التقاعد"شأن كل منتسبي الجيش العربي كل في وقته " وفي اكثر من لقاء رغبته الشديده بأن يكون للقوات المسلحة الاردنية الباسلة كل الاهتمام والرعاية لأنها الحامي العتيد لحدود الوطن وأمنه، ولأنها كما كان يقول في كل مناسبة "قرة عين أبا الحسين المفدى" ومحط ثقته ورعايته، فالعلاقة بين القائد وجنده عز مثيلها في العالم كله؛ فكان يتغنى الفريحات بحب الضباط والأفراد لقائدهم العظيم ويتباهى بالمستوى العالي من الاحترافية والجهوزية العسكرية التي أرسى قواعدها قادتنا العظام من آل هاشم الغر الميامين.
 
الفريق فريحات قائد اردني أصيل حمل اللواء كما زملائه الذين سبقوه وسيحمله من بعده كل من نال شرف الخدمة العسكرية، وليس ذنبه حب الناس له واحترامهم الصادق لشخصيته القوية؛ هكذا اصلا نريد ان يكون الاردني دائما في الطليعه لا يهاب الردى ولا ينظر الى الخلف؛ فكذلك كان الفريق فريحات لا يخشى في الله لومة لائم، مادام هدفه الأول والأخير سلامة المواطن وأمن الوطن واستقراره . 
 
وقد يسأل البعض لما اتكلم الان عن الفريق الفريحات؟  أتكلم عنه لانه يستحق ذلك، فما يربطني بالباشا انما هو ود ومحبة خالصة لوجه الله تعالى، لا ابتغي بهذه الشهادة الا أن أقوم بدوري الذي يوجبه على مبدئي وضميري في قول الحق في زمن عز فيه ذلك، وكأننا اصبحنا رفقاء الكرسي أو الموقع، وهذا ليس من شيمي ولا أخلاقي ، فالواجب الأخلاقي أن تدلو بدلوك  عندما يلزم الامر وخصوصا عندما يكثر الهمز واللمز فلا ارضى ابدا أن أكون إمعة تميل إذا الريح مالت، مدفوعا بأني ما كنت يوما ابني مصلحة شخصية على حساب مبادئي الاخلاقية ولهذا فلم احقق يوما مصلحة خاصة بي وهذا يشهد به كل من عرفني مما تبوأ موقع المسؤولية في بلدي الحبيب الاردن، بل كنت ولا زلت افني وقتي وجهدي في خدمة قضايا كل من يقصدني دون ان اعرف مشاربهم أو اصولهم أو منابتهم ، ولا ابتغي الا وجه الله .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد