لِكُلِ أَجَلٍ كِتَابٍ أَيُهَا اَلإِنْسَانُ

mainThumb

22-02-2021 01:06 PM

خلق الله كل شيء في هذا الكون وجعل له أجلاً وتعريف الأجل كما جاء في كتاب الله عَزَّ وجَلَّ القرآن الكريم هو مُدَّةُ الشيء أو الوقت الذي يُحَدَّدُ لانتهاء الشيء أَو حُلُولِهِ أو غايةُ الوقت في الموت وحُلول الدَّين ونحوِه‏. يقال: ضربت له أَجَلاً، ويقال: جاء أَجَلُه: إذا حان موته (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (الأنعام: 128)). مما تقدم نعلم أن كل أجل بما يعنيه من وقت محدد أعطاه الله لكل شيء في كونه الشاسع وجعل لكل شيء كتاب يسجل فيه ما له وما عليه ويعرض هذا الكتاب أمام كل مخلوق يوم القيامة وتوزن الأعمال المكتوبة في هذا الكتاب في ميزان دقيق وحساس للغاية (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ، فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ، نَارٌ حَامِيَةٌ (القارعة: 6 – 11)). وهذا الميزان يزن الهباء والذرات من الأعمال بل أصغر من ذلك (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (سبأ: 3)). وعندما يقول الله تعالى في كتابه العزيز (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (الرعد: 38)). فهذا يعني ضمنياً أن كل مخلوق خلقه الله وبالخصوص الإنسان الذي جعله خليفته في الأرض له أجل أي عمر وسيكتب خلال هذا العمر كل شيء فعله الإنسان من قول أو فعل أو هاجس أو همس أو غمزة أو لمزة أو نظرة . . . إلخ في كتاب كما وصفه الله (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى(طه: 52)).
 
وحقيقة لا يعرف أي إنسان ماهية هذا الكتاب ولا نعرف كيفية كتابة الرقيب والعتيد عليه وما هي الأدوات المستخدمة في الكتابة أو التسجيل عليه، ولا نعرف كيفية تخزين جميع تلك الأفعال والأعمال عليه. وبناء على ما فتح الله علينا من علمه وما توصل إليه العلماء من تطور متقدم جداً في مجال الحواسيب والتكنولوجيا بشكل عام، نعتقد أن الكتاب الذي ذكر في القرآن الكريم ليس شبيه بكتب الدنيا التي نعرفها، ولو كان كذلك لما إستطاع الإنسان أن يحمل كتابه لا بيمينه أو بشماله ولا بكلتا يديه لكان وزنه أطنان. وربما يكون كتاب كل إنسان يوم القيامة والله أعلم بحجم الرقاقة الحاسوبية (كما ذكرنا سابقاً عما صنعه بيل جيتس وسماها الـ ID2020) أو بحجم إظفر إصبع اليد الخنصر عند الإنسان. لقد مكَّن الله الإنسان أن يصنع وسائط تخزين بحجم زر القميص أو بحجم كما قلنا إظفر إصبع اليد الخنصر ويمكننا تخزين عليها مكتبة الكونجرس الأمريكي كاملةً مع صوت وصورة. ويصف الله كيف تكون حالة الإنسان عندما يعرض كتابه عليه في الآخرة (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (الكهف: 49)). فَنُذَكِرَ الناس من مختلف أنواع وأجناس وأعراق وأديان رب العالمين بأن يعملوا من الآن على مِلْئِ كتبهم بأعمال الخير للبشرية وللناس أجمعين حتى يرى الإنسان في الآخرة ما يَسُرُّهُ من أعمال وينال الجنه برحمة ربه له، لأن الرقيب والعتيد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ويكتبون أفعال كل إنسان كما تَحْدُثُ وبدقة متناهية لعلنا نتزحزح بأعمالنا وبرحمة الله عن النار ونفوز بالجنة يوم الحساب (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(آل عمران: 185)).


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد