اَلإِقْتِصَادُ وَعَدَم اَلإِسْرِاف نِصْفُ اِلْمَعِيْشَة

mainThumb

08-05-2021 01:28 PM

 لقد قال أَجْدَادُنَا وآبَاؤنَا: دَوَامُ اَلْحَالُ مِنَ المُحَالِ، وخلق الله لنا أشياءً كثيرةً في هذا الكون لنتعلم منها ونفهم سنة الله في خلقه، وهي تغيير الحال من حال إلى حال. فيخرج الطفل من رحم أمه ضعيفاً جداً ومن ثم برعاية أمه وأبيه له ينمو ويكبر ويشتد عوده ويتغير ويصبح شاباً، ويتقدم في السن ويتفير إلى أن يصبح شيخاً ويعود ضعيفاً كما كان. و٨8يكون الإنسان في صحته وقوته ويمرض ويضعف، ويكون فقيراً ويصبح غنياً أو العكس ولا ننسى قصة سيدنا أيوب عليه السلام، ويكون سعيداً وتمر عليه بعض الأحداث ويصبح حزيناً وهكذا الأيام دول بين الناس، فَيُقَلِبُنَا الله في دنيا الفناء كيف يشاء. ولكل مخلوق من مخلوقات الله سيرة حياة كتبها له منذ الأزل كما أوضحنا في مقالات لنا عديدة سابقة (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (الحديد: 22 و 23)). وعلى المرء في هذه الحياة أن يتعلم من كل ما ذكرنا من حقائق وأمثلة حتى لا يسرف في الإنفاق في حياته ولا يكون في نفس الوقت مقتراً على نفسه وعلى أهله، أي خير الأمور أوسطها (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (الإسراء: 29))، فمن يبسط يده كل البسط ربما تمر عليه أيام صعبة من ضيق الحال ويجلس يلوم نفسه ويتحسر حيث لا ينفع الندم، وقد أثنى الله على الذين كانوا في إنفاقهم قواما (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا (الفرقان: 67)). والفقر والغنى كله من الله ولهذا السبب على الإنسان أن يقبل برزقه ولا يعترض على أن الله جعله فقيراً وأن لا يقدم على قتل أولاده أو بيعهم ... إلخ لا سمح الله، (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (الإسراء: 31)).

 
نعم، يُحِبُ الله رؤية أثار نعمته على عباده فيما يرتدون من ملابس وخصوصاً عندما يذهبون إلى المساجد وفي أكلهم وشربهم ولكن بدون إسراف وبميزان العقل والمنطق (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ، وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف: 31، الأنعام: 141، الأنبياء: 9، الشعراء: 151)). وهناك العديد من الآيات في القرآن الكريم تتكلم عن الإسراف والتبذير والمسرفين والمبذرين لم نذكرها حتى لا تطول المقالة ولكن نذكر منها (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (الإسراء: 27)). فبيت القصيد أن كثيراً من الناس لم يفكروا بأن الحياة متقلبة وكما يقال: يوم لك ويوم عليك، فكانوا مسرفين في الإنفاق ولم يَدَّخِرُوا شيئاً لو ضاقت عليهم الحياة في المستقبل كما حصل منذ نهاية عام 2019 في العالم أجمع بفعل جائحة الكورونا، وجلس كثيراً من الناس بدون عمل وبحاجه لمن يمد لهم يد المساعده. فنقول لهؤلاء الأعزاء على قلوبنا لو لم تُسْرِفُوا في الإنفاق وإِدَّخَرْتُم شيئاً للظروف الطارئة والصعبة لكان وضعكم أفضل بكثير مما أنتم فيه الآن. فهناك فرق كبير بين البخيل (الذي لا يحبه الله ولا الناس وقريب من النار وبعيد من الجنة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار ، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ، ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل. رواه الترمذي) والمقتصد في حياته، كن مقتصداً مدبراً بالإنفاق على حياتك ولا تكن بخيلاً.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد