صحيفة السوسنة الأردنية

هل الغرب جاد في برامجه الفضائية عندما يقول: إنه يبحث عن عوالم أخرى في الفضاء الواسع؟!! طبعا لا ننكر أن برامج الفضاء توصلت الى تطبيقات دفعت البشرية خطوات سريعة نحو التطور وامتلاك التكنولوجيا، وقد تكفي البشرية هذه المرحلة من غزو الفضاء بأن يبقى يدور حول الكرة الأرضية ويدعم تقدم الحياة على ظهرها..

أما أن يبحث عن مخلوقات في الكون الواسع، فهذا ضرب من الجنون، فالوصول لأقرب مجرة أو الوصول الى أطراف مجرتنا يستهلك أجيالا، حتى الوصول الى كواكب مجموعتنا الشمسية يستغرق وقتا وجهدا ومالا كثيرا!! إذن فالهدف الاستراتيجي عند غُزاة الفضاء كله يدور حول الأرض، والحكاية كلها تتعلق بمن يسيطر عليها أو بلغة أخرى من يسيطر على مدار الأرض يسيطر على الأرض، وهذا هو مفهوم السيطرة الغربية والاميركية، والروسية على مدار الأرض.. ولذلك تنافست أميركا وروسيا في الثمانينيات من القرن الماضي على غزو الفضاء، بما كان يسمى حرب النجوم، والذي أسفر عن تقدم أميركا على الأرض وتأخر روسيا.. والسبب بسيط وهو من يتجسس على منافسه ويكشف أسراره ويشرف عليه من الأعلى يتمكن من فرض سيطرته، وأيضا  لا ننكر أن علوم الفضاء البعيد لها جوانب علمية بحتة، لكن الباعث الأول والأخير للدول الكبرى هو فرض السيطرة السياسية..

ثم عودة مرة أخرى الى البحث عن عوالم أخرى وكواكب عليها حياة، هذا يعتبر من التقوقع  الإنساني والنرجسية التي جعلته يظن أن الحياة في هذا الكون الواسع تأتي على شكل واحد وهو الشكل الذي يحياه الإنسان، مع أن الذي أوجد الحياة على الأرض، ليس ملزما أن يوجدها في كواكب أخرى أو مجرات أخرى بنفس المواصفات، مع أن الانسان بمختلف اعتقاداته يؤمن أن مخلوقات لا تشبهه في شيء تشاركه الأرض.

هل تستطيع علوم البشر جميعها أن تنكر، أنه يحتمل أن توجد حيوات على كواكب أخرى لا تحتاج الى مواصفات أرضنا، حيوات تنسجم مع مواصفات الكوكب الذي توجد عليه، فلا تحتاج الى أكسجين، ولا الى مياه، بل تنتهي وتموت إذا خضعت لمواصفات الأرض وجوها.. كما يموت الانسان في جو المريخ وكما يموت الانسان في المياه، وتموت الاسماك اذا خرجت منها..  وهذه المخلوقات غير مُدرَكة بالنسبة لنا ولا تستطيع معداتنا الخاضعة لعلومنا التي تستند الى مواصفاتنا أن تكتشفها، وقد لا تخضع لما بث الخالق من قوانين كونية تضبط حياتنا.. 

واعتقد ان المشتغلين بعلوم الفضاء ووكالات الفضاء، يعرفون اكثر من الجميع أنهم حلقوا في الفضاء ليسيطروا على الارض وأن غزو كواكب أخرى أو محاولة الوجود في عوالم أخرى غير مجد للانسان الا من باب العلم الذي يحن الى الحياة على الارض او من باب العلوم البحتة التي تفتح آفاقا على الكون واتساعه وعظمة خالقه..