أيّها الأمنيّون المصريّون، أنتم لم تعتبروا من زملائكم التونسيّين
لقد انطلقت التّحرّكات الشّعبيّة في تونس من المناطق الدّاخليّة، و قد اشتعلت الأوضاع و تأجّجت الأمور حتّى وصلت إلى الأحياء الشّعبيّة داخل العاصمة، و قد كان يوم 14 جانفي يوما حاسما في الإطاحة ببن علي و نظامه، و إن كنت أجزم أنّ هناك دور استخباراتي غربي وراء دفعه للهروب و مغادرة السّلطة و البلاد.
و قد تواجه الأمن التونسي وجها لوجه مع الشّعب إبّان الثّورة، و قد تحدّى الثّائرون جحافل الأمن و استهدفوا مقرّاته، حتّى أنّ بعض الأمنيّين لم يجدوا حلاّ إلاّ الاختباء في المنازل عند الأهالي و التجأ البعض الآخر لوحدات الجيش، و قد وجدوا أنفسهم مستهدفين مثلهم مثل رموز النّظام و المقرّبين من الرئيس المزاح، فالظّلم و القهر مردّه الحزب الحاكم و الآلة الأمنيّة القمعيّة التّي دعمها و طوّرها الدّكتاتور و تصوّر أنّها ستكون قادرة على حمايته و تمكينه من المحافظة على نظامه الذي اعتقد مع أسياده في الغرب أنّه محصّن و أنّ تلك الأجهزة الأمنيّة التّي درّبت عندهم ستجعله نظاما منيعا لا يقدر عليه أحد، و قد وجد بعض الأمنيّين أنفسهم تائهون في الشّوارع لا نفعتهم مؤسّستهم الأمنيّة و لا كوادرها العليا التّي تمعّشت من الدّكتاتور، فقد أغدق عليها أموالا طائلة لكسب ولائها ناهيك عن استغلال مواقعهم و مناصبهم، و قد وجد أعوان الأمن أنفسهم كلّ يعمل من أجل أن ينجو بنفسه بسبب انقطاع الاتصال بين القيادات الأمنية و الوحدات الميدانية، و قد كان تعامل الجيش التّونسي معهم فجّ و عنيف بسبب ما انتشر من قتل تسبّب فيه القنّاصة الذين لم تكشف خفاياهم و أسرارهم إلى اليوم، و قد استهدف البعض من رجال الجيش و سقط منهم شهداء و قد كانت الأوضاع متوتّرة بين الأمنيّين و العسكريّين طيلة الفترة الأولى من إزاحة بن على.
أمّا في مصر فقد كانت ثورة 25 جانفي 2011 ثورة تقليد و تماهي مع ما حصل في تونس، و قد انطلقت التّحرّكات داخل محيط ميدان التّحرير و لم تخرج منه و تركّزت فيه، بل كانت كلّ التّحرّكات مسرحها ميدان التّحرير و قد كان الأمن يهاجم و لا يهاجم "بكسر الجيم في الأولى و فتحها في الثانية" و قد أسقط ضحايا من المتجمّعين السّلميّين داخل ميدان التّحرير و قتل منهم و ضرب و جرح الكثير.
و بالتّالي يمكننا القول أنّه لم يحصل للأمنيّين في مصر مثل الذي حصل لزملائهم في تونس، فلم تستهدف لا مقرّاتهم الأمنيّة و لا هم، بل كان الشّعب هو المستهدف و المنكّل به من جبروت الأمنيّين و الجيش و أنصار النّظام من البلطجيّة و الجمّالة و غيرهم من المدفوعين من نظام مبارك، و لكن هاته المرّة الأمر مختلف فالتّحرّكات و الاحتجاجات الشّعبيّة اكتسحت كلّ مصر و لم تقتصر على مكان محدّد و محصور.
إنّها الحقيقة التّي لا يمكن إنكارها، الأمنيون في مصر لم يحصل لهم ما حصل لزملائهم في تونس في الثّورة الأولى ثورة 25 جانفي 2011، و هذا ما يفسّر عودتهم للاستخفاف بإرادة الشّعب و التّمادي في التّنكيل به، فهم لم يجرّبوا ما تعرّض له الأمنيّين في تونس، بل الشّعب هو الذي كان مستهدف في مصر و ليست قوّات الأمن و مقرّاتهم عكس الذي حصل في تونس، حيث أنّه كان هناك كرّ و فرّ بين الشّعب و قوّات الأمن فقد استهدفت جحافل قوّات الأمن في الشّوارع و الأحياء، و قد حصل هذا سنة 2008 في تحرّكات الحوض المنجمي و قد ابتدعت لأوّل مرّة التّحرّكات اللّيلية التّي أتعبت الأمنيّين و أربكت النّظام.
و بما أنّ الأمنيّين في مصر لم يحصل لهم ما حصل لزملائهم في تونس من استهداف في أنفسهم و حرق لمقرّاتهم فهم لم يعتبروا و لم يستوعبوا درس الثّورة التونسيّة فاستهانوا بإرادة و قوّة الشّعب المصري، و قد تآمروا مع أسيادهم من العسكريّين الذين هم من يحكم مصر في الحقيقة، و هذا منذ أكثر من نصف قرن، فالحكم في مصر حكم عسكري بتآزر أمني، و ما الأمنيّين في مصر إلا خدّام عند أسيادهم العسكريّون.
و بما أنّ الأمنيّين في مصر لم يستوعبوا دروس الثّورة و لم يعتبروا بما حصل لزملائهم في تونس و أخطئوا في التّقدير و استهانوا بإرادة الشّعب المصري، هم اليوم يجدون أنفسهم في مواجهة و صدام مباشر مع الشّعب المصري شبيه بما حصل للأمنيّين في الثّورة التّونسية، و بما أنّهم استهانوا بالشّعب و إرادته و إصراره على التّغيير الجدّي و الجذري، هم اليوم يجدون أنفسهم يعانون و سيعانون أكثر و سيتحمّلون مسؤولية كلّ الجرائم التّي يرتكبونها في حقّ الشّعب المصري المسالم، و ها هم منذ شهور يتمادون و يمعنون في التّقتيل باستهداف الشّعب بالرصاص الحي، و قد ارتكبوا في حقّ الشّعب المصري جرائم كبرى ترقى إلى جرائم الحرب، فقد قتلوا منه الكثير بدم بارد في الميادين و الشّوارع و الجامعات و المساجد باستهدافهم عمدا في أماكن حساسة قاتلة، و لكن رغم كلّ تلك المجازر صمود الشّعب المصري الأسطوري لم يفتر و لم يضعف، و ما التّعتيم الإعلامي الغربي و الشّرقي و التّغاضي على ما ارتكب من مجازر في حقّ الشّعب إلا جريمة أخرى تتحمّل مسؤوليّتها المنظّمات الحقوقيّة و الأنظمة الغربية التي اتخذت من الديمقراطية ذريعة لتدخّلاتها السّافرة في شؤون دولنا العربيّة في كثير من المناسبات، و في الماضي القريب وظّفوا و استغلّوا مسائل تافهة و تجاوزات بسيطة، أمّا اليوم هم يتعامون و يعتّمون و يتجاهلون مجازر السّيسي و رفاقه الانقلابيين.
أمّا عن المستكرشين من جنرالات و بارونات الجيش المصري، الذين جعلوا من مؤسسات الجيش مشاريع استثمارية للاسترزاق تغدق عليهم المليارات، و الذين تتلمذوا و روّضوا عند أسيادهم الأمريكان، و الذين حوّلوا هذا الجيش إلى جيش يحارب شعبه بدلا من محاربة العدو، و الذي من المفروض هو أسّس ليحمي الشّعب و الوطن من العدوان الخارجي، و إذا به يتحوّل إلى كارثة على الشّعب المصري و مستقبل مصر، بل هو كان كارثة حقيقيّة على الشّعب المصري منذ زمن طويل، بل منذ مدّة طويلة جدّا تمتدّ إلى قرون.
إنّ الشّعب المصري الأعزل و المغدور من الداخل و الخارج و من القريب و البعيد، حافظ على السلميّة في كلّ تحرّكاته الشّعبية رغم كلّ الاستفزازات و العنف الذي مورس ضدّه، و رغم حجم التّقتيل و التّنكيل الذي يتعرّض له من العسكريّين الإجراميّين الذين هم من المفروض عليهم أن يحموا الوطن من الغزو الخارجي و ليس استهداف الشّعب في الداخل، فالجيوش أسّست لحماية الأوطان و الشّعوب و ليس للتّنكيل بها و تقتيلها و اضطهادها و تركيعها.
و أقول في النّهاية للأمنيّين المصريّين، إنّكم لم تعتبروا ممّا حصل لزملائكم من الأمنيّين التّونسيّين، و بما أنّكم لم تدرسوا ما حصل في ثورة تونس و لم تطّلعوا على تفاصيل ما حصل لزملائكم في تونس، أنتم تتمادون الآن في إجرامكم و جبروتكم، و لن تنجحوا في ما أقدمتم عليه، و سيعود عليكم إجرامكم في حقّ الشّعب المصري بالخزي و الوبال، و لن ينفعوكم من دفعوكم لهذا الفعل و لن يرحمكم التاريخ.
و في النّهاية أتوجّه لكلّ الأمنيّين و العسكريّين في وطننا العربي و خاصة منهم أبناء وطني تونس العزيزة، أقول لهم جميعا يجب عليكم أن تضعوا نصب أعينكم الأحداث التّي عشتموها أيّام الثّورات و لا تنسوا الغصرات التّي تعرّضتم لها في مواجهاتكم مع الشّعب، فالحذر كلّ الحذر من أن تعودوا لنفس الأفعال و الممارسات، و دعوة لكلّ النّقابات الأمنيّة و القائمين عليها، عليكم أن تتجنّبوا الدّخول في التّجاذبات السّياسية و عليكم أن تبتعدوا عن خدمة الأجندات الحزبيّة و عليكم أن تعملوا على إصلاح منظومتكم الأمنيّة حتّى تتحوّل من منظومة كانت تسحق الشّعب و تساند الطّغاة إلى أجهزة تحمي الشّعوب و الأوطان ليتحقّق الأمن و الاستقرار و بالتّالي التّنمية و الازدهار فلا تنمية و لا ازدهار بدون عدل و إنصاف و أمن و إخلاص.
نائب سابق و ناشط سياسي
romdhane.taoufik@yahoo.fr
موعد بطولة المملكة للرياضات الإلكترونية
أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع
الاحتلال يعلن اغتيال قيادي في لبنان
وفاة خمسيني بعيار ناري أصابه بالخطأ في الكرك
قبل اجتياح رفح .. هذا ما أبلغته إسرائيل لمصر
فيديو .. لحظة انقلاب سيارة بن غفير
الفايز من أسطنبول: الدم الفلسطيني ليس رخيصاً
مؤتمرون يؤكدون أهمية تحديث السياسات والنظم التربوية العربية
قلق أممي حيال تصاعد التوتر بين المسلحين بفاشر السودانية
صور .. انقلاب سيارة المتطرف بن غفير وهذا وضعه الصحي
انخفاض الرقم القياسي العام لأسعار أسهم بورصة عمان
قرارات مهمة من الهيئة العامة للصحفيين
بشرى سارة من الحكومة لمستخدمي المركبات الكهربائية
الجنايات تسند تهمة هتك عرض لممرض .. تفاصيل
احتجاجات أمام شركة أوبر الأردن .. تفاصيل
الحكومة تعلن عن بيع أراضٍ سكنية بالأقساط .. تفاصيل وفيديو
الحكومة تبدأ بصرف رواتب موظفي القطاع العام
وزارة الزراعة تعلن عن نحو 50 وظيفة .. تفاصيل
فقدان الطفل عزالدين سريه في الزرقاء الجديدة
أردني يسمي مولوده السنوار وبلبلة على مواقع التواصل
البلقاء التطبيقية تعلن عن وظائف شاغرة .. تفاصيل
احتراق سيارة كهربائية ID3 على طريق المطار .. فيديو
4 جامعات حكومية معتمدة لدى الكويت .. أسماء
الأردنيون يترقبون نزول أسعار السيارات الكهربائية 50%! .. ماذا هناك؟
شركة حكومية تطلب وظائف .. تفاصيل
#امنعوه_لا_ترخصوه عاصفة إلكترونية تجتاح مواقع التواصل بالأردن