بين داعش وحمير العلم

mainThumb

07-09-2015 08:54 PM

اعتذر عن هذا العنوان استخدمته لأنه "وسم" هاشتاق على تويتر لمؤيدي داعش، يستهزئون به من العلماء والفقهاء والدعاة الذين يخالفون دولة الخلافة (داعش) ويبينون خطأها. ولنرى من هم حمير العلم.
 
ففيما ينشر اتباع ما يسمونه بدولة الخلافة ما يحاولون ان يبرروا به عملية قطع الأعناق فيمن يقع بأيديهم. وينشرون صورا وفيديوهات عن هذه العمليات، اطلعت على بعض مبرراتهم. التي يردون بها على من خالفهم ببشاعة ما يفعلون.
 
دليلهم الأول: الآية الكريمة: فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ.
 
وبالغوا في منشورهم هذا تبيان معنى " فضرب الرقاب" لنقتنع نحن وعامة المسلمين بصواب ما يفعلون  ولكنهم نسوا ان يبينوا لأنفسهم معنى " فإذا لقيتم" وأظنهم تصوروا ان معناها " إذا وجدتم “.
 
 ولهذا قاموا بذبح العمال المصريين في ليبيا وكثير ممن أمسكوا بهم من المخالفين لنا في الدين، الذين اخذوا من بيوتهم وقراهم وحقولهم ثم ذبحوهم لأنهم لقوهم أي وجدودهم. بينما المعنى الحقيقي لـ " لقيتم " هو واجهتموهم في معركة وقتال. اذن الآية ترفع الحرج عن القتل في ميدان المعركة، لأن ما بعدها يقول " حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ " أي اثخنتم فيهم القتل والجرح، هنا يتكلم عن الأسر 
 
أيضا لم يبينوا لأنفسهم معنى " الذين كفروا" هل هم من كفر بالله ربا وبمحمد رسولا او من كفر بالبغدادي خليفة وبالدولة الإسلامية التي يدعون دولة له، فنجدهم ذبحوا الكثير من الجيش السوري الحر ومن جبهة النصرة وغيرها من المقاتلين للنظام في سوريا، فهؤلاء لا يجوز أسرهم لأن على لم يرضى بأسر أصحاب الجمل. حتى وإن اختلفوا في بيعته وحكمه، ولم يأسر ممن حاربه من اتباع معاوية بن سفيان.
 
كما لم يبينوا لأنفسهم معنى " فإما منّا بعد وإما فداء" فلا نجد ان ذبح الأسير موجود في الآية. وهذه الآية محكمة، والإمام مخير في كل حال، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقاله كثير من العلماء منهم ابن عمر والحسن وعطاء، وهو مذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبي عبيد وغيرهم فالتخيير بين المن والفداء، اختلفوا في الكافر (الذي لم ينطق بالشهادتين) واستدل العلماء بأسارى بدر، وقال ابن عباس: لما كثر المسلمون واشتد سلطانهم أنزل الله -عز وجل -في الأسارى: " فإما منا بعد وإما فداء “أي انها تنسخ ما قبلها.
 
أيضا لم يبينوا لأنفسهم معنى " حتى تضع الحرب اوزارها". 
 
أذن هي اثناء الحرب فقط وليس دائما وأبدا.
 
ليتهم قرأوا الآية كاملة وفهموها كاملة قبل ان يتكلموا في كلمتين فقط منها ويشبعوها شرحا دون التطرق لباقي الآية على طريقة ويل للمصلين.
 
أما أدلتهم الأخرى، فهم يوردون في مسألة قطع الرقاب حوادث وقعت زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنهم اقترحوا قطع رقاب بعض من أخطأ بحق رسول الله أو بحق الإسلام، ورفض رسول الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه اقتراحاتهم. 
 
ويلكم، رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا وتطبقونه أنتم، وعلى هذا تقولون انكم على منهاج النبوة؟ لو كنتم على منهاج النبوة حقا لأخذتم بسنته وليس بما رفض.
 
يذكرون ضمن ادلتهم أيضا حادثة معاذ بن جبل وضربه لعنق اليهودي المرتد في اليمن، وهذا قتل عن حد وليس عن حرب او أسر.
 
كما يتكلمون كذلك عن غزوة بني قريظة، نسوا أن ما دفع الرسول صلى الله عليه وسلم لقتالهم إلا نقضهم للعهد، فكانت العقوبة عليهم مغلظة اذ نقضوا العهد ونكثوا بالصلح وظاهروا أعداء الإسلام في غزوة الخندق، وكان هذا حكم الله فيهم “، قتل بني قريظة وعقابهم كان عن الخيانة الكبرى بمصطلحنا اليوم. فلا يندرج حكمهم بأحكام القتال
 
ولو قلنا ان هذا كان حكم الأسارى (وليس هو حكمهم) ولكن لنفرض جدلا فهو منسوخ بقولة تعالى " فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً".
 
كنا وما زلنا نتكلم في الأسارى، والآن لنتكلم في غير الأسارى.
 
هل يباح قتلهم حسب رغبة الحاكم أو الأمير؟ 
 
هل في الإسلام ما يبيح قتل شيخ جاوز الثمانين بحجة انه "كان" يعمل في الدولة الحاكمة. وانه يتصل بمعارفه في دمشق؟
 
او قتل كثير من المسلمين الموحدين؟ من لا يتسع المجال لذكر أسمائهم.
 
لو كنتم على سنة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم يقتل "منافقا" وقع في عرضة الطاهر المطهر فقد قال صلى الله عليه وسلم حين بلغه قول عبد الله بن أبي بن سلول المنافق وزعيم المنافقين في المدينة: “والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل"، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه". لأتبعتم سنته فيمن شككتم في إسلامه وهو يشهد الشهادتين.
 
كما نُهي عن التمثيل بالجثث لقولة تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. اما حادثة قتل راعي رسول الله فهو حد الحرابة، وليس في قتال او دعوة.
 
 
والآن من هم حمير العلم؟
 
أليس حمير العلم من لا يفقه الآيات ولا معانيها؟
 
أليس حمير العلم من لا يفقه معنى السنة الكريمة بانها قول وفعل ورضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس ما اقترح عليه ولم يأخذ به؟
 
أليس حمير العلم من يرى السنة الواضحة فيزّور عنها ويبحث في ثنايا الكتب عن قول مرجوح او قول مرتبط بمناسبة فيخرجه عن مناسبته وظروفه ويُوقعه على الناس بحد سكين او سيف. ويسفه غيره إذا خالفه؟
 
أليس حمير العلم هم من لا يحترمون مخالف لهم ويقذعون في السب والشتم.
 
 هؤلاء من يحق للأمة ان تطلق عليهم حمير العلم.
 
ولي رجعة بإذن الله لبعض ادلتهم الأخرى.
 
وأخر قولي " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد