عمره بعمارة؟!!

mainThumb

27-05-2009 12:00 AM

حسن بلال التل

حدثني احد الاصدقاء انه ذهب قبل بضعة ايام ليحجز رحلة عمرة له ولزوجته، حيث فاجأه تفاوت الاسعار بين الشركات المختلفة رغم تطابق الشروط، خصوصا وانه سمع ان وزارة الاوقاف تحدد اسعارا او سقفا سعريا لكل رحلة حسب شروطها ومواصفاتها، ونتيجة ما رأى من تفاوت في الاسعار ومفاصلات بين الشركة و الزبون ، فقد سلم امره لله وحجز رحلة لدى احدى الشركات بـ150 دينارا للشخص تشمل النقل والمبيت، وبعد عودته للمنزل دله احد الاصدقاء على شركة تلتزم باللوائح والشروط وتسيّر الرحلة بـ110 دنانير للشخص، فذهب صاحبنا وزوجته الى المكتب اياه وبعد اخذ ورد تمكن من استعادة نقوده.
لكنه يقول: واثناء خروجي من المكتب استوقفني منظر لسيدة عجوز طاعنة في السن يبدو عليها رقة الحال تدخل المكتب حيث طلبت من موظف المكتب ان يسجلها في الرحلة القادمة لشركته، وكم كانت المفاجأه عندما طالبها الموظف بـ220 دينارا وبنفس الشروط والمواصفات التي تقاضى عليها هو ذاته 150 دينارا وتقاضى غيره 110 دنانير!!!
يتابع الرجل قائلا: فجن جنوني لذلك الاستغلال السافر باسم الدين، وما زاد حنقي ان السيدة أخذت ترجو ذلك الموظف الذي بالكاد يبلغ سن احفادها وتقسم له الايمان الغلاظ ان كل ما تملك من حطام الدنيا هو مبلغ 200 دينار ادخرتها بشق الانفس لتزور بها بيت الله الحرام قبل ان تقابل وجهه الكريم، خصوصا وان هذا المبلغ تريد له ان يكفي لنفقات الرحلة كاملة وليس فقط مصروفات الشركة بعد ان سمعت ان التكاليف المعتادة لا تزيد عن 110 دنانير.
وبعد كثرة رجاء ودموع تعطف الشاب وتلطف عليها وقبل ان يأخذ منها 180 دينارا بالتمام والكمال، فجن جنون صاحبنا وعاد الى داخل المكتب حيث منع الرجل من نهب العجوز جهارا نهارا واصطحبها معه الى ذات الشركة التي حجز رحلته وزوجته منها، وحجز للعجوز معهما على ذات الرحلة التي هو فيها وسط دعائها ودموعها ان يجزيه الله خيرا ويقي الناس من شرور صاحب الشركة الاول وامثاله.
هذه القصة ومثلها (مثايل) نسمعها كثيرا ودائما عندما يرتبط الامر بالشركات والرحلات السياحية عموما ورحلات العمرة خصوصا، بعد ان قامت وزارة الاوقاف مشكورة بإحكام الزمام على قطاع رحلات الحج بعد ان بلغ استغلال اصحاب الشركات للحجيج كل مبلغ ووصل الحال ببعضهم الى تسكين الحجاج الاردنيين في مبان آيلة للسقوط خالية من الفراش، اما الآن ورغم كثرة اعتراض واستياء حجاجنا الاردنيين والذي رأيت بأم عيني حجم المبالغة فيه الا أن الوضع الحالي وضمن الاطار السعري القائم يبقى ممتازا للغاية، وخصوصا اذا ما قورن بما سبق.
المهم في المسألة هنا ان الشخص قد يتقبل من شركة سياحية او بالاحرى يتوقع منها مقدارا معينا من التضخيم والتبهير والنصب، فقد اصبح من الطبيعي جدا من بعض الشركات ان تحجز رحلة اقامتها في افخر فنادق القاهرة ثم تجد نفسك في (لوكانده) نص نجمة في مرسى مطروح، لكن ما لا يقبله العقل والفطرة السليمة ان يستطيع انسان مسلم ان ينصب ويخدع اخاه المسلم في رحلة حج او عمرة، لكن للاسف فان هذا ما يحدث كل يوم وسط غياب شبه تام للرقابة، سببه الاول الجهل بالقوانين والتعليمات المعمول بها والراجع في الجزء الاكبر منه الى ضعف التوعية من قبل وزارة الاوقاف التي تسخر جل جهودها لخدمة وتطوير موسم الحج رغم ان العمرة مستمرة على مدار العام واعداد المعتمرين هي اضعاف عدد الحجيج، وسببه الثاني المقدرة الكبيرة لبعض اصحاب الشركات على خداع المواطن احيانا ولي ذراعه بوسائل متعددة احيانا اخرى كي لا يتقدم بشكاوى ضدها.
ما نتمناه على اصحاب المؤسسات والشركات هو مراعاة الله بعض الشيء حتى لا يتحولوا الى تجار دنيا تنسيهم الآخرة رغم ان زبائنهم وبضاعتهم هي متاع الآخرة، وما نتمناه على وزارة الاوقاف هو مزيد من التوعية والرقابة حماية للحجيج والمعتمرين، ورغم علمنا ان هذه الشركات هي اولا واخيرا مصالح تجارية غايتها الاولى تحقيق الربح لاصحابها، الا انه لو اراد كل منهم ان يبني عمارة من وراء كل رحلة عمرة فادعوا عليهم بالويل والثبور وعظائم الامور


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد