نريدُ مجلسَ نوّاب بحجمِ المرحلةِ المقبِلة

mainThumb

05-05-2024 12:26 AM

جاء القرارُ الملكيُّ بإجراءِ الانتخابات النيابيّة في موعدها بموجب الاستحقاق الدستوريّ ليحَسَمَ الجدل حول إمكانيّة تأجيلها بسبب الحرب الإسرائيليّة على غزة، وهو خيارٌ ديمقراطيٌّ يعكِسُ الحرصَ الملكيّ على ضرورة إنجاح الإصلاحاتِ الدستورية لعام 2022 وما تمخّض عنها من قانونَيْ الأحزاب والانتخاب، والتي لا تحتملُ التأجيل؛ فمصلحة البلاد في الخيار الديمقراطيّ أولوية لدى القيادة السياسية، لإدراكها حجمَ المخاطر التي تمر بها المنطقة، ما يستدعي ضرورة تغيير الأدوات وصولًا إلى أدواتٍ جديدة قادرةٍ وناجعة في مواجهة أيّة تحديات.
إذن؛ نقبِلُ هذا العام، على فرزِ مجلس نواب جديد، يختلفُ عن سابقه في أمورٍ عدّة، عدا القانون الذي سيأتي النواب بموجبه؛ فهو مجلسٌ سيُنتخب في ظلّ ظرفٍ سياسي دقيق ووضع اقتصاديّ صعب جدًا، فالمرحلةُ المقبلة لن تكون مليئةً بالرفاهيّةِ والرخاء والهدوء؛ وذلك نتيجة لما تمرّ به المنطقة من مخاضٍ عسير قد ينتجُ عنه تبعاتٌ أمنيّة وسياسيّة وعسكريّة لا يمكن توقعها، وكلّ ذلك سينعكسُ على الأردن بطبيعة الحال؛ لوقوعه جغرافيًا في قلب المنطقة المتصارعة.
غربًا، يحاطُ الأردنُ بما يحدث في فلسطين المحتلة، وتحديدًا في غزة من حرب إبادة جماعيّة غير مسبوقة ومخاطر التهجير إلى شبه صحراء سيناء، وإنْ وقع ذلك فشهيّة الكيان الصهيونيّ العدوانيّة سوف تفتح وتنقل عدوى التهجير إلى الضفة الغربية باتجاه الأردن، وقتئذٍ نكون أمام كارثة حقيقية لا يعلم تبعاتها إلا رب العالمين، أمّا شمالًا، فتشكل الميليشيات الارهابية المسلحة على حدودنا، وانتشار الحرس الثوري الايراني في الجنوب السوريّ خطرًا أمنيًا لا يمكنُ تجاهله.
لذا؛ فالأردن اليوم، بحاجةٍ أكثر من أيّ وقت مضى إلى بناءِ مؤسسات دستوريّة قادرة على تحمُّل تبعات المرحلة المقبلة، وما قد تترك من أثار سلبية على البلاد، قد تحتاج إلى اتخاذ تشريعات تمس المصالح العليا في البلاد، مما يستدعي وجود الكفاءات الوطنية وصولًا إلى سلطة تشريعية مكملة لدور السلطات الثلاث.
دائمًا، نأمل في ترسيخ قيم الديمقراطية والحرية، وصولًا لمجلس نواب قادر على تحمّل مسؤولياته، وليكون ممثلًا للإرادة الشعبية بعيدًا عن تغوّل «السلطة» وتدخّلها في الانتخابات، هذا التغوّل الذي قد ينتِجُ مجلسَ نواب «مشوه» غير قادر على تحمّل مسؤوليات المرحلة القادمة، ويعرض الوطن للخطر، نتيجة تركز صناعة القرار في يد سلطة واحدة، ولما يشكل ذلك من اعتداءٍ صارخ على المبدأ الديمقراطي الراسخ: «الفصلُ بين السلطات الثلاث». وهذا يقتضي، التركيز على شفافيّة الانتخابات، وضمان عملية الاقتراع دون أيّ خلل أو تدخل، والحرص على ترجمة الاصلاحات الدستوريّة والتشريعيّة بحذافيرها، ووأد كلّ محاولةٍ لإفشالها من «قوى الشدّ العكسيّ»، فالمرحلة المقبلة تحتاج إلى نوابٍ على قدرٍ من المسؤولية والمصلحة الوطنية، لا نواب مصالح أو عطاءات أو تجار أو رجال أعمال همهم الوحيد ملئ «الجيوب والكروش» ..!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد