الرجوع عن الخطأ فضيلة يا حكومتنا الرشيدة

mainThumb

02-06-2009 12:00 AM

سأكتب هذا المقال مستغلا فسحة الديمقراطية التي نعيشها في بلد الهاشميين ، ولن أجامل أحدا أو أنافق لأحد لان الأمور قد زادت عن حدها والكيل قد طفح ، ولم يبقى مجال للسكوت أو وضع الرأس في التراب ، لم يبقى مجال للدبلوماسية الهادئة أو سياسة مسك العصا من الوسط ، فإما أن نرد دين الوطن الذي يطوق أعناقنا ، وندافع عنه وإما أن نرحل منه لأننا حينئذ لا نستحق أن نعيش فوق ترابه ، فان لم يعجب ما سأقوله البعض ، فهذا أمر يعود له ولا ألزمه بوجهة نظري ، لكن لي الحق في إبداء رأيي ، وهذا الحق كفله لي الدستور ، ولن اسمح لاحد ان يسلبني اياه .
ابدأ كلامي بالخطيئة التي أقدمت الحكومة عليها عندما تعدت على مشاعر ملايين الأردنيين وأصدرت قرارها المشئوم بإعفاء إخوة القردة والخنازير من قتلة الأطفال والنساء من تأشيرة الدخول إلى الأردن ، فهل يحق لهذه الحكومة أن تعفي الإسرائيليين من الحصول على هذه التأشيرة ، في حين تفرضه على الإخوة والأشقاء في بعض الدول العربية ، ما الذي أصاب الحكومة حتى تتخذ مثل هذا القرار الخاطئ ، أين هم المستشارون في رئاسة الوزراء عن إعطاء الرأي الصواب في مثل هذه الأمور الحساسة ، أن مبدأ المعاملة بالمثل من أهم مبادئ السياسة المتعارف عليه في العلاقات الدولية ، فهل بادلنا الكيان الصهيوني مثل هذه المعاملة وسمح للأردنيين بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة دون تأشيرة دخول ، بل على العكس من ذلك فهو يضع من يتقدم للحصول على تأشيرة دخول لفلسطين المحتلة تحت المجهر الأمني ،ولو توجس منه خيفة لما سمح له بان يدخل فلسطين المحتلة حتى لو انطبقت السماء على الأرض ، فالأمن عنده أولا ثم السياسة .
هل مبادرة حسن النية المقدمة من الحكومة الأردنية الموقرة إلى حكومة نتنياهو المتطرفة الإرهابية هي الرد المناسب على تصويت الأغلبية في الكنيست على قرار الوطن البديل ؟ هل هي مكافئة للجانب الإسرائيلي على إرساله لآلاف الخنازير إلى المناطق الحدودية ؟ أم ماذا يسميها دولة رئيس الوزراء ، وهو من أكثر العارفين بحقيقة العدو الصهيوني بحكم منصبه واطلاعه على خفايا الأمور ، ألا يكفي أن رد فعل الحكومة على قرار الوطن البديل المتخذ في الكنيست والذي تعدى على سيادة الأردن كانت دون المستوى المطلوب .
لقد كان على الحكومة أن تأخذ العظة والعبرة من اكتشاف شبكات التجسس الإسرائيلية في لبنان وان تكون على قدر اكبر من الحذر عند التعامل مع العدو الإسرائيلي لا أن تسهل له دخول رعاياه إلى الأردن ، فالغدر والخيانة تجريان في الإسرائيلي مجرى الدم ، وقد يقول البعض أن أجهزتنا الأمنية قادرة على حماية الوطن ، ونحن نؤيد هذا القول ونقول الله يعطيهم ألف عافية ، ففرسان الحق اثبتوا في أكثر من محفل إنهم أهل لثقة القائد الأعلى حفظه الله ، لكن لماذا نزيد الأعباء عليهم بدلا من أن نكون العون لهم على حماية هذا الوطن .
أن الساحة الأردنية تشهد حالة من الغليان الشعبي بسبب قرار الكنيست المشئوم ، ومن ثم جاء قرار الحكومة الأردنية المشئوم أيضا ليضاعف هذا الغليان ، والذي قد يصل إلى درجة لايمكن عندها السيطرة عليه ، فبدلا من أن تمتص الحكومة غليان الشارع ، وتذهب على المعارضة استغلاله لصالحها قامت وبكل أسف بصب الزيت على النار ، والمتابع لردود فعل الناس على قرار الحكومة يجد أنها أخطأت بكل المقاييس ، ولا يوجد لها ادني مبرر لاتخاذ مثل هذا القرار لا من جهة التوقيت ، ولا من جهة المعاملة بالمثل من قبل الإسرائيليين ، فعسى ولعل أن تتراجع الحكومة عن قرارها قبل فوات الأوان ، فالرجوع عن الخطأ فضيلة ، والإصرار عليه لا يجلب الا ندما ، وقد يكون احد المسامير التي تدق في نعش هذه الحكومة ويعجل رحيلها .

Fd25_25@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد