هل يواجه ترامب شبح العزل من جديد

mainThumb

12-06-2025 02:08 AM

رغم مرور أقل من ستة اشهر على على غودته الى البيت الأبيض، يعود اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى واجهة الجدل السياسي مرة أخرى، كهدف محتمل لإجراءات مساءلة قد تصل إلى العزل. ورغم أن هذه الاحتمالات لا تزال ضعيفة من حيث الواقع السياسي الحالي، إلا أنها ليست معدومة، بل تبقى مرهونة بتطورات داخلية متسارعة، أبرزها تداعيات ما يجري في كاليفورنيا مؤخرًا.

في الأيام الأخيرة، شهدت ولاية كاليفورنيا توترات غير مسبوقة، على خلفية نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس بقرار من إدارة ترامب، وهو ما اعتبرته شخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي – ومن بينها رئيسة التجمع الأسود في الكونغرس النائبة إيفيت كلارك – تصرفًا استبداديًا قد يرتقي إلى سلوك "قابل للعزل".

في هذا السياق، ارتفعت أصوات داخل الحزب الديمقراطي تطالب بفتح تحقيق رسمي في ملابسات تدخل ترامب، الذي وصف بأنه تجاوز لصلاحياته التنفيذية، خاصة أن ما جرى تزامن مع احتجاجات محلية ضد العنف الشرطي وسياسات الترحيل القسري. ومع أن البيت الأبيض دافع عن قرار التدخل بصفته "استجابة للأزمة"، إلا أن الجدل السياسي لم يهدأ، بل تصاعد.

لكن بعيدًا عن الضجيج الإعلامي، تبقى الحقيقة أن الواقع البرلماني الأمريكي لا يزال يميل بوضوح لصالح ترامب. فالحزب الجمهوري يسيطر حاليًا على مجلس النواب، كما أن مجلس الشيوخ ليس لديه أغلبية كافية للذهاب بعيدًا في خطوات العزل، التي تتطلب موافقة الثلثين.

وفقًا لأسواق المراهنة السياسية مثل Polymarket، تبلغ احتمالات عزل ترامب في عام 2025 نحو 10–11%، وهي نسبة منخفضة لكنها تُظهر وجود توقعات – ولو ضئيلة – باحتمال تغير المشهد. هذه النسبة ارتفعت قليلاً بعد أزمة كاليفورنيا، لكنها لا تزال ضمن هامش الاحتمال، وليس اليقين.

لكن هل تكفي الأزمة في لوس أنجلوس لإطلاق عملية مساءلة كاملة؟ الجواب: ليس بعد. فالحزب الديمقراطي منقسم داخليًا حول هذا الملف، بين من يرى أن المحاسبة ضرورية للدفاع عن الديمقراطية، ومن يخشى أن يؤدي ذلك إلى تقوية موقع ترامب شعبياً باعتباره "ضحية مطاردة سياسية".

إضافة إلى ذلك، فإن نظام الحكم الأمريكي يقوم على مؤسسات قوية، لا على الانفعالات أو العواطف السياسية. إجراءات العزل تمر بمراحل دستورية واضحة، تبدأ بمساءلة في مجلس النواب، ثم محاكمة في مجلس الشيوخ، ويتطلب الأمر أدلة دامغة ودعماً سياسياً واسعاً، لا مجرد غضب لحظي أو تصعيد إعلامي.

ما يجعل هذا الملف مفتوحًا رغم كل شيء، هو أن الديمقراطية الأمريكية ديناميكية ومتغيرة، تتأثر بتقلبات الرأي العام، وتحولات المزاج الشعبي. فإذا ما تطورت الأحداث في كاليفورنيا، أو ظهرت وقائع جديدة تُضعف موقف ترامب، فإن ما يبدو مستحيلاً اليوم قد يصبح واقعاً غدًا.

ختامًا، نستطيع القول إن شبح العزل لا يُخيّم فوق ترامب الآن، لكنه ليس غائبًا تمامًا عن الأفق. الاحتمالات ضعيفة، لكنها قابلة للتغير، بقدر ما تتغير الظروف والحقائق على الأرض. وكما علمتنا التجربة الأمريكية، فإن ما يحكم اللعبة في نهاية المطاف ليس الأشخاص، بل المؤسسات، والقانون، والدستور.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد