مافيا التعليم

mainThumb

06-06-2009 12:00 AM

حسام عواد

دخلت مجال التعليم بعد أن احببت مواصلة التعليم العالي كونه يوفر لي خبرة في مجال التدريس وكذلك وقتا للتفرغ للتعليم العالي ، وحينها انخرطت في المجال التعليمي وأصبحت جزءا لا يتجزأ من الأسرة التربوية ، ومما لا شك فيه فقد كنت احمل انطباعا عاما عن المعلم وسوء اوضاعه ، وعن الطالب وقلة مستواه ، وعن دور المدرسة المهمش ، وهذه صورة منطبعة جراء تعايشي معها كطالب نشأت في مدارس التربية والتعليم ، ولكن الوضع الذي أراه الآن وأنا في صميم عملي كمعلم انتقل بين مدرسة واخرى وبين عدد من المراكز فقد وجدت ملاحظات إيجابية وكذلك سلبية لا تبدو واضحة للعيان .

أعجبني قدرة بعض المعلمين على إثبات نفسه رغم كل الصعوبات والتحديات المريرة التي يعيشها تحت مسمى المعلم وهو رغم ذلك يبدع ، ويصنع لنفسه اسما ، واسلوب ، ثم يصبح في المستقبل مدرسة في نهجه ، وهذه الصورة البراقة التي يبحث عنها كل معلم في مرحلة الثانوية العامة جعلت المعلمين يدخلون في فخ المنافسة غير المبررة ، فنشأت جراء ذلك تحالفات و اتفاقيات بطريقة عفوية وغالبا غير عفوية ، فسيطر البعض من خلال خبرته وصيته على تدريس بعض المواد واصبح عرافا يضع قوانين اللعبة ، و يدعم فلان ، ويقدح في فلان ، وكلامه في جميع الحالات مصدق امام الطلبة الذين يثقون بالمعلم الكبير.
قد يتفاجأ القارئ حينما اخبرك ان العملية التربوية تدر دخلا خياليا على البعض ، ولذا فإن هذه الميزة جعلت مهنة التعليم تجارة رابحة بين المعلمين أنفسهم ، وبين المدارس الخاصة أيضا ، وكما السوق الفعلي ، فهنالك حيتان ، وكبار وصغار التجار ، وهنالك ممارسات الإحتكار ، والغش ، والاحتيال ، وفي المقابل فهنالك المعلم الذي يحمل رسالة وروحا مهنية سامية .
تزداد النزاعات حدة بين بعض الرؤوس الكبيرة حتى تصل لمرحلة الشتم و التهديد وتشويه السمعة وهذه ممارسات حدثت فعلا ومقيدة في سجلات رسمية .
أظن ان مفهوم مافيا التعليم سزداد وضوحوا مع كثرة المدارس الخاصة وازديادها وحصولها على مزايا لا توجد في المدارس الحكومية ، من حيث فخامة المرافق ، والملاعب والمسابح والمسارح والنشاطات وغيرها ، وهذا سيعمل على تغيير معنى الطالب إلى زبون ، و سيزداد الوضع سوءا خارج أسوار المدرسة .
حتى لا يتسع هذا النطاق فأظن أنه قد حان الوقت للتباحث حول مستقبل المعلم ، وحول وضع ضوابط للعبة أقصد للمهنة ، ومحاولة التفكير الجاد في تحسين دور المعلم ، واشباع حاجاته كي لا يبحث عنها خارج حصته الصفية ، وأظن أنه قد حان الوقت لوجود هئية تربوية مختصة تمثل مجموع المعلمين تلك الفئة التي تعتبر من أكثر فئات المجتمع .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد