الأردن كان وسيظل في دائرة الاستهداف الصهيوني

mainThumb

01-06-2009 12:00 AM

شخصياً لم تثرني تصريحات عضو الكنيست الإسرائيلي أرييه الداد، واقتراحه المقدم الى الكنيست الإسرائيلي، باعتبار الاردن وطناً بديلاً للفلسطينيين . كما لم أر غرابة في أن تمرر لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الاسرائيلي القراءة الاولى لمشروع قانون يعتبر الاردن وطناً بديلاً للفلسطينيين.
ولعدم الغرابة هذه أسباب كثيرة: أولها أن هذا التصريح وهذا الاقتراح، وتلك القراءة كلها جزء من سياق متسق، تتصاعد فيه خطوات العدو باتجاه تهويد سائر فلسطين، للوصول الى الهدف المعلن وهو يهودية الدولة ، وعاصمتها الابدية القدس الموحدة، التي تشهد هذه الايام تسارعاً غير مسبوق في اجراءات تهويدها. والعمل على هدم المسجد الاقصى لبناء الهيكل المزعوم مكانه. وهو الحلم الذي قامت من أجله اسرائيل التي تعيش هذه الايام حالة ألق للفكر الصهيوني بأبشع صوره، والتي يمثلها اليمين المتطرف الذي يحكم في اسرائيل بعد أن انحاز اليه الإسرائيليون مجدداً في الانتخابات الأخيرة. لأن هذا اليمين المتطرف هو الأشد تعبيراً عن مجمل المزاج الاسرائيلي الدموي المتعصب.
كما أنه الاوضح تمثيلاً لعقلية العسكرتاريا المسيطرة على الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين و الذي لم ينس?Z للحظة واحدة منذ قيامه عام 1948, أنه في حالة حرب مستمرة مع محيطه، حتى بعد أن وقعت أجزاء من هذا المحيط اتفاقيات سلام مع هذا العدو. وبعد أن أعلنت جل مكونات هذا المحيط أن السلام مع الكيان الصهيوني هو خيارها الاستراتيجي. وقدمت بين يديه سلسلة من مبادرات السلام التي أخذت طابع الاستسلام.
ومع ذلك ضرب الكيان الاسرائيلي بهذه الاتفاقيات عرض الحائط، كما يفعل الآن وكما فعل سابقاً باتفاقية وادي عربة. والتي قيل لنا أنها كفنت الوطن البديل. واذا به يتحول في ظلها الى مشروع قانون في الكنيست الاسرائيلي، الذي اقر اتفاقية وادي عربة لكنه لم يحترمها. تماماً مثلما تفعل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. فتصريحات ارييه الداد ليست أول التصريحات التي تستهدف الاردن ووجوده في ظل اتفاقية وادي عربة. ففي الذاكرة الكثير من مثل هذه التصريحات والمواقف والممارسات الاسرائيلية التي تستهدف الاردن سيادة ووجوداً. ويكفي أن نعلم أن كل ما يجري في فلسطين يؤثر سلباً على الاردن والأردنيين. وعلى أمنهم واستقرارهم المهدد منذ قيام الكيان الصهيوني. والذي لن يستقر الا بزوال هذا الكيان الذي يهددنا عندما يخلق الفتن بين ابناء فلسطين ويدفعهم نحو الحرب الاهلية التي لانستطيع أن نقف تجاهها مكتوفي الايدي.
? والذي يهددنا عندما يهدد بتدمير مسجدنا الاقصى. فليس من المعقول أن نظل مكتوفي الايدي وأولى قبلتنا وثالث مساجدنا التي تشد اليها الرحال يدمر.
? والذي يهددنا عندما يفرض الحرمان والجوع والعطش على اهلنا في فلسطين فيصير جل همنا كيف نؤمن لهم لقمة العيش وحبة الدواء.
? والذي يهددنا عندما يهدد أبناء فلسطين بالترانسفير معلنا ان الاردن هو وطنهم البديل. ولا غرابة في ذلك فشذاذ الافاق الذين جاءوا الى فلسطين من كل حدب وصوب لا يعرفون المعنى الحقيقي للوطن. ولا يعرفون أن الاوطان لا تستبدل. بل أن المدن لا تستبدل حتى داخل الوطن الواحد.
تصريحات عضو الكنيست ارييه الداد واقرار الكنيست للقراءة الاولى لمشروع اعتبار الاردن وطناً بديلاً لليهود ، ليست مستغربة في ظل حكومة يرأسها صاحب كتاب مكان تحت الشمس الذي يعتبر الاردن جزءًا من ارض الميعاد. وفي ظل حكومة رئيس دبلوماسيتها متعصب أرعن . وفي ظل كنيست يسيطر عليه غلاة المتعصبين. ولذلك فان تمرير لجنة الخارجية والامن في هذا الكنيست للقراءة الأولى لمشروع اعتبار الأردن وطناً بديلاً ليس غريباً ولا مستغرباً لأنه تعبير واضح عن تمسك هذا الكنيست بالمبادئ والاهداف الصهيونية . وليس تعبيراً عن أزمة نخب في اسرائيل كما قيل.
وكما أن تصريحات الداد و تمرير لجنة الخارجية والامن في الكنيست الاسرائيلي للقراءة الاولى للمشروع ليست مستغربة. فان عدم احترام اسرائيل للمواثيق والعهود ليس بالامر المستغرب، واذا كان البعض لا يريد أن يؤمن ويصدق بالآيات القرآنية التي تتحدث عن خيانة اليهود للعهود و المواثيق، فليتأمل ويقرأ جيدا في مسار الاحداث منذ اتفاقيات الهدنة الاولى التي أعقبت كارثة عام 1948و احتلال أجزاء من فلسطين و الى يوم الناس هذا. مروراً باتفاقيات كامب ديفيد، ووادي عربة، واوسلو وواي ريفر، وغيرها من الاتفاقيات التي قدمنا بموجبها كل شئ، ولم نحصل على شئ. فبعد أن أعلنا أن اتفاقية وادي عربة كفنت الوطن البديل ها هو الوطن البديل مشروع قانون في الكنيست الذي اقر الاتفاقية. وها هي السنوات تتوالى ولم يصل الذين وقعوا اوسلو الى مرحلة الحل النهائي رغم مرور سنوات على الموعد الذي ضرب لهذا الحل.
فهل نؤمن بعد ذلك بامكانية الوصول مع هذا العدو الى حلول تعيد الحقوق الى اصحابها؟ أم نأخذ تهديدات الاسرائليين على محمل الجد، ونستعد لها. معلنين أن الاتفاقيات مع هذا العدو لا توفر أمناً ولا تضع حدا لمطامعه التي لا يخفيها، والتي تؤكد جميعها بأن الاردن كان وما زال وسيظل في دائرة الاستهداف الصهيوني. فكيف يكون الرد على هذا الاستهداف؟ !
ان حماية الاردن من الاستهداف الإسرائيلي لا تكون بطرد السفير الإسرائيلي، والغاء معاهدة وادي عربة. وان كان ذلك يجب أن يكون من باب تحصيل الحاصل.. ومن بديهيات الدفاع عن السيادة. ورفض المس بها. كما أن الدفاع عن الاردن لا يكون باللجوء الى مجلس الامن الدولي. والاستنجاد بالرأي العام العالمي. فقد خبرنا طوال عقود مجلس الامن فلم نجد فيه الا حاميا للعدو الاسرائيلي. ساعيا ليحقق لهذا العدو عبر قراراته ما لا يستطيع الاسرائيلي تحقيقه عبر القوة. بل إن مجلس الامن لا يجرؤ على مجرد لوم إسرائيل عندما تضرب مكاتب الامم المتحدة. وتقتل جنودها. كما حدث في غزة وفي جنوب لبنان أكثر من مرة. أما الرأي العام العالمي فحدث ولا حرج عن عجزه تارة وانحيازه للإسرائيلي تارات.
حماية الأردن لا تكون إلا ببناء قوته وأولها القوة العسكرية. من هنا يجب العمل على تقوية قواتنا المسلحة وتزويدها بأحدث الاسلحة. وأن يكون ذلك على أول سلم أولوياتنا. وان تتنوع مصادر هذا التسليح. فلا نقع اسرى لجهة محددة في تسليحنا أو تزويدنا بقطع الغيار لاسلحتنا. آخذين بعين الاعتبار أهمية تطوير صناعتنا العسكرية التي بدأت تؤتي ثمارها. فالاعتماد على الذات هو أول خطوات حماية الاوطان والدفاع عن سيادتها. ومثلما ندعو الى ايلاء تسليح قواتنا المسلحة أهمية قصوى، فان استمرار تدريب هذه القوات وتحديث هذه التدريبات هو الآخر يجب أن يحتل ذات الأهمية.
وعند بناء القوة العسكرية يجب القول أنه العلاج الأمثل لحالة اختلال موازين القوة التي يجب أن نعترف بها لنعالجها، عبر استمرار تسليح الأردنيين وتدريبهم على حرب العصابات والحرب الشعبية.
وقد أثبتت التجارب أن هذا النوع من الحرب هو وسيلة الشعوب للدفاع عن وجودها وأوطانها أمام القوة العسكرية الغاشمة. وفي تجربة غزة ولبنان اللتين يجب أن نستفيد منهما خير برهان على ما نقول. كما أن تجربة الفيتناميين والأفغان في دحر الامريكان والسوفيات برهان قاطع على نجاعة الحرب الشعبية في مواجهة العدوان. من هنا فاننا ندعو الى اعادة خدمة العلم بصورة جدية وجذرية. والايمان بأن حماية الأردن تكون بوضع جميع الأردنيين تحت السلاح ومن ثم تنظيم كافة الأردنيين في خلايا عسكرية مدربة يتم تجديد تدريبها بصورة دورية ليتمكن الاردنيون من الدفاع عن وطنهم اذا جد الجد وحان الحين . خاصة واننا نواجه عدواً لئيماً غادراً لم يتوقف للحظة عن التزود بكل أنواع الاسلحة وأحدثها. ولم تدفعه اتفاقيات السلام التي وقعها الى التخفيف من وتيرة تسلحه. على العكس من ذلك فقد ارتفعت وتيرة التسلح لديه في ظل اتفاقيات السلام. كما أن هذا العدو لم يتوان للحظة على تدريب كل سكانه على حمل السلاح، كل أنواع السلاح للاعتداء علينا. سواء داخل فلسطين التي تشهد بصورة مستمرة اعتداءات قطعان المستوطنين على ابناء فلسطين. او خارج فلسطين، حيث لم تمنع اتفاقيات السلام هذا العدو من استمرار عدوانه علينا. أو التهديد بالعدوان. وفي كل مرة يتم فيها استدعاء الاحتياط للمشاركة في هذا العدوان. فليس في اسرائيل من هو ليس تحت السلاح. فلماذا لا يكون كل اردني تحت السلاح للمشاركة في الدفاع عن الاردن والوقوف امام الاستهداف الصهيوني لبلدنا وامتنا.
غير بناء القوة العسكرية لبلدنا فان المطلوب اعادة بناء جبهتنا الداخلية، لتكون قوية متماسكة. واول ذلك استثارة حمية الأردنيين الوطنية والقومية والدينية. واستحضار وعيهم التاريخي لمخاطر المشروع الصهيوني. واستحضار نضالاتهم الاولى في مواجهة هذا المشروع. فقد كان الأردنيون أول من قدم شهيداً في مواجهة هذا المشروع.
ان استثارة الحمية لبناء الجبهة الداخلية يتطلب اول ما يتطلب ان يتم هذا البناء على قاعدة العدل والمساواة انفاذاً للمادة الدستورية التي تنص على ان الأردنيين امام القانون سواء. والعدل يعني اقرار مبدأ تكافؤ الفرص ومحاربة الوساطة والمحسوبية والرشوة وكل مظهر من مظاهر الفساد. فلا يضعف الاوطان شئ أكثر من الفساد خاصة اذا تلازم هذا الفساد مع النفاق الذي يجمل الاخطاء ويمنع المصارحة والمكاشفة.
واستثارة الحمية الأردنية تستلزم الوقوف في وجه كل مظاهر الانحلال الاخلاقي والاجتماعي. وسد كل بؤرها. فقد عانى بلدنا خلال السنوات الماضية من استشراء الكثير من المظاهر والممارسات التي كانت غريبة عليه. ابتداءً من انتشار المخدرات بأنواعها بين شبابنا ذكوراً واناثاً، مروراً بالسفاح بما في ذلك زنا المحارم. وصولاً الى ظاهرة اللقطاء والاتجار بالبشر الى عمليات السطو المسلح. وعلينا ونحن نواجه هذه الحقيقة أن الا نغفل احتمال أن يكون العدو الصهيوني وراء الكثير من الظواهر والممارسات، ودفع مجتمعنا اليها. تماماً مثلما حدث في الشقيقة مصر على أيدي عملاء الموساد. وكما حدث سابقا في فلسطين المحتلة. وهذا يتطلب منا أن ننتبه الى خطر الخلايا النائمة، التي لابد من أن يكون العدو قد زرعها في صفوفنا. سواء لجمع المعلومات عن بلدنا أو لنشر المعلومات المغلوطة والإشاعات المدمرة بيننا. أو لنشر الرذيلة داخل مجتمعنا. وهنا يبرز دور الاجهزة الامنية في متابعة ملاحقة هذه الخلايا النائمة بأنواعها ومهامها المختلفة.
خلاصة القول: إن حماية الاردن لن تتم عبر البيانات والتصريحات. أو عبر الشجب والاستنكار . لكنها تحتاج الى عمل جاد وموصول. يبدأ من المفاهيم والقناعات. فالمطلوب الآن أن تعود إسرائيل في ذهن وتصور الجميع عدوا لا يجوز ان نأمن شره. خاصة وان فئات من المحسوبين على بلدنا لم تعد تنظر الى إسرائيل كعدو. وحتى نعيد بناء المفاهيم والقناعات التي من شأنها حماية الاردن. فالمطلوب نشر ثقافة المقاومة والتحفيز والحيطة والحذر. بدلاً من ثقافة الاستسلام والخدر والاسترخاء. وان نعيد الايمان بان حمايتنا تكمن بالاعتماد على عمقنا العربي والاسلامي وليس بالاعتماد على الاتفاقيات والمعاهدات. فالذين صادقوا على الاتفاقيات مع بلدنا هم الذين يشرعون اليوم لاعتبار بلدنا وطنا بديلا. فشروا وخاب فألهم


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد