الصفقة المرعبة .. حل الدولتين مقابل "رأس" إيران

mainThumb

31-05-2009 12:00 AM

نشأت الحلبي

لم يكد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يعود الى تل أبيب بعد لقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، حتى "عدّل" بعض من خطابه إتجاه العملية السلمية، هذا التعديل جاء على شكل تصريحات فيها من التنازل عن برنامج حكومة تل أبيب المتشدد "الشيئ القليل"، وحتى في "القليل" من هذا التنازل ما يمكن أن يقود الى التفكير بسيناريوهات أكثر خطورة ولا تبعث على الإطمئنان، ولعل ما يدفع الى التفكير بخطورة "المبهم" في ذهن نتنياهو، تلاقي تصريحاته عن إزالة بعض البؤر الإستيطانية العشوائيه من الأراضي الفلسطينية، مع الأنباء التي تواردت عن قرار الحكومة الإسرائيلية بتوزيع أقنعة واقية من الغاز على مواطنيها، هذا فضلا عن إشارة نتنياهو "المبهمة" عن دولة فلسطينية دون أن يذكر الدولة بالإسم، لكنه أشار الى بعض من تفاصيلها أو شكلها.

لا أحد يعلم ما الذي دار في كواليس المحادثات، او لربما "المفاوضات" بين نتنياهو وأركان إدارة الرئيس أوباما، لكن مما لا شك فيه بأنها جرت في وقت رفعت فيه واشنطن من سقف إنتقادها لطهران على خلفية رفض الأخيرة التحرك قيد أنملة الى الأمام في المفاوضات الشاقة مع وكالة الطاقة الذرية الدولية والمجتمع الدولي بخصوص برنامجها النووي، وفيما تدخل إيران أجواء إنتخابات رئاسية، فقد فرض الملف النووي نفسه على الأجواء في إيران من باب إستخدامه كورقة رابحة أمام الجمهور الإيراني الذي بات أكثر قناعة بوجوب إمتلاك السلاح النووي متأثرا بتعبئة المحافظين الذين غرسوا في جمهور عريض من الإيرانيين مشاعر التحدي من باب أن من حقه بأن يكون قوة عالمية من فوهات الأسلحة النووية.

وقبل أن نحاول أن نعصف الذهن لتخيل ما جرى بين نتنياهو والمسؤولين الأميركيين، فإنه لا بد من التأشير أيضا على النية الإسرائيلية بالقيام بمناورة عسكرية لربما تعد من اكبر المناورات التي يجريها "جيش الدفاع" في تاريخه، وتزامن الحديث عن هذه المناورة مع نتائج إستطلاع أجري مؤخرا على الجمهور الإسرائيلي اكد فيه المستطلعون بأن إيران هي الدولة الأكثر خطورة على إسرائيل، بل وايد أكثر من خمسون بالمائة منهم توجيه ضربة عسكرية الى إيران للخلاص من هاجس ضربة نووية قد توجه الى إسرائيل على حين غفلة، وإذا ما إجتمعت كل هذه العناصر، فالنتيجة المرعبة تكمن في أن يكون نتنياهو قد حصل على وعود "ما" من أميركا بإنهاء الكابوس الإيراني مقابل أن "يبيّض" وجه إدارة أوباما في إتجاه حل الدولتين و "تمريق" تصريحات صحافية تدلل ولو بإشارة بسيطة الى القبول ولو حتى بمبدأ الحل توطئة للتدخل المباشر من قبل أوباما شخصيا في القضية الفلسطينية.

لسنا هنا بمعرض إنزال أوباما نفسه عن رف "التفاؤل" الذي ما زلنا نراهن عليه والذي قادنا في مكان ما الى توقع مواجهة حامية الوطيس بينه وبين حكومة نتنياهو القائمة جل أعمدتها على وزراء متطرفين يرفضون مجرد الحديث عن دولة فلسطينية، بل وما زال منهم الكثيرون يتحدثون عن وطن بديل للفلسطينيين، فحكومة مثل هذه تقودها أحزاب متطرفة مثل إسرائيل بيتنا وشاس وغيرهما، لا بد وأن تكون بهذه الأيديولوجيا السياسية والدينية اليهودية والصهيونية المتطرفة، لكننا في الوقت نفسه نخشى بأن يكون نتنياهو قد أجاد اللعب بورقة "الفزع" من النووي الإيراني لدى واشنطن ليحصل على "وعد أوباما" بضرب إيران أو بالسماح لإسرائيل بتوجيه ضربة الى إيران بدعم أميركي ولربما أوروبي عسكري مباشر في المنطقة، وإذا هذا ما كان "قيد" الإحتمال، فإن نتنياهو يكون قد أخرج مولوده في فكرة إشعال حرب "تصفية" في المنطقة الى حيز الوجود وبجواز سفر أميركي، فضربة لإيران تعني ضربة أكثر قساوة الى غزة وفتح جبهة الجنوب اللبناني مع حزب الله وتوريط أميركا وبعض الأوروبيين في هذه الحرب لتصفية "دموية" لكل الملفات "المؤرقة" لإسرائيل دفعة واحدة.

الأخطر أيضا أن نتنياهو تحدث عن "لا رفض" للدخول في مفاوضات سوريا، وهذا إذا ما أسقط على المحاولات الأميركية بسلخ الحلف السوري مع إيران عبر كثير من الوفود الأميركية لا سيما من قبل الكونغرس الى دمشق رغم القرار الأميركي الأخير بتجديد العقوبات الإقتصادية على سوريا، فإنه قد يضاف الى المؤشرات "المريبة" لتلك الحرب، فمن صالح إسرائيل تحييد سوريا في حال توجيه ضربة عسكرية الى إيران والى غزة والى حزب الله، ولعل محاولة التحييد هذه كانت جزءا من الصفقة التي يمكن أن تكون قد عقدت في واشنطن.

في القريب حذرت نخب سياسية عربية، ومنها أردنية، من حرب باتت إسرائيل تدق طبولها مطالبين بضرورة تدخل أميركي فوري في العملية السلمية في الشرق الأوسط، وهذا التحذير يتوازى تماما مع كل المؤشرات التي تحدثنا عنها في السياق السابق، وهي مؤشرا فاحت معها رائحة البارود في أجواء الشرق الأوسط بشكل غير مسبوق.

Nashat2000@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد