التسول .. وظيفة من غير واسطة!!

mainThumb

13-06-2009 12:00 AM

خليل فائق القروم
أضحى التسول في أردن العز والفخار, فنًا ومهنة تدر المال الوفير على بعض المتسولين، حتى أن بعض المتسولين صارت لهم ممتلكات وعقارات وأراض أيضًا نتيجة عملهم الدؤوب في مد اليد أمام الناس في الممرات والشوارع وقرب المساجد والمستشفيات، حيث يكثر المارة ويكثر المحسنون وذوالجود والإنفاق.
حتى صار التسول تجارة مربحة لا تبور مع مرور الأيام ، ويستغل بعض المتسولين رأفة الناس بهم , لتكديس الأموال يومًا بعد يوم، بتغيير الأماكن والمدن أحيانًا، فالأساس لديهم هو تجميع أكبر قدر ممكن من المال يقيه غدر الزمان ونوائب الدهر.
ومن أحدث الطرق عند بعض المتسولين التفنن في تمثيل أنفسهم ذوي عاهات وإعاقات بدنية، فهناك متسولون يتقنون طي الرجل أو الذراع بشكل بارع إلى درجة يتخيل معها الناس أن الرجل فعلاً ذو عاهة ويستحق الرحمة، فتنهال عليه الصدقات من كل جانب.
وهناك طريقة حديثة في التسول ملخصها أن يأتي المتسول متجولاً في أزقة الأحياء والشوارع يطرق أبواب المنازل ورفقته رجل يكون بمظهر محترم ويعلوه وقار، ويبدو على محياهما الحزن، وفي يد المتسول صحن دائري بدعوى جمع النقود لمتوفى من عائلته لا يجد أهله بماذا يكفنونه، وتسمى هذه الحيلة "كفن غريب"، وبات يمارسها كثير من المتسولين خاصة الذين يفدون إلى المدينة من مناطق أخرى مجاورة، غير أنه في بعض الحالات يتم كشف احتيال المتسول؛ مثل ما وقع ذات مرة في إحدى المحافظات حيث كان يتجول شاب مدعيًا أن عمه المسن توفي، وكان يجمع التبرعات من سكان الأحياء والأزقة للمساعدة في شراء كفن وتحضير الغداء للناس المعزين، غير أن صادف في تجوله رجلاً يعرف عمه ، فسأله هل عمك هو فلان؟ أجابه الشاب نعم وإني أجمع له مالاً لأنه توفي هذا الصباح، فنظر إليه الرجل باستغراب وصاح في وجهه كاشفًا حيلته الخبيثة بكونه كان معه منذ قليل على متن الحافلة في مدينة قريبة، فتوسل الشاب المتسول من الرجل ألا يفضحه على ألا يعيد التسول بهذه الطريقة مجددًا!!
وتتنوع طرق التسول ، ولعل إحداها أن يركب المتسول ـ وعادة ما يكون شابا أو فتاة ـ حافلة وبدون أن يتحدث يوزع أوراقًا صغيرة على الركاب، وفيها عبارات تكون مكتوبة بخط اليد فيها: "أنا شاب (أو فتاة) يتيم وأعيل والدتي المريضة، وأرجو أن تساعدوني ببعض الدراهم حتى أعود لأمي بدواء لمرض الربو.." ويختتم العبارات بآيات من القرآن الكريم استدرارًا لعطف الركاب، فمنهم من يتجاوب ويصدق ومنهم من لا يكترث لهذه الطريقة الجديدة في طلب المساعدة من الناس.
وهناك طريقة أخرى حين يصعد الشاب مرتديًا ثياب عادية ومظهر عاد، ويؤكد للناس في الحافلة أنه خرج لتوه من السجن ويريد العودة إلى بلدته أو مدينته التي تبعد بمئات الكيلومترات، وأنه ندم على دخوله السجن، وأنه تاب ويطلب العون المادي حتى يجد ثمن النقل إلى أسرته لأنه خرج من السجن دون فلس واحد، ويقول لهم كطريقة للإقناع أنه كان بإمكانه أن يأخذ مال البعض بالقوة بحكم أنه "ابن سجون"، لكنه تاب ويريد مالاً بالحلال، فهناك من تنطلي عليه الحيلة وهناك من يعرف أنها مجرد طريقة جديدة من طرق المتسولين الجدد.
وجدير بالذكر بان النساء أكثر المتسولين وتشكل النساء نصف عدد المتسولين ، حيث بلغت نسبة النساء المتسولات 62 % ، والأطفال يشكلون 11.5 % ،
- ولكن السؤال الذي يدور في الاذهان كيف نقوم بعلاج هذه الظاهرة التي تستفحل يوماً عن يوم في هذا البلد ؟
شخصياً أجد من الضروري دمج الأشخاص ضحايا التسول في مؤسسات المجتمع، ومساعدتهم في حل مشاكلهم، وتأهيل البعض منهم من أجل الحصول على فرص عمل بدل التسول.
واذا لم يكن هنالك استجابه فلا بد من اللجوء الى الوسائل الزجرية عبر مؤسسة القضاء، حيث إن العديد من المتسولين تحولوا إلى شبكات منظمة لاستغلال الأطفال والمعاقين في التسول، بل إن بعض الأشخاص يمتهنون التسول رغم أن ظروفهم المادية لا تدعو إلى ذلك.
وعدم اغفال دور الاعلام بصرورة التوعيه بخطورة ظاهرة التسول على النسيج الاجتماعي ، لأنها تزرع ثقافة التواكل والكسل بدل الاعتماد على الذات لحل مشكل الفقر.

Kfg_81@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد