على هامش خطاب اوباما .. القضية ليست الاسلام .. بل فلسطين

mainThumb

13-06-2009 12:00 AM

مالك نصراوين

الخطاب الذي القاه الرئيس الامريكي في جامعة القاهرة ، والموجه الى العالم العربي والاسلامي ، والذي عقد عليه العرب والمسلمون آمالا عريضة ، لم يكن سوى خطابا انشائيا عاطفيا ، لم يتضمن أي اشارات الى خطوات عملية ، يمكن ان تبعث على الاطمئنان ، وعلى الثقة بازالة اسباب التوتر ، بين شعوب المنطقة وامريكا .

لقد ركز الرئيس الامريكي في خطابه ، على ايجابية النظرة الامريكية للاسلام ، وهذه النظرة ليست القضية الاساسية ، فالنظرة المعاكسة كانت نتاج احداث الحادي عشر من ايلول ، وما تلاها من تداعيات ، ادت الى بروز تطرف اسلامي قاده تنظيم القاعدة ، نتيجة ردود الفعل الامريكية على تلك الاحداث ، والتي كانت عمياء في جوانب منها ، لم تتوجه الى الهدف الحقيقي ، كما لم تقارب المسببات لتلك الاحداث وذلك التطرف ، فأدت الى مزيد من التطرف ، ومزيد من الغضب الشعبي وحتى الرسمي .

لقد اشار الرئيس الامريكي الى قضية الشعب الفلسطيني ، التي امتدت الى واحد وستين عاما ، دون ان تجد لها الحل المرضي ، الذي يعيد الحقوق لاصحابها ، فكانت اشارته المبهمة ، الى ان الولايات المتحدة لن تدير ظهرها لطموحات الشعب الفلسطيني ، بينما اكد بوضوح التزامه بامن اسرائيل .

لقد تجاهل الرئيس الامريكي معاناة الشعب الفلسطيني ، طيلة الستة عقود الماضية ، تماما كما يتجاهلها الكثيرون ، وهم الذين لا يتركون مناسبة ، الا ويعيدون استذكار محرقة اليهود في المانيا ، ويتجاهلون المحرقة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني ، وكانت اخر فصولها محرقة غزة قبل اشهر .

كان بودنا ايضا ، وبعد ان اعلنت الحرب الامريكية على الارهاب ، بعد احداث ايلول ، ان تتم الاشارة فقط الى سبب هذا التعاطف الشعبي مع كل من يتصدى للسياسة الامريكة ، وادراك ان هذا التطرف ما كان ليجد هذا التعاطف ، لولا انحياز امريكا الاعمى الى جانب اسرائيل دوما ، وكان بودنا ان نجد احدا في هذا العالم ، يشير الى اخلاقيات النضال الفلسطيني طيلة العقود الماضية ، حيث لم يمارس هذا الشعب ، وبرغم كل المعاناة والتواطؤ ، جزءا يسيرا مما تمارسه اسرائيل ، وما يمارسه المتطرفون من قتل للابرياء ، رغم ان الفلسطينيين هم الضحايا المباشرين لاسرائيل واعوانها ، فها هم يمدون ايديهم للسلام ، ووتقابلهم اسرائيل بالقتل والمزيد من الاستيطان والتهويد ، ومزيد من تجاهل حقوقهم وطموحاتهم ، فقد كان الاولى ان يكون تنظيم القاعدة فلسطينيا ، لكنه انطلق من الشهود على معاناتهم .

لماذا لا يكون هناك وضوح في الاشارة الى مقومات السلام العادل والشامل والدائم ، الى ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة على ارض فلسطين ، والى حق العودة للفلسطينيين الى ديارهم ، لماذا تكون الاشارة مبهمة ، وفي احسن الاحوال يقال ، ان من حق الفلسطينيين ان تكون لهم دولة ، دون الاشارة الى ارض هذه الدولة ، لماذا تسكت امريكا والغرب ، عن اطماع المتطرفين الصهاينة في ارض الاردن ، الذين اعادوا انتاج وتصدير وعد بلفور جديد على حساب الاردن ، ماذا سيكون رد فعلهم ، لو اقرت احدى البرلمانات العربية ، حق الفلسطينيين في اقامة دولتهم على ارض فلسطين ، من النهر الى البحر ؟

لقد تطرق الرئيس الامريكي الى قضايا الديمقراطية والاقليات ، وهي قضايا حقيقية تعاني منها شعوب المنطقة ، وتعاني منها الاقليات في اكثر من دولة عربية واسلامية ، لكن التدخل الامريكي لن يكون في مصلحة تلك القضايا ، لان سجل امريكا في مجال حقوق الانسان والديمقراطية في العالم ، لم يكن مشرقا ، فكم من انظمة قمعية نالت الدعم الامريكي وما تزال ، وكم من انظمة ديمقراطية تعرضت للارهاب الامريكي ، فنحن لم ننسى الرئيس التشيلي المنتخب ، سلفادور الليندي ، الذي اسقطته الولايات المتحدة اوائل السبعينات ، وسمحت بارتكاب مجازر بشعة في اعقابه ، وتآمرها على كثير من الانظمة المنتخبة ديمقراطيا في امريكا اللاتينية ، ولن ننسى ان الغزو الامريكي للعراق هو الذي تسبب في معاناة المسيحيين العراقيين ، فامريكا دائما تنظر لمصلحتها اولا ، وغير مؤهلة لممارسة ذلك الدور "الابوي" الذي تتقمصه حاليا ، كما ان مجرد اشارة امريكا الى اي قضية من هذا القبيل ، هي بمثابة تهمة لاصحاب تلك القضايا بالعمالة لها والارتباط بمخططاتها ، ومبررا لمزيد من الاضطهاد لها ، فالذي يرعى حقوق الانسان والديمقراطية على مستوى العالم ، يجب ان تكون نظرته شمولية ، وبنفس المعيار لكل الشعوب ، فمن غير المنطق ان تتبنى امريكا الدفاع عن حقوق الاقليات ، وتقف داعمة للمذابح الاسرائيلية ضد ابناء المنطقة ، وان تدافع عن الديمقراطية وتساند انظمة قمعية .
m_nasrawin@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد