اعلامنا الرسمي في واد .. والوطن في واد

mainThumb

14-06-2009 12:00 AM

د.محمد المناصير
تطالعنا الحكومات الرشيدة بين الفينة والاخرى بتغييرات جديدة في الاعلام ، ولكن عملها يشبه دائما( حراثة الجمال) اي ان الجمل بعد ان يحرث الارض يدوسها بخفه الكبير فتعود كما كانت بعد حراثتها ، وعادة ما تشمل التغييرات والترويحات وسائل الاعلام الناجحة ، وهي خطوات تشكل محاولة لتحريك المياه الراكدة في وسائل اعلامنا التي تعيش حالة من الفوضى بغياب وزارة الاعلام ، ولعدم وجود مرجعية واحدة لاعلامنا ، ولعدم وجود استراتيجية وطنية اردنية ، فقد كانت الوزارة هي التي تحكم الفعل الاعلامي في المملكة لما له من دور فاعل في النهضة التي يشهدها الاردن ، وعلى الصعيد السياسي لتفسير مفردات جلالة الملك وتوجهات الوطن ، والدفاع عن الاردن امام الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الاردن .
ان الحملة المغرضة من الاعلام الصهيوني على الاردن ، بدأت من عام 1921 عندما اصبحت الاردن دولة ، وهي كانت في مخططات الصهاينة ضمن اسرائيل الكبرى ، ولكن اعلامنا الذي ولد من رحم الحرب العربية الصهيونية عام 1948 كان قادرا على المواجهة ، عصيا على الاختراق ، قادرا على التصدي بالكلمة والصورة ، قويا مقنعا يعرف توجهات جلالة الملك ومنطلقات الاردن ، اما اليوم فان اعلامنا عاجز عن الرد والمواجهة ، ولذلك يتعرض الاردن لهذه الهجمة الصهيونية والمتصهينة ، لسنا قادرون على المواجهة ، والاعلام الصهيوني الذي واجهناه 60 عاما نحن الان عاجزون حتى عن معرفة توجهات جلالة سيدنا ملك البلاد الذي يعمل المستحيل لتطوير البلد وقد اعطى الاعلام بعدا وقوة لم يشهدها من قبل واعطى حرية للاعلام قل نظيرها في انحاء العالم لان سقفها السماء ، كما ان وسائل اعلامنا لا تعرف استراجيات وثوابت وطننا ، الذي اثبت موجودية اغاضت العدو قبل الصديق ، نحن بحاجة لعودة مدرستنا الاعلامية العملاقة التي خاضت حروب 1948 و1967 و1956 و 1973 ، وحرب الخليج الاولى بعد 1980 و حرب الخليج الثانية 1990 ونجح فيها اعلامنا واثار الدهشة حقا . ولكن اين نحن من الامس ، انني اعلن الموت البطيء لاعلامنا الرسمي ، وعجزه الكامل عن الرد والمواجهة ، وعدم قدرته الارتقاء الى فكر جلالة الملك المعظم ، واستراتيجية الوطن .
وقد كان اعلامنا مدرسة تخرج الاعلاميين المهنيين لكافة الفضائيات ، ولكنا اليوم بحاجة الى اعلام وطني مهني قادر على الرد والمواجهة ، وتعرية الذين يصطادون بالماء العكر ، فالاعلام الاسرائيلي، يعرف كيف يحرف الحقائق ويقنع بها الاخرين ، ولكن اعلامنا وخاصة التلفزيوني عاجز تماما عن الرد والمواحهة ، ورد التهمة بالحقيقة ، والتحريف بالتعريف ، والاكذوبة بالتفنيد ، كما كان يعمل اعلامنا التلفزيوني قبل ان ينهار ويذبح على نطع الواسطات والمحسوبيات التي جاءت بمدراء اعلاميين ليسوا على قدر المهنة وتحمل المسؤولية ، وعدم القدرة على مواكبة نجاحات الوطن ، وانني لا احمل مسؤولية هذا التردي الاعلامي في الرد على الهجمة الاعلامية الاسرائيلية المتزامنة بالضبط مع حملة تقودها بعض الفضائيات ، نتيجة الطرح الموضوعي الذي طرحه جلالة سيدنا في الكونغرس الامريكي ، الذي خاطب فيه العقل قبل القلب ، وتمكن من خلاله ان يحرك المياه الراكدة للسلام التي لا تريد اسرائيل تحريكها ، لتبقى كما هي لا حرب ولا سلام ، على امل تحقيق طموحات وافكار الكيان الاسرائيلي المحتل العالمية التي دعمها الغرب ، ولهذا فان الحقيقة مرة ، علينا ان نتجرع الحقيقة مهما كانت مرة لنرد على ترهات هؤلاء ، الذين كان خطاب جلالة الملك احراجا لهم وللعالم المحب للسلام بأسره ، فاين اعلامنا ؟؟ والجواب هو ان مسؤولينا في الاعلام التلفزيوني الرسمي لا زالوا يغطون في نوم عميق وسبات دائم .

وقد وصف دولة الرئيس السابق عبد الرؤوف الروابدة اعلامنا الرسمي حين كان رئيسا للوزراء بالمرعوب ، نعم فهو اعلام مرعوب خوفا على الكراسي والمنافع والمكتسبات ، فبعض المسؤولين الاعلاميين همهم المنافع والمكاسب الشخصية ، وهم بذلك عاجزون عن الارتقاء الى مستوى افكار وتطلعات جلالة الملك المفدى ، الذي علم العالم سحر الكلمة المنطوقة وقدرتها الهائلة على التغيير ، بقامة عالية لن يصل الى مستواها اعلامنا الرسمي بهذه القيادات الت خلقت من رحم الواسطة والارتزاق والتنفيعات لجني المكاسب الشخصية ، على حساب الاعلام الوطني المسؤول .
حمى الله الوطن من هذه الهجمات الاعلامية التي لا يستطيع اعلامنا ان يرد عليها بالحجة والاقناع ، بالمهنية لا بالتهويش ، وبالاقناع لا بالتهميش .
واخيرا اقول ان اعلامنا التلفزيوني بحاجة الى حراس على قدر المسؤولية لانقاذه من وضعه المتردي .
حتى ان كثيرا من اعلاميينا في اعلى المراكز فشلوا في فهم مكنون فكر جلالة سيدنا واتمنى ان نعود كما كنا مرجعا للخبر والمعلومة ودرعا يحمي الانجاز ويتصدى لكل متصيد ومتربص بالاردن .
* جامعة الشرق الاوسط للدراسات العليا/ قسم الاعلام .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد