أول "خيبات أمل" أوباما

mainThumb

18-06-2009 12:00 AM

نشأت الحلبي

منذ أن سقطت أول ورقة إنتخاب في صناديق الإقتراع في إيران، كانت الولايات المتحدة الأميركية تحبس أنفاسها، فواشنطن عولت كثيرا على أن تحدث تغييرا مهما في الجمهورية الإسلامية بعد الخطاب الهام والتاريخي الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما في جامعة القاهرة، ففي الخطاب حاول أوباما ما إستطاع هو وكل مستشاريه لا سيما الملسمون منهم، أن يغيروا شكل المعادلة في طهران، وصب أوباما في خطابه كل جهد ممكن حتى يظهر حسن نوايا إتجاه الإسلام خصوصا، مؤكدا بأنه لا يمانع بأن تمتلك إيران النووي "السلمي" مقابل أن تنفتح أميركا، بل وكل العالم على إيران إذا ما وضع الإيرانيون حدا لسباق التسلح خلف ظهورهم وتطلعوا للإنخراط بالمجتمع الدولي بمواصفات ومقاييس مختلفة تماما عن "وصفة" المحافظين الإيرانيين، وهنا كانت تعول طهران بأن يبزغ فجر "الإصلاحيين" عبر فوز مير حسين موسوي الذي ينتصر برنامجه لحقوق المرأة والحريات وغيرها من "الوصفات" التي كانت تعول واشنطن عليها لتكون مفتاح التغيير في إيران.

إيران، أو لربما الشعب الإيراني، رد على خطاب أوباما بأن إختار عودة المحافظ نجاد الى السلطة من جديد، وهو ما يعني إستمرار حالة "حرب النووي الباردة" بين طهران والمجتمع الدولي عموما وواشنطن خصوصا، وعليه، فإن مهمة أوباما في تحسين صورة أميركا وفي محاولة إسترضاء الشارع المسلم عموما، إزدادت صعوبة، بل وأصبحت شائكة ومتداخلة وأكثر تعقيدا على الرغم من بعض الأمل الذي ساد الأجواء بعد فوز "الموالاة" في لبنان بأغلبية المقاعد النيابية اللبنانية وهو الأمر الذي رأت فيه واشنطن بصيصا من أمل في توجهات التغيير في المنطقة والتي تريد أن تأسس عليها لخط دبلوماسي جديد عنوانه "صورة أميركية جديدة".

على كل حال، فإن القراءة الهامة التي يجب أن تمعن واشنطن النظر فيها في نتيجة الإنتخابات الرئاسية الإيرانية هي أن الشعوب وعلى ما يبدو، لم تعد تؤمن بمجرد الخطب لا سيما وأنها الى الماضي القريب جدا قد ذاقت الأمرين، ولربما هو حال الدبلوماسية العربية والإسلامية، ففي التاريخ عبرة، وعبرة التاريخ القريب جدا تقول بأن إسرائيل مثلا، والتي تعد أهم أسباب الصراع في منطقة الشرق الأوسط، ردت على المبادرة العربية للسلام بمزيد من التطرف، بل وبمزيد من الدماء كما جرى مؤخرا في الحرب اللئيمة على غزة، وإذا ما كانت الشعوب الإسلامية والعربية لم تعد تؤمن بأي خطاب سلمي، فما بالنا و"شعب" إسرائيل الذي إختار مؤخرا واحدة من أكثر الحكومات تطرفا ودموية، وتأسيسا على هذا، فإن خيار الشعب الإيراني بإعادة "النووي نجاد" الى السلطة ليس بالمستهجن ما دام أن سياسات ودبلوماسيات المجتمع الدولي وعلى راسه الولايات المتحدة الأميركية ما تزال تكيل بمكيالين وترجح دائما كفة إسرائيل وتدعم دائما كفة إسرائيل، وإلا لماذا إذن لم تفكر واشنطن والمجتمع الدولي بالتفتيش على أسلحة الدمار الشامل في إسرائيل وبمنعها من إمتلاك الأسلحة النووية والتي تضع عبرها منطقة الشرق الاوسط كلها على فوهة إنفجار نووي.

إحباط الشعب الإيراني من السلام لا يختلف كثيرا عن حال الشعب الفلسطيني الذي فقد الأمل ايضا بكل ما هو سلمي قد يأتي عبر البوابة الأميركية، فإختار المقاومة عبر إختياره لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وهو ما كان من تبعاته ما يجري الآن في فلسطين من إنشقاق لغزة بعد أن حاول هذا – المجتمع الدولي – الإنقلاب على الديمقراطية الفلسطينية التي جرت أساسا بمقاييس أوروبية وأميركية، لكن أصحاب المقاييس هذه لم يرضوا بنتائجها ما دام أن إفرازاتها لا تتلاءم ومقاييسهم.

ما جرى في إيران، وفي جردة التحولات هذه في المنطقة، يجب أن تضع واشنطن أمام حقيقة أن الخطاب لم يكفي، وأن ما يجب أن يؤسس له الآن عمل على الأرض وليس مجرد حملة علاقات عامة في العالم الإسلامي والعربي، لأن الشعوب العربية والإسلامية لم تعد تؤمن أو تفكر بمدى جدوى حملات العلاقات العامة والخطابات، بل تريد ترجمة على الأرض، والمفتاح أولا يجب أن يكون إبتداء بالقضية الفلسطينية من خلال حل عادل وشامل حتى تتمكن أميركا من إعادة ثقة المواطن العربي والمسلم بها، وإلا فإن خيبات الأمل الأميركية ستتوالى تباعا على شكل خيبة أملها الأولى في إيران.

Nashat2000@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد