بين الفساد والتدخين

mainThumb

13-06-2009 12:00 AM

الأسبوع الماضي نشرت الصحف، الاستطلاع السنوي لتقييم أداء الحكومات، وأن الحكومة الحالية أخفقت في بعض الجوانب ومن ضمن إخفاقاتها منذ أن بدأت، بل والحكومات السابقة، إخفاقها في مكافحة الفساد... و أن الحكومة لم تستطع أن تكافح هذه الآفة ! لأن إدمانها قوي وكل الأدوية التي وفرتها الحكومة لأصحاب هذا المرض لم تفلح، لأنه مترسخ عندنا، وانتشر في مجتمعاتنا على كل الأصعدة، حتى صار ظاهرة سيئة.

ثم في خبر آخر كشفت فيه أن معدل الإنفاق السنوي على التدخين بالمليارات، إذن هناك تسرب شديد للأموال، وأن الإنفاق في غير طريقه الصحيح، فالمدخن حجب المال عن أولاده وبيته، وحرقه بلا فائدة وهو مال طائل إذا تراكم، والفساد حجب المال العام عن مستحقيه ليأخذه أشخاص يحرقونه بلا فائدة، إذن فالفساد في مجتمعاتنا أصبح كالتدخين ! والمدخن يكره التدخين لكنه لا يستطيع تركه لأنه أدمن عليه أو صار عادة وجزءا منه، والفساد قد يكرهه الفاسدون لكنهم لا يستطيعون مقاومته أو يدعون كرهه وهم مستفيدون من انتشاره، كشركات الدخان التي تحذر من التدخين وهي التي تصنعه وتتمنى ألا يتركه أحد.

لذلك هناك صفات مشتركة بين الفساد والتدخين من حيث تعامل الناس والمسؤولين معه :

- كلما كبر المدخن ماديا واجتماعيا وسياسيا، كبرت لفافته (سيجارته) فهو لا يرضى أن يدخن أي نوع منه " فالسيجارة تصبح سيجارا كوبيا"، وكذلك الفاسد الكبير لاترضيه إلا الملايين فما فوق ولا يتنازل الى التوافه.

- الآباء يدخنون ويمنعون الصغار من التدخين خوفا عليهم، ويحاولون أن يقنعوا الصغار بضرر التدخين وهم لا يمتنعون عنه، والصغار لا يقتنعون يدخنون مع مجموعة الرفاق، والكبار يعرفون ويغضون الطرف لكن إذا افتضح امر الصغير أول من يحاكمه ويعاقبه المدخن الكبير بحجة أنه صغير.. ولما يكبر!!، كذلك الفساد.

- التدخين تفشى في المجتمع حتى وصل البيوت وصارت الأسرة تجتمع على الأرجيلة لافرق بين أم وبنت وأب، كذلك الفساد اجتاح المجتمع حتى ليخيل لي أن كل سلوك في المجتمع فساد.

- التدخين الكل ينكره صغيرا وكبيرا وخاصة الحكومة ولا تجد قرارا نافذا يحد منه، لا تسمع الآ الكلام، كذلك الفساد.

- إذا ترك أحدهم التدخين يبقى يطارده الإدمان حتى يتراجع عن التبطيل وإن أصر يظل يداعب مخيلته، والفساد إذا تمكن من شخص لا يتركه.

- التدخين يفرغ الجيوب بلا فائدة فقط يحول المال إلى دخان، والفساد يفرغ جيوب الناس لتمتلئ جيوب الفاسدين، والفاسدون ينفقونه بلا فائدة.

- قد يلجئك التدخين إلى ذل السؤال! فلا يقدم المدخن على طلب الطعام، لكنه يطلب السيجارة، والفاسد الصغير يطلب دنانير تذله، والكبير كذلك.

- الفساد والتدخين ما زالا ينتشران في المجتمع رغم المكافحة الشكلية والنتيجة كل الدعوات كانت للاستهلاك الإعلامي وكل المكافحين مدخنون!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد