المقومات البيئية كأساس للسياحة 2/3

mainThumb

19-06-2009 12:00 AM

"إذا فهمنا مقومات البيئة ترفّقنابهاوعند ذلك بتهذّب سلوكنا، وهذا سرّنجاح السياحة والإنتعاش الإقتصادي"

تتعدد المقومات البيئية التي لها علاقة بالسياحة وتتنوع بشكل يتناسب مع تعدد مكونات البيئة نفسها من جماد (جميع العناصر الطبيعية) ونبات وحيوان وإنسان (جميع العناصر البيولوجية والاجتماعية)، وتحت هذا العنوان سيتم استعراض هذه المقومات بإيجاز وذلك بتصنيفها إلى ثلاثة أقسام كبرى هي:

- مقومات البيئة الطبيعية ( الخمسة التي تم إستعراضها في 1/3سابقاً.

- مقومات البيئة الاجتماعية (البشرية) :

يُقصد بالبيئة الاجتماعية: ذلك الإطار من العلاقات الذي يُحدّد ماهية علاقة حياة الإنسان مع غيره ، وتؤلف أنماط تلك العلاقات ما يُعرف بالنظم الاجتماعية، ومع مرور الزمن وتشابك وتعقّد الأنظمة الإجتماعية إستحدث الإنسان خلال رحلة حياته الطويلة بيئة حضارية لكي تساعده في حياته ، فعمّر الأرض واخترق الأجواء لغزو الفضاء ، وتتحدد عناصر البيئة الحضارية للإنسان في جانبين رئيسين هما:

أولاً- الجانب المادي : وهو كل ما استطاع الإنسان أن يصنعه كالمسكن والملبس ووسائل النقل والأدوات والأجهزة التي يستخدمها في حياته اليومية.

ثانياً- الجانب غير المادي( المعنوي): ويشمل عقائد الإنسان وعاداته وتقاليده وأفكاره وثقافته وكل ما تنطوي عليه نفس الإنسان من قيم وآداب وعلوم تلقائية أم مكتسبة.

وإذا كانت البيئة –كما ذكرنا - هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل فيه على مقومات حياته من غذاء وكساء ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر، فان أول ما يجب على الإنسان تحقيقه حفاظاً على هذه الحياة أن يفهم البيئة فهماً صحيحاً بكل عناصرها ومقوماتها وتفاعلاتها المتبادلة ثم أن يقوم بعمل جماعي جاد لحمايتها وتحسينها وان يسعى للحصول على رزقه وان يمارس علاقاته دون إتلاف أو إفساد.

وسنعرض هنا بإيجاز أهم المقومات البيئية الاجتماعية التي تعتبر أساسا للعديد من أنواع السياحة المتعلقة بأنشطة الإنسان وتفاعله مع عناصر البيئة التي يعيش فيها ، وهذه المقومات هي:

- السكان: وهم المقوم والمحرك الأساسي في البيئة الاجتماعية، وعليهم يتوقف النشاط السياحي، ويختلف السكان في درجة وعيهم ونظرتهم للسياحة وطريقة تعاملهم مع السياح، وهذا يعتمد على كيفية تركيبهم العددي والنوعي والعمري والتعليمي والمهني والاثني (العرقي).

- الطبيعة الإسكانية : وتتمثل بكثافة العمران والطابع العمراني والمباني التاريخية والمشاهد العمرانية والنشاط العمراني وشدة الضوضاء.

- أماكن المبيت والطعام والخدمات الأخرى: وتتمثل بالمطاعم والفنادق السياحية ونوعيتها وأماكن الخدمات المنفردة (صالونات، صيدليات وغيرها)، والخدمات الطبية والمستشفيات والعيادات وعدد ليالي المبيت في الموسم الصيفي وفي الموسم الشتوي.

- التعليم: وهو من مقومات الجذب السياحي ولذا أصبحنا نسمع بما يسمى بسياحة المؤتمرات العلمية، كما بدأت العديد من الدول بإدخال تخصصات في مجالات الفندقة والسياحة وفنونها في الجامعات وانتشرت الكليات المتخصصة في هذا المجال في مختلف أقطار الوطن العربي.

- الصحة: وتتمثل بالسياحة العلاجية بالدرجة الأولى وتعني الينابيع الطبيعية المعدنية للحصول على الراحة الجسمية والنفسية وزيارة المصحات وأماكن الاستشفاء، ومن أهمها في الأردن شواطئ العقبة والبحر الميت وحمامات ماعين وعفرة والمياه الكبريتية في الشونة الشمالية، كما يوجد في الأردن العديد من المستشفيات الحديثة في القطاعين العام والخاص ويعمل فيها أطباء أردنيون متميزون في مهاراتهم الطبية ومتخصصون في كافة أنواع العلاجات، ويستقبل الأردن سنوياً اكثر من مائة ألف شخص عربي للعلاج.

- الأماكن الدينية (المساجد والمزارات والمقامات): ويوجد في الأردن العديد منها كما في مقامات الصحابة في الأغوار (معاذ بن جبل في الشونة الشمالية وشرحبيل بن حسنة في وادي اليابس وعامر بن أبي وقاص في وقاص وأبو عبيدة بن الجراح في دير علا وضرار بن الأزور في بلدة ضرار) ومقامات الصحابة زيد بن حارثة وجعفر الطيار وعبد الله بن رواحة في الكرك كما يوجد في الأردن العديد من الكنائس القديمة مثل كنيسة الفسيفساء وجبل نيبو في مأدبا.

- الأماكن الأثرية: وهي من اقدم واحدث المقومات الاجتماعية فعلى مستوى الأردن تنفرد مدينة البتراء الأثرية بلونها الوردي ومدينة جرش بأعمدتها الرومانية ومدينة عمّان بمدرجها الروماني وأم قيس وأم الجمال والقصور الصحراوية والقلاع (قلعة عجلون وقلعة الكرك وقلعة الشوبك وغيرها) كل هذه تمثل نماذج من الآثار المختلفة والجذابة على مر العصور، كما يوجد في الوطن العربي اقدم الحضارات (ممالك اليمن القديمة وحضارة بلاد الرافدين والحضارة الفرعونية وغيرها).

- الثقافة وعناصرها المختلفة: من المقومات الاجتماعية الهامة وفي مقدمتها العادات والتقاليد والتراث والفلكلور الوطني والمهرجانات المعبرة عن ذلك (مثل مهرجان جرش في الأردن، وقرطاج وقبلي ودوز في تونس، والجنادرية في السعودية، وتدمر في سوريا، وبعلبك في لبنان، وصلالة في عُمان، وقرناو في اليمن، وبابل في العراق وغيرها)، كما تعتبر المنشآت الثقافية من مقومات البيئة الاجتماعية مثل المسارح والنوادي والاتحادات.

- الأمن: من أقوى مقومات البيئة الاجتماعية للسياحة ولذلك قامت العديد من الدول بعمل شرطة سياحية كما في الأردن ومصر وغيرها.

- الصناعات التقليدية : سواء كانت ذات مصدر نباتي (أدوات زراعية وأطباق وصواني) أو زراعي (الصابون، زيت الزيتون، الحلويات، طحن الحبوب) أو حيواني (من شعر الماعز أو من صوف الاغنام) والبسط والسجاجيد أو صناعات جلدية مختلفة أو صناعات ذات مصدر معدني كالادوات النحاسية.

- البنية التحتية ومدى توفرها ونوعيتها في المواقع السياحية مثل: طرق المواصلات والماء والكهرباء، ولأهمية المواصلات (وسائل وأنواع) ظهر ما يُسمى: "بلوغ المكان" بمعنى إمكانية بلوغ المكان السياحي بوسيلة موصلات خاصة أو عامة وشبكة ووسائل المواصلات.

- الاستثمار السياحي: ويعتمد على عوامل عديدة منها الموقع الاستراتيجي للدولة والاستقرار السياحي والاقتصاد الموجه للسوق الحر، والقوانين والتشريعات والأنظمة وما يصاحبها من الحوافز والإعفاءات، ووجود المناطق الحرة والمدن والصناعية ووجود مصادر بشرية منافسة ومؤهلة والاتصالات ونوعية حياة عالية للسكان Quality of life.

ولأهمية السياحة فقد ظهر مؤخراً نوع آخر من السياحة يُركّز على القيم الاجتماعية وتنميتها وربط السائح المغترب ببلده ويسمّى هذا النوع من السياحة: "سياحة الجذورRoot Tourism" حيث بدأت وزارة السياحة ببعض الدول العربية ووزارة الشباب والرياضة أو وزارة المغتربين بعمل برنامج استضافة للمغتربين بهدف ربطهم ببلدهم وعرض منجزاتها ومستوى تقدمها لما لذلك من آثار سياسية (ولاء وانتماء) وآثار اقتصادية واجتماعية.

*** وللحديث بقية إن شاء الله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد