ديوان الخدمة وفرص الزواج

mainThumb

31-10-2009 12:00 AM

موسى إبراهيم أبو رياش

قبل عقود عندما كانت الرواتب مجزية والحياة ميسورة، كان الرجلُ ي?Zحرصُ أن يتزوج ست بيت تُعنى ببيتها وأولادها وزوجها، وكان من المستهجن أن يتزوج الرجل امرأة عاملة، ولكن تغير الظروف وزيادة تكاليف الحياة ومتطلبات العيش الكريم، أجبرت كثيراً من الرجال على الزواج من نساء موظفات للمساعدة في تحمل أعباء الحياة وتقاسمها مع الرجل، بل وبلغ الحال ببعض الرجال أن يتزوج بمعلمة ليكون لها محرماً في السعودية أو دول الخليج الأخرى، ويرضى لنفسه أن يكون عالة على زوجته، ويتم ذلك برضى الطرفين، إذ يحصل الرجل على زوجة موظفة براتب مرتفع نسبياً، والمرأة تحظى بزوج يقيها شر العنوسة ومشاكلها.

ومع التغيرات الاقتصادية الكبيرة وغلاء الأسعار وتدهور الوضع المالي للموظفين أصبح من شروط زوجة المستقبل أن تكون موظفة، وغالباً ما يفضلونها معلمة كنوع من التبرير وإقناع الذات أن مهنة التعليم مهنة محترمة لا تسيء للمرأة ولا يعترض عليها أحد.

ومن غرائب ما يحدث حالياً أن الشاب يبحث عن زوجة المستقبل، فإن وجد بغيته في موظفة فبها ونعمت، وإن وجد زوجة مناسبة ولكن غير موظفة فلا يتردد أن يسألها عن ترتيبها التنافسي في ديوان الخدمة المدنية، فإن كان ترتيبها متقدماً وفرصة تعيينها قريبة، يسارع في إتمام مراسم الخطوبة وما يتبعها، وإن وجد أن ترتيبها متأخر فهو غالباً يضحي بهذه الفتاة حرصاً على مستقبله المهدد مالياً. وهذه النوعية من الشباب صريحة وجريئة وواضحة ولا تتورع أن تتأكد من الترتيب التنافسي للفتاة بنفسها خوفاً من الخداع واستغفال زوج المستقبل.

وهناك عجائب وغرائب وشروط للشاب لا يعلنها صراحة، وإن كان يتمسك بها بينه وبين نفسه، ومنها: أن يحرص أن لا يكون للفتاة المرشحة كزوجة أخوات وأخوة كُثر، فلا بأس بأخ وأخت، وإن كانت وحيدة فهو أفضل بالتأكيد، وإن كانت أمها متوفاة فهذا مبتغاه وغاية مناه، وكذلك يشترط بعض الشباب ضمنياً أن تكون الفتاة مقطوعة من شجرة من حيث الأقارب، فيفضل أن لا تكون لها عمات أو خالات أو أعمام أو أخوال، وذلك للتخفيف من العلاقات الاجتماعية ومتطلباتها التي لا تنتهي.

ويفضل بعض الشباب أن تكون للزوجة المرشحة سيارة جيدة، وأملاك أو أن تكون مرشحة لأن ترث تركة دسمة، ولا بأس أن يكون أبوها عجوزاً لئلا ينتظر الميراث طويلاً.

أما الفتاة التي تعمل في القطاع الخاص وبالذات إن كانت صاحبة شركة أو مديرة مؤسسة أو مالكة أسهم مسيطرة فهذه الفتاة ستكون الحلم لأي شاب مقدم على الزواج، كيف لا وهي تتمتع بمكانة اقتصادية وثروة يسيل لها اللعاب.

في المستقبل الشروط مرشحة أن تتزايد وتكون أكثر دقة وحساسية، فلا أستبعد أن يطلب الشاب فحصاً شاملاً ودقيقاً للفتاة المرشحة للزواج لتكون خالية تماماً من الأمراض حتى لا يتكلف علاج أمراضها في المنظور القريب على الأقل، وقد يشترط أن يتكفل أهلها بعلاجها عند مرضها وخاصة الأمراض التي لها علاقة بالوراثة، وإن كان التأمين الصحي مدى الحياة وكاملا?Zً وعلى حساب الأهل فهذا هو المطلوب، وإذا شمل الأطفال ففضل ونعمة. وقد يشترط الشاب على زوجة المستقبل أن تلتزم ببرنامج غذائي صارم للمحافظة على رشاقتها وصحتها، وقد يضع شرطاً في عقد الزواج أن يكون في حل من العقد إن زاد وزنها، وبعضهم قد يفضلها عقيماً لا تنجب.

ومهما تنبأنا فلن نستطيع أن نتخيل ما يخبئه المستقبل من تغيرات واشتراطات من أجل زواج معقول ومقبول من الطرفين، فقد أصبح الزواج في وقتنا الحاضر صفقة اقتصادية في الغالب، وقد يضحي الشاب ببعض معايير الجمال والعمر والتوافق مقابل راتب مغرٍ أو تركة منظورة أو مكانة تجارية تلوح في الأفق.

mosa2x@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد