وزير التربية .. ذقون المعلمين لحلف اليمين

mainThumb

21-03-2010 12:00 AM

لعلك يا معالي الوزير ، لا تعرف أن لحية المعلم تُطلق للامساك بها أمام البقال ، وأمام موزع الغاز ، وأمام جابي فواتير الماء والكهرباء ، ليحلف أغلظ الأيمان ، متعهدا بسداد دين ، أو راجيا إمهاله حتى موعد الراتب . يمسكها بقبضته المرتجفة الخائفة الجائعة ، يقسم بشرفها وحياة صاحبها ، وبكل شعرة شيبها قهر الزمان ، وتخلي الأهل الخلان ، يحلف بها ــ سيدي الوزير ــ أمام ولي أمر غاضب ، ظالم ، متعجرف ، جهول ، متعهدا أمامه ، مقسما بالله وبشرفها ، أنه ما جرح لابنه كبرياء ، ولا خدش له مشاعر ، وأنه ما ادخر أسلوبا ، ولا قصر بوسيلة لإرضائه ، واستعطافه ، واستدرار شفقته . يمسكها المسكين العاثر ، بقبضة نحيلة مرتجفة ، حين يستله الشرطي من بين تلاميذه للمركز الأمني ، يحلف أمام الضابط المسؤول : انه ما أمسك عصا ، ولا اقترفت يداه ذنبا . يطلقها المسكين ويصبغها أو يحنيها ، كي تضفي عليه هالة من الوقار والهيبة والسمت المزعوم ، ويستدر عطف قاض يقف أمامه بتذلل ، مع طالب يقاضيه ، بتهمة الإساءة النفسية .

معالي الوزير: المعلم هو القابض على جوعه ، المتغني بأمجاد ضيعتها أقلام كتاب التاريخ ، وتناساها المحدثون تلاميذ العولمة ، وتاهت بفعل تقنيات عصرية ؛ هو من صيّرها ونظّرها . المعلم هو الصابر، المثابر ، الصامت ، المسكين . تسير قوافل الناجحين المترفين أمام عينيه ، وهو منزو على رصيف المنسيين ، تدوسه نعال المارة ، لا يملك إلا النظر بعينين أذواهما طول النظر، بسبورة شهدت وقائعه ، وهزائمه ، وانكساراته ، واشتهاءاته . وبرئة امتلأت بغبار الطباشير، وبآذان يصمها صخب الصبية وضجيجهم .

المعلم سيدي ، هو من يلتصق بنطاله بجسده في مدرسة بباديتنا ، أو في غورنا ، لا أظن معاليك تعرف اسمها ، وغيره ممن تعرفهم ــ أولاد النعمة ــ ، يستلقون أمام مكيفات الهواء .

المعلم سيدي ، هو تلك الكومة الملقاة بلا حراك ، على جانب الطريق الصحراوي ، أو على طريق اربد ـ المفرق ، لا يجد وسيلة نقل . هو الوحيد في الدنيا من يحزن لنجاح أبنائه في الثانوية العامة ؛ لأنه لا يجد أقساط دراستهم ، في حين تجد غيره ، تنهال عليهم المنح وقوائم الابتعاث ، لجهات ومسميات بتنا لا نعرف أسماءها لكثرتها.

المعلم معالي الوزير : ابن الوطن المنتمي لترابه ، المؤمن برسالة بناته وقادته ، أحب الوطن وما طلب ثمنا ، لبس بنطالا أم لبس ثوبا . طالت لحيته أم قصرت . المعلم هو الوطني رغم عريه ، وخوفه ، وجوعه .

سيدي الوزير : طالت قائمة الاعتذار بعهدك . ألا ترى أن الاعتذار لا يكفي بهذا الزمان ؟!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد