التشدد مسؤولية الحكومات أم مسؤولية العلماء

mainThumb

19-01-2010 12:00 AM

د.عمر العمري

قيل لا يفل الحديد إلا الحديد ولا تواجه القوة إلا بالقوة ولا يقاوم الفكر إلا بالفكر.

كثيرة هي الندوات والمؤتمرات التي عقدت لمحاربة ظاهرة التشدد في الدين، وكثيرا هي الحروب التي تشن لذات الغرض لكن التشدد ما زال موجودا لا بل هو في ازدياد. هذا التشدد الذي يقود إلى الغلو في الدين، وكما ورد عن النبي عليه السلام" ولا يشاد الدين أحد إلا غلبه فأوغل فيه برفق).

أنا لا أريد أن أستقصي أسباب هذه الظاهرة لكني أريد أن أسلط الضوء إلى ما يمكن أن يكون سببا في الحل. فمن خلال تدريسي الجامعي واحتكاكي بالطلبة بدأت ألمس ظاهرة التشدد في هذا الدين بشكل غير طبيعي في وقت لم نكن نعرفها قبل عقد ونيف عندما كنا طلاباً في الجامعة الأردنية.

ومن خلال ملاحظاتي ومشاهداتي وتحليلاتي وجدت هناك أزمة ثقة. أنا لا أقول عدم الثقة بالمسؤولين بل عدم ثقة بعلماء الدين في عالمنا العربي الذين يتصدرون المنابر ووزارات الأوقاف، أو أولئك الذي يتصدرون في المناسبات الدينية الرسمية وعلى شاشات التلفاز سواء ارتدوا عمائمهم أم عباءاتهم الملونة أو غير ذلك. الحلال والحرام عندهم جاهز حسب توجه المسئول وفي الغالب ثقاتهم سطحية، وتقليديين في طرحهم، وفي أسلوب حديثهم. لا يملكون من الكفاءة إلا المدح والثناء وهم يعلمون قول الرسول عليه السلام:" أحثوا التراب في وجه مداحيكم". للوهلة الأولى تظن أنهم موظفون في وزارة الأعلام أو الخارجية إلا انك بعد إذ تعرفهم. وأنا أؤكد أنهم لولا المكاسب المادية ما مدحوا وما أثنوا، يبحثون عن العطايا، إن قالوا لا يسمع لقولهم إن أمروا لا يطاعوا، وكثير هم في عالمنا العربي.

عندما يطالع شباب الأمة هذه الفئة التي تسمى بالعلماء يصابون بالإحباط مما يدفعهم إلا اتخاذ منهج آخر لينقلبوا على كل شيء يمت لهؤلاء بصلة. هذا الشعور بظني هو الذي يدفع طائفة من شبابنا إلى اتخاذ منهج مغاير يتسم بالعنف والتشدد والغلو.

أقول ماذا على حكوماتنا العربية لوضعت العالم المناسب في المكان المناسب. وهناك طائفة من علمائنا ومفكرينا المسلمين فيهم القبول لدى الناس والقدرة الهائلة على التأثير وهم يحبون أوطانهم ودينه لا يقبلون الخراب لبلادهم. هؤلاء لو تصدروا العمل الإسلامي سواء على المنابر أو على شاشات التلفاز أو في وزارات الأوقاف لوجدوا القبول من الناس هؤلاء لهم تأثير على الشباب لأن لهم ثقة عند الناس. وكم سيوفر هؤلاء العلماء أو المفكرون المسلمون على حكوماتهم ودولهم من جهد وأموال ودماء ستراق في سبيل لا شيء والضحية من الطرفين هو خسارة على الوطن.

إن علماءً لهم القبول والثقة لدى شعوبنا لهم أحرى أن يقدموا ليقارعوا الحجة بالحجة والفكر بالفكر. وهكذا نجد أن سلوكيات بعض الحكومات هي من يشجع التشدد والتطرف ثم بعد ذلك يبدأ الصراع ثم التخوين.

يا أيتها الحكومات تعالوا نعالجها قبل كسرها لماذا تصرون عليها حتى تكسر ثم تبدأون بالعلاج. إن هؤلاء موجودون في أردننا الحبيب لكن لم يقل لهم الناس تفسحوا حتى يفسح لهم.

يا قومنا تعالوا حاوروا هؤلاء الناس، قدموا لهم الإسلام على أيدي ثقات يثقون بهم. إنكم لو بقيتم حتى ساعة متأخرة من الليل تبثوا برامج عن الإسلام على أيدي غير ثقات لن يسمع لها الناس.

وللإنصاف فبعض الإعلاميين والمفكرين والعلماء يشهد لهم الشارع الأردني بالحضور والمشاهدة ويتأكد ذلك بالحضور الواسع والعريض، ولا أدل على ذلك من البرنامج الروحاني الذي يقدمه الدكتور أمجد قورشة، أو البرنامج الذي يقدمه الدكتور وائل عربيات. لماذا لا يكون هناك مجالس فقهية وتوعويه باستمرار على فضائياتنا لعلماء الأمة كالعالم الفضل د. نوح القضاة، ود. أحمد نوفل على سبيل المثال لا الحصر. كما يتواجد في أردننا الحبيب عدد من العلماء من إخواننا العرب وعلى رأسهم الفقيه العالم د. عبد الملك السعدي. إن أمثال هؤلاء الناس جواهر تدب على أرض الأردن يجب أن يفسح لم ويتصدروا الحديث وهم قادرون على التصدي لكل مشكلة، وإن قالوا يسمع لقولهم وإن امروا الناس يطاعوا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد