الأردن وحماس في مواجهة الوطن البديل

mainThumb

19-08-2008 12:00 AM

غازي أبو جنيب الفايز
مرة اخرى، أتناول ملف العلاقة بين الأردن وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) من باب قناعتي أن القاسم المشترك الذي يمكن الاتفاق عليه بين الجانبين دون عناء هو رفض "الخيار الأردني" الذي تبني عليه إسرائيل آمال كبيرة كمخرج من عدم نيتها التوصل إلى اتفاق ينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية. ويتضح من مسار السياسات الإسرائيلية أن مسألة إقامة الدولة الفلسطينية خارج حساباتها، وهي بذلك تبحث في خيار من اثنين، ولا أظن أن لهما ثالثا، على الأقل في المدى المنظور، الخيار الأول: هو الخيار الأردني أي ربط الكيان الذي يمكن أن يكون دولة فلسطينية مع الأردن وتحميل عمان مسؤولية أمنية مباشرة تحمي في محصلتها المصالح الإسرائيلية وتجعل الأردن في مواجهة أي مشروع مقاوم فلسطيني يسعى إلى دولته المستقلة.

والخيار الثاني: هو ترحيل الحل النهائي بحل مؤقت (يمكن أن يكون نهائي) وفحواه أن يقوم الأردن بدور أمني في الضفة الغربية وتقوم مصر بدور أمني في غزة، وهذا كما الخيار الأول يضع الأردن ومصر كقوة أمنية في مواجهة الفلسطينيين.

بالصورة الكلية فأن المطلوب من الأردن ومصر لعب دور أمني يريح إسرائيل ويجعلها تعتمد على قوة عربية (أردنية ومصرية) في مواجهة قوة عربية (فلسطينية).

ولا شك عندي أن الأردن ومصر يرفضان هذه الخيارات الإسرائيلية البحتة من الأساس، فلا يمكن لأردني أو مصري أو فلسطيني أن يقبل بمثل هذا الدور، ويمكن أن استثنى من الفلسطينيين مكون السلطة الوطنية الفلسطينية التي يبدو أنها لا ترى ضير في لعب الأردن دورا في الضفة الغربية على أساس تصفية القضية الفلسطينية من مشكلاتها المستعصية. من هنا، ومن هنا فقط، أجدني، أشد على يد مدير المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي والذي لا بد أن إرادة سياسية أتيحت له ليفتح قناة اتصال مع (حماس) للسببين الأساسيين: رفض الخيار الأردني ورفض الدور الأمني في الضفة.

وهذا الرافض بالتأكيد رفض لمخطط إسرائيلي يصل في بعض أبعاده حد التضحية بالهوية الأردنية والكيان الأردني. واعتقد أن الأردن لم يصل إلى خطوة فتح قناة الاتصال هكذا عبثا، بل لا بد من توفر قراءة دقيقة أوصلت صانع القرار إلى قناعة أن استمرار الاعتماد على حركة فتح المتراخية في لعب دور حقيقي لصالح القضية الفلسطينية مسألة غير مجدية، وان إعادة تصحيح العلاقة مع حماس شرط ضروري لمواجهة الاستحقاقات الخطيرة المقبلة.

نعم، نريد علاقة مع حماس من وحي المصالح الأردنية، ونريد سياسة خارجية تفتح قنواتها مع الجميع لا ان تحسب على طرف في مواجهة طرف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد