دراسة جامعية .. أم متاجرة بالبشر .. !!

mainThumb

11-07-2009 12:00 AM

م . سالم أحمد عكور
ودع طلبة الثانوية العامة "التوجيهي " قبل أيام قاعات الامتحان ، لتنتهي بذلك مرحلة المخاض الأولى لهؤلاء الطلبة وخروج أسرهم من حالة الطوارئ التي طغت على تحركاتهم ، والتجاوز عن حالة السكون التي كانت تسيطر على تحركات أفرادها وعلى كلِ ركنٍ من أركان بيوتهم ، حتى يتمكنوا من توفير الحد الأدنى من الهدوء والجوّ الدراسي المناسب لأبنائهم ليتجاوزوا هذه المرحلة العصيبة بأمن وسلام ..!!
وتبدأ بعد هذا الوداع ، المرحلة التالية من المخاض ، والتي لن تكون أقل عسراً من سابقتها ، فالانتظار الممل لولادة النتائج ، والتوتر والاضطرابات النفسية هما سيدا حالة المخاض هذه ، وم?Zنْ كان حمْله حقيقياً ، سيكون مخاضه ميسراً وولادة ستكون بالتأكيد طبيعية ، بمولودٍ يتسم بصفات حسن الطالع ترتسم علامات البهجة والسرور على الوجه ببسمةٍ لن تنجلي من بين العيون .. وم?Zنْ كان حمله كاذباً ، فسيكون مخاضه عسيراً ، وولادةٌ لا جنين لها قد يفرح القلب أو يزرع البسمة بين أفراد الأسرة الذين لم يتوانوا في تقديم ما استطاعوا إليه سبيلا للخروج بأحسن التوقعات المرجوة ..!!
قد يتجاوز العديد من الطلبة مخاض هذه المرحلة بنجاح .. لكن هنالك لا زالت مراحل عدة لتكوين الذات .. وستبدأ مرحلة جديدة ومن نوع آخر ، هيّ مرحلة التقديم للقبول الموحد في الجامعات الرسمية ، وما قد ينتج عنها من توقعات لم تكن في الحسبان ، قد تولد صراعاً ما بين أحلام الطلبة ورغباتهم ، وبين نتائج القبول الموحد الذي لم يأخذ أبداً بمفهوم الميول البشرية التي تتولد معهم بالفطرة منذ ولادتهم لتظهر فيما بعد في سلوكياتهم الطفولية ، وتنمو في شخصيتهم بكل تكويناتها حتى أصبحت جزءً لا يتجزأ منها .. فتجد من خطط لنفسه السير على دروب الطب مثلاً ، يسير على دروب الهندسة ، ومن بنا أحلامه على درب القضاء للدفاع عن المظلومين في هذه الحياة ، تجده فيما بعد سجاناً لهم ..!!
الإبداع أبداً لمّ ولنّ يتأتى من الدراسة الجامعية بمراحلها كافة ، بل من خلال ما نستطيع صقله بالطرق الأكاديمية " العلمية والعملية " للرغبات والميول السليمة المتجذرة بأدمغة هؤلاء الطلبة منذ نشأتهم الأولى ، وإلاّ ستكون الدراسة الجامعية عبارة عن شهادة كرتونية تزدان بها جدران منازلنا ، ونحرم الوطن من أن يزدان بتلك الأدمغة الفذة التي لو تمّ صقل رغباتها بصورة سليمة ومدروسة ، لكان لهم دوراً كبيراً ومساهمة فعالة في نهضة الوطن وتقدمه ..!!
أما الجانب الآخر من هذا المخاض العصيب على الأسر الأردنية ، هو مبدأ استثمار العاطفة الأبوية المساندة لفلذة كبدها في نيل الشهادة الجامعية ، التي اغتصبت إرادتها الجامعات ، ولم تبتعد كثيراً عن المتاجرة بالبشر ، فالطالب الجامعي الواحد في الأسرة ، يقطف ثمرة عمر والده حتى يحصل على هذه الشهادة ، فكيف للأب أن يكون عادلاً بين أبناءه إذا صادف الأمر أن يكون له إبنان أو ثلاثة أو أربعة طلبة جامعيين ..؟؟ هل سيكون لباقي أفراد الأسرة حظاً في نيل لقمة العيش بصورة كريمة ..؟؟ أم أن يضطر رب الأسرة لبيع الغالي والنفيس " إذا امتلك " من أجل إتمام أبوته تجاه أبنائه ..؟؟ نعم .. لقد أصبحت الدراسة الجامعية عبارة عن تجارة قد تكون أقرب إلى المتجارة بالبشر .. فلله الأمر من قبل ومن بعد وهو على كل شيء قدير ..!!!
akoursalem@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد