عمان – الدوحة .. طريق الحكمة

mainThumb

01-12-2008 12:00 AM

مؤخرا، كان المشهد العالمي زاخرا بالأحداث على طول الأرض وعرضها، وكانت الأزمة العالمية المالية التي هددت، وما زالت تهدد، النظام الرأسمالي بالذوبان بين ثناياها، هي الحدث الأكثر أهمية، وخير دليل على ذلك هو تلك "القمم" واللقاءات العاجلة، وتداعي أهل العقد والحل في كل العالم للتلاقي والإتصال على مر الساعة حتى يتمكنوا من إنقاذ العالم من كارثة تهدد مستقبل أنظمة ودول وشعوب بكاملها.

وفي عاصمة "العالم"، واشنطن، كان هناك التغير الأهم، فبوصول "الإفريقي" الاسود باراك أوباما" الى البيت الابيض، بات يؤشر الى أن تغييرا بات يحوم في سماء العالم، فرجل بمواصفات وأصل وتاريخ وقناعات أوباما، لا بد وأن يحدث ذلك التغيير.

لن نخوض هنا في تفاصيل تأثير هذان الحدثان على وجه الخصوص وغيرهما من الأحداث على العالم، بل سنركز على ما يعنينا نحن العرب، ففي قصة الأزمة المالية، كنا في مقدمة المتأثرين ، ذلك أن إقتصادات معظم الدول العربية مرتبطة بشكل او بآخر بالإقتصاد العالمي والذي تكمن نواته في الولايات المتحدة الاميركية، فلسنا دولا معزولة حتى لا نتأثر بما يجري كما قال احد الخبراء الإقتصاديين، وكانت مؤشرات ذلك واضحة للعيان من خلال الانهيارات المتتابعة التي تعرضت لها معظم اسواق المال والبورصات العربية.

أما في قصة التغيير في أميركا، فإن هذا التغيير يعنينا نحن بشكل اكثر مباشرة من اي كان في العالم، فالرئيس الأميركي المنتخب حاز بالأصل على ثقة الناخب الأميركي بعد أن أكد نيته بالإنسحاب من العراق ووضع حد لإراقة الجنود الأميركيين في الأرض العراقية ، وبمرور الإتفاقية الأمنية من البرلمان العراقي، أصبح إحتمال سحب القوات الاميركية من العراق أمرا واردا بتاريخ لن يتعدى العام 2011 وهو موعد إنتهاء تفويض الأمم المتحدة لها بالعمل العسكري في العراق، وهذا يعني أن الساحة العراقية ستكون مفتوحة على كل الإحتمالات وأن إنعكاسات هذا الإنسحاب ستكون الأكثر "قلقا" للمحيط العربي.

وأضف الى ذلك أن ملفات عربية أخرى أصبح مصيرها "معلق" على البرنامج السياسي للإدارة الأميركية الجديدة لا سيما في فلسطين ودارفور والصومال، فضلا عن ما يدور الآن في الملف السوري والحديث عن قصة "نووي دمشق" والذي يأمل العرب بأن لا يتطور الى مواجهة مع المجتمع الدولي كما يجري في ملف طهران النووي الذي لا تخف حساسيته للعرب عن حساسية ما تقدم من قضايا.

كل تلك التداعيات باتت تتطلب من "حكماء" العرب البحث عن المصلحة العربية، وهذا يدفع بطبيعة الحال الى التقارب لا التباعد، والتلاقي لا الجفاء، ومن هنا، رسمت عمان والدوحة طريقا واضحا لتطبيق هذه الحكمة على الارض، ودارت عجلة تطوير العلاقات بما يخدم مصلحة البلدين على وجه الخصوص والمصلحة العربية على وجه العموم، وإلتقطت قيادتا البلدان مفاتيح تلك "الحكمة" لتكوين حالة تصدي عربي لأي إحتمال سيئ قد تحمله التطورات غير المتوقعة والتي ما فتئت تفاجأ الأمة العربية، وتوجت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم الى الدوحة ولقائه بسمو الأمير حمد بن خليفة ال ثاني المفدى وتركيز القيادتان على تعميق العلاقة الثنائية وبحث المستجدات في الملفات العربية الرئيسية لا سيما في فلسطين والعراق، تلك الحكمة، أضاءت الطريق للسير بخطى ثابتة نحو التصدي لأي قادم مجهول قد تحمله كل تلك التطورات المريبة التي تدور في هذا العالم.

إذن الجبهة الأردنية – القطرية، باتت اكثر قوة ولحمة من أي وقت مضى، وما ترنو اليه كل الشعوب العربية، هو ان تساهم هذه الجبهة في تكوين جبهات عربية اخرى وبنفس القوة والمنعة حتى نصل الى حالة تكامل عربي وقوة عربية حقيقية قادرة على الابحار بالشعوب العربية الى بر الامان من خلال فهم ما يدور بين ظهرانينا وما يدور في هذا العالم حتى نضمن خيره ونتجنب شره.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد