الأخوان المسلمون والحاجة الى المراجعة والتقييم

mainThumb

02-12-2008 12:00 AM

منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وعلاقة الجماعة مع الحكومات الأردنية المتعاقبة ما بين مد وجزر ، وأكثر الأوقات تأزما بين الطرفين هي فترة الانتخابات النيابية او البلدية ، حيث دأبت جماعة الإخوان المسلمين على اتهام الحكومة بالتزوير حتى قبل بدء الانتخابات من خلال التلاعب بأسماء الناخبين المسجلين لصالح منافسي الإخوان في الانتخابات ، ثم ما تلبث عاصفة الاتهامات الاخوانية للحكومة بان تهدأ وتبدأ بعدها الصفقات السياسية بين الطرفين ، إذن القصة ليست قصة مبدأْ فلو كانت كذلك لما رضي الإخوان بالتنازل عن مطالبتهم بإعادة الانتخابات بل هي لعبة السياسة ، وهكذا دواليك كلما جرت انتخابات كانت الاتهامات الاخوانية للحكومة بالتزوير ثم صفقة سياسية تطوى معها القصة كاملة ، والمتضرر الأكبر هي مشاعر المواطنين التي يتم التلاعب بها .

والانتخابات ليست العامل الوحيد للتوتر بين الحكومة والإخوان فالعلاقة بينهما كبيت العنكبوت تتأثر بأي طارئ ، كما حدث في قصة اهانة العلم الأردني في إحدى المسيرات التي نظمتها جماعة الإخوان المسلمين قبل حوالي العام ، او اعتقال بعض افراد الإخوان المسلمين في بعض المناطق وغيرها من الأسباب ، كل هذه العوامل تعتبر عوامل داخلية مسببة للتوتر بين الطرفين ، وهناك عوامل خارجية تؤثر بشكل مباشر على العلاقة الهشة بينهما ، كحركة حماس وكيفية التعامل الحكومي معها فنظرة الحكومة إلى حركة حماس على إنها حركة فلسطينية ليس لها الحق في العمل على الأرض الأردنية او استغلال التركيب الديمغرافي للأردن ، او تهديد الأمن وتعكير صفو العلاقات بين الأردن وغيره من الدول ، هذه النظرة معاكسة تماما لنظرة الإخوان فهم ينظرون الى حماس على انها حركة جهادية فلسطينية يجب توفير الدعم اللوجستي والمعنوي لها وعدم التخلي عنها ، وان حماس جزء من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ، فلا يوجد قاعدة مشتركة يتفق عليها الطرفان بالنسبة للتعامل مع حركة حماس .

وأيضا هناك معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية وطبيعة العلاقة بين الأردن وإسرائيل ، فالحكومة ترى انها ملزمة بتنفيذ اتفاقية السلام الموقعة واحترام بنودها ، اما الإخوان المسلمين فيرون في إسرائيل العدو اللدود الذي يجب ان لا نألو جهدا في محاربته ومقاومته حتى خروجه من كل الأراضي الفلسطينية ، فأعلنوا معارضتهم لهذه الاتفاقية وسعيهم لتعطيلها ، ولكلا الطرفين وجهة نظر مقتنع بها ويعمل على تنفيذها .

إن هدف الإخوان المسلمين واضح المعالم وهو ( أسلمت ) المجتمع بكافة شرائحه والعمل على نشر الصبغة الإسلامية في شتى المجالات وهذا هدف سامي ونبيل ، لكن ضبابية الرؤية لديهم في التطبيق تؤدي إلى انحراف البوصلة عن هذا الهدف ، فتارة يسعون لتحقيقه من خلال المشاركة في الانتخابات وتارة من خلال مقاطعتها ، وتارة من خلال المشاركة بالوزارة و تارة أخرى من خلال عدم المشاركة وحجب الثقة عنها ، فيشعر المتتبع للإخوان المسلمين إنهم يتخبطون في إتباع الوسائل ، مستخدمين البراغماتية السياسية للحصول على اكبر المكاسب ، حتى في انتخابات الأندية والنقابات يستخدمون البراغماتية فنراهم يتحالفون مع بعض القوى اليسارية للفوز وكأن لسان حالهم يقول الغاية تبرر الوسيلة ، متناسين أن نبل الغاية من نبل الوسيلة الإخوان المسلمين في الأردن بحاجة إلى عملية إعادة تقييم شاملة ، من عدة نواحي ولعل أبرزها كيفية معالجة الخلافات الداخلية بين أعضائها وقياداتها وعدم السماح لهذه الخلافات بالبروز الى العلن لأنها تؤثر على مصداقية الإخوان لدى الناس ، أيضا مراجعة كيفية إقامة التحالفات مع الجهات الأخرى في الانتخابات فلا يعقل التحالف مع جهة تقف على الطرف الأخر أيدلوجيا وفكريا من اجل كسب دنيوي زائل ، ويجب على الإخوان أن يتخلصوا من عقلية المؤامرة التي ترسخت في أذهانهم فأصبحت جزاء من فكرهم فكلما فعلت الحكومة شيئا لا يوافق رغباتهم أو قامت بتصحيح بعض أخطائهم اعتبروا ذلك مؤامرة تستهدف وجودهم ، فهل هم ملائكة لا يخطئون ، أم هم بشر فوق العادة يحرم محاسبتهم وكف أيديهم عند الخطأ ، وقصة جمعية المركز الإسلامي اكبر دليل ، فهم يرون إنهم الوحيدون الذين يستطيعون إدارة هذه الجمعية وان الإدارة الجديدة التي عينتها الحكومة ليست كفؤ لهذه المهمة .

إن الإسلام ليس حكرا على أي جماعة أو تنظيم سواء كانوا الإخوان المسلمين أو حزب التحرير أو التيار السلفي فلكل منهم فهمه الخاص للإسلام وطريقته في السعي لتطبيق الشريعة الإسلامية ، ولكن هذا لا يعني أن من لا ينتمي لأي من هذه الجهات ليس مسلما أو انه لا يسعى من اجل تطبيق الشريعة الإسلامية فكلنا غيورين على هذا الدين ، وكلنا لنا عقول متفتحة متنورة محبة لمحمد عليه السلام ولدينه و وانصح الإخوان المسلمين فأقول لا تنظروا إلى أنفسكم إنكم الوحيدون المحبين للدين وإنكم الوحيدين على صواب وغيركم على خطأ اقتدوا بالسلف الصالح من أصحاب الرسول عليه وعلى اله أفضل الصلاة والسلام من أمثال عمر عندما قال (اخطأ عمر وأصابت امرأة) ، ولا تنسوا أن تعيدوا قراءة رسائل مرشدكم الأول ومؤسس حركتكم الإمام الشهيد حسن البنا عندما قال (( نحن على صواب يحتمل الخطأ ، وغيرنا على خطأ يحتمل الصواب )) ، دعوا عنكم بعض المنظرين والمتشدقين ، واعلموا إنكم بشر خطاءون ، ولله درك يا فاروق الأمة عندما قلت ( رحم الله رجلا أهدى إلي عيوبي ) , هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل .

fd25_25@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد