خطبة الجمعة واقع مرير ومضحك

mainThumb

16-08-2009 12:00 AM

رائد العمايرة
ما أن تشرق شمس يوم الجمعة المبارك، وهو من أيام الله تعالى ،وهو أيضا عيد من أعياد المسلمين، حتى يهرع المسلمون الى المساجد ،ليشهدوا الصلاة ويستمعوا للخطبة، وما أن يصعد الخطيب على المنبر ، حتى يسكن الجميع فلا تسمع حتى همسا وتشرئبّ الأعناق اليه ،في انتظار ما سيتحفهم به ،مما يعلمه ولا يعلمونه ، وحتى يستمعوا الى تحليله لما مر في خلال أسبوع مضى ،من أحداث جسام وغير جسام
فيقيّمها على هدي من كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، ثم يشرع الخطيب المفوه، بالخطبة العصماء ، فيبدأها كأنه منذر جيش مستفتحا بالتحميد والتهليل ، وما أن يكمل الاستفتاح ويشرع في موضوع الخطبة الذي جعله على قصاصة صغيرة من الورق ؛ أو ينثره على صفحات طوال تعجب من طولها ،فيخيل اليك أن هذا الخطيب ،قد أمضى نهاره وأسهر ليله وهو يعد خطبته المجلجلة،وما أن يشرع فيها حتى تفاجأ بأنه قد أعد موضوعه، عن فضل التسبيح ،وأثره على حياة المسلم في دنياه وآخرته ، مما هو منشور في كثير من المطويات ، التي توزع ولا يقرأها أحد ، ثم إذا به يفاجئك أيضا ، بكونه لا يحسن القراءة، فينصب الفاعل ويجر المفعول به ، ويرفع كلمة كيف بقوله..( كيفو)..!!وقد يكون حظك حسنا ان لم تكن تعرف الإعراب لأن كثيرا مما يقترفه من الكلمات ،ليس أنه فقط يلحن في إعرابها بل يخيل اليك أنه أعجمي لسوء إخراجه لألفاظها،فتشعر حينئذ وكأن أحدا يحطم عظامك، ثم يتمّها بالدعاء وتنتهي المأساة بإقامة الصلاة،التي يفرج الله بها عن المسلمين هذا البلاء الذي ابتليت فيه آذانهم، ....وهناك نوع آخر من الخطباء الذي يمعن في الإبتعاد عن نقد الواقع الذي يعيشه ،فينقل خطبته من أحد الكتب التي تعتني بجمع الخطب، فينقلها كما هي ،وينزلها على واقعنا ويغرق في الرمزية ، والإشارات غير المفهومة،حتى يخرج الناس وهم يحللون ، قصد كذا وربما قصد كذا،وللطرفة ..فإنه يقال أن أحد الخطباء قد نقل احدى الخطب بتمامها من أحد الكتب ،مع الدعاء ولما قرأ الدعاء وإذا هو (اللهم عليك بالمجرمين الكفار وخصّ منهم أعدائك التتار ) وهناك بلية أعظم وهو أن يعتلي المنبر أستاذ في اللغة العربية ، ثم يتكلم بالعامية ،وإذا تكلم في الشرع فإذا هو أجهل الناس به، وإذا تكلم في الواقع لم يجاوز أن يفاضل بين المحلات أو البسطات أو يسهب في تأثيم من يغش في الإمتحانات، ووالله لقد سمعتى خطبة لأحدهم عن مرض السكري، والمصلّون المظلومون، يتأففون ومنهم من ينام وقد تسمع له شخيرا ، وفي الحقيقة لا ألومه ،فالنوم رحمة وسكينة قد خصه الله بها من بيننا حتى يرحمه من الإستماع لهذا الهراء ،ومنهم من هو خطيب مفوه ،حسن الأداء ،سليم اللغة،وهم قلة طبعا ولكنك تستمع لخطبته عشرات المرات فلا تسمع منه إلا عن الإحسان الى الجار وترك النميمة ،ووصل الأرحام ، والإحسان الى الأيتام ، مما ليس محله خطبة الجمعة، وهنا يأتي الى الأذهان سؤال قد يعرف الجميع إجابته ،ما هي المعايير التى تعتمدها مديرية أو وزارة الأوقاف من أجل تأهيل الخطيب ، هل يجب أن يبتعد الخطيب عن السياسة كليا حتى تقبل خطابته ، هل مناقشة الخطيب لأوضاع الفساد في المجتمع ،تعتبر خروجا عن العرف والدين ، وتهييجا للعامة على النظام، ....إن ما يحزنني ويحزن الكثيرين، أن نجد شبابا يحملون شهادات عليا في علوم الدين والسياسة ، وسائر العلوم ثم نفاجأ أن الكثيرين منهم ،ممنوعون من الخطابة، وطبعا أنا لا أعني هنا من يهاجمون النظام علنا ، وإنما أعني أناسا قد لا يلتزمون الخط والمنهج الذي تريده الاوقاف ،وهو الإبتعاد عن ما يمس الحياة والواقع، مباشرة ،اللهم الا أن يطلبوا منهم الكلام عن تسامح الإسلام ، في حين أن الدنيا تقوم وتقعد ،على من ينتقصون الدين أو يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم ،اني أناشد الأوقاف أن تترك لنا ما تبقى من ديننا وتتركنا على الأقل نستمع ونستمتع بخطبة الجمعة ،ولا تنسوا أن حضورها فريضة على الناس فاحترموا حريتنا وإسلامنا ، وأفهامنا ،.......والسلام



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد