خارج التغطية

mainThumb

07-01-2009 12:00 AM

الديمقراطية الغربية، نادت ب"حكم الشعب للشعب" و"الشعب مصدر السلطات"، ورفعته شعارا تردده، من أجل إظهارها للعالم بأنها النظام الوحيد الذي يمكن أن يعيش في ظله الإنسان ويسعد، وإنه لا يوجد في الأرض بديل عنه، فهو آخر ما توصل اليه الإنسان من تطور!،وعلى الإنسان المتحضر الذي يؤمن بالديمقراطية، أن يمارسها بطبيعتها، كانتخاب نواب عنه يراقبون الحكومة، أو يعبر عن رأيه في أي أمر تقوم به الحكومة يخصه ويسهم في تشكيل مصيره، أو يحتج على قرارات حكومية، أومواقف حكومية تجاه قضية يجد أنه يجب عليه التدخل بها، وقد تتعدد النشاطات التي يمكن أن يمارسها الفرد أو الجماعة للتعبير عن هذا الحق، بالمضاهرات، أو بالنقد المباشر أو غير المباشر، هذا إذا كان البلد ديمقراطيا أصيلا وليس مدع، لبس قناعها وتصرف كما يشاء.

ولكن في بلاد الديمقراطية، الذين أصموا آذاننا بكلمة الديمقراطية، لا نجد واقعا لما يكتب وما يقال عن حرية التعبير وعن حق الشعب في معارضة الحكومات وإجبارها على ما يريد، طبعا هم يقولون: إن الضغوط الشعبية في قضية ما أجبرت حكومة ما على تغيير موقفها، ولكن متى؟ بعد ما سدرت في غييها وسارت أشواطا في مشوارها وبعد أن حصلت على ما تريد أو فشلت فيما تريد، تذعن للشعب وقد تكون هي من طلب منه ذلك حفظا لماء وجهها أوخروج بطريقة لائقة من مأزق، وحكاية بوش في العراق وفي أفغانستان دليل على ما أقول.

قصة الشعب في النظام الديمقراطي، كذبة من بعض كذبات الأنظمة الغربية التي تبنت توجيهات "ميكافللي" في السياسة والحكم، وأصبحت ذئابا تهجم على القطيع لا تأخذ ما يكفيها فحسب، بل تبقر بطون كل القطيع لتأكل وجبة وتدع الباقي، ثم يقولون فعلنا ذلك من أجل رفاه شعوبنا! وهذه الشعوب ترفض كل ممارساتها علنا وتعبر عن ذلك بكل الوسلئل المتاحة، ولكن الحكومات خارج التغطية لا تسمع ولا ترى.

هذا في الغرب! فما بالك بشعوبنا الذين يجاهدون لكي يحصلوا على ربع في المئة مما يحصل عند الغرب ولايجدونه! ما جعلهم لا يستطيعون القيام ببعض الممارسات السابقة للتعبير عن رأيهم لبعدهم عنها، ووصولهم الى حد الإنفجار، فإذا أراد أحدهم ممارسة حق له مسطورعلى الورق كما أرادت الحكومات، يتعثر ويتلعثم وبدلا أن يخاطب الحكومة، يخاطب الشعب، وبدلا من أن يوجه حنقه على اليهود، يوجهه لنفسه أو لجاره أو أخيه، وإذا أراد أن يتضامن مع غزة يهتف لشيء آخر، وإذا أراد أن "يفش غله" يضرب سيارة جاره أو يكسر محل صديقه، لأنه قد يكون في حالة نفسية سيئة أوصلته لحالة من الهستيريا، كالذي يطعن نفسه أو ينتحر احتجاجا على الآخرين.

هل الحرية المسؤولة تعلم كما يعلم الأدب؟، وهل الحكومات مسؤولة عن ممارسات المواطن العامة وتوفير الحرية له، وضبطها وتدريبه عليها، كما تهتم بتوفر رغيف الخبز وكأس الماء؟، حتى يعبر عما يشغله ويهمه ويجرحه بطريقة سليمة تؤتي أكلها، أم هي خارج التغطية في إعطائه حقه، وهو خارج التغطية في الممارسة والمطالبة بحقه!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد