اغتيال بي نظير بوتو .. اغتيال للأمل

mainThumb

29-12-2007 12:00 AM

لا شك ان اغتيال المعارضة بي نظير بوتو مأساة للباكستان ، ومرحلة حاسمة اضافية في ترسيخ وتكريس ظاهرة الراديكالية فيه ، وفي تخريب وتقويض بلد رئيسي في الاستقرار الدولي.

انه ، اولا ، اختفاء امرأة استثنائية. سيدة عظيمة كانت تعرف حق المعرفة ، انها معرضة للخطر دوما. امراة استمرت حتى النهاية ، رغم كل شيء ، وفي بسالة نادرة ، وكرامة عالية ، في الدفاع بشراسة عن قيم الحرية والديمقراطية في بلادها. انه ايضا ، اغتيال رمز كبير ، وامل واسع وعظيم.

رمز المستقبل الديمقراطي ، لبلد ظل يرزح زمنا طويلا تحت وطأة الدكتاتورية العسكرية ونيرها. وامل اراد لامراة مسلمة ، نشأت في الغرب ، ان تدافع في صراحة وصدق وايمان ، وبلا اية حساسية عن القيم الشمولية ، وان تجسد الاعتدال ، امام اكثر مظاهر الاسلام راديكالية وتطرفا.

ويبقى أن ملابسات عملية الاغتيال ، التي جاءت على اثر التجمعات الجماهيرية التي طبعت دوما التزام المناضلة بي نظير ونضالها السياسي ، امر لا بد من ان يثير تأملنا. فلا شك اليوم ، امام جبن ونذالة ودناءة الارهابيين ، ان الديمقراطية في الباكستان ، المبنية على الحوار وعلى التجمعات الشعبية الواسعة ، قد باتت عارية ومجردة من قوتها تماما.

بي نظير بوتو ، هذه المراة المسلحة دوما بشجاعتها البدنية والروحية ، وبقوة قناعاتها الثابتة ، كانت ترغب في انقاذ مواطنيها من التطرف والتعصب. وبالتالي ، نقول من سيستطيع بعد الآن ، في هذا البلد الذي استقر فيه اللاأمن الآن ، ان يقود هذه المعركة من بعد بي نظير؟.

باغتيال بي نظير بوتو تصاب الباكستان اليوم في اعماق اعماقها. نظام الرئيس مشرف ، الذي بات ضعيفا خلال الشهور الاخيرة على الخصوص ، سيشار اليه كمسؤول عن تدهور الوضع العام في البلاد ، حتى وان كان اصحاب الجريمة الشنعاء ينتمون الى اكثر الاسلاميين راديكالية وتطرفا.

هؤلاء الاسلاميون المتطرفون ، سواء أكانوا من الطالبان المحليين ، أومن اتباع القاعدة ، فانهم يعملون وفقا لاستراتيجية واضحة كل الوضوح ، الا وهي العمل على اسقاط الباكستان في معسكرهم ، حتى يحولوا هذا البلد الكبير الذي يمتلك القنبلة الذرية ، الى قاعدة واسعة للجهاد ضد المصالح الغربية.

وتجدر الاشارة الى انه ، سواء استفاد هؤلاء المتطرفون من تواطؤ في داخل المصالح الاستخباراتية ، كما هو الشان في غالب الاحيان ، او لم يستفيدوا منه ، فقد سجلوا على اية حال ، نقطة مهمة يحسب لها كل حساب.

ان الاضطرابات التي فجرها السخط الشعبي في البلاد ، سوف يترتب عليها ، بلا شك ، توقف المسار الانتخابي الذي سيؤدي الى التشريعيات المتوقعة ليوم 8 كانون الثاني المقبل. ومما لا شك فيه ان هذه الظروف والملابسات الجديدة ، سوف تتيح للرئيس مشرف بأن يفرض من جديد ، حالة الطوارىء التي لجأ اليها في بداية شهر كانون الاول الجاري ، في قمع المناضلين الديمقراطيين ، اكثر مما استعملها في قمعه للراديكاليين.

ولا شك ايضا ، ان المستفيدين من كل هذه الاضطرابات السياسية ، هم المجاهدون وحدهم ، حيث ما فتئوا يضاعفون العمليات الانتحارية ، منذ الاعتداء على المسجد الاحمر في اسلام اباد ، في شهر تموز الماضي.

لقد كانت القوات المسلحة آنذاك ، منشغلة ببقاء النظام الدكتاتوري القائم وانقاذه ، ناهيك عن ان المناضلين الراديكاليين ، واعضاء القاعدة ، قد يعملون لاحقا ، على تقوية مواقعهم العسكرية في شمال شرق البلاد ايضا.

هذا ، وفي الوقت الذي يدعم فيه الطالبان وجودهم العسكري في افغانستان ، وفي الوقت الذي ما زالت فيه ايران المجاورة ، تشكل خطرا حقيقيا ، فان هشاشة الباكستان باتت تمثل واحدا من اهم مصادر القلق العالمي خلال العام ,2008

ولذلك فان اغتيال المناضلة العظيمة ، بي نظير بوتو ، يشكل ، بلا ريب ، ناقوس خطر حقيقي لا ينبغي التقليل من شانه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد