حسابات الهدنة مع حماس

mainThumb

29-12-2007 12:00 AM

جهاز الامن ، الحكومة ، الساحة السياسية ووسائل الاعلام - كلها تفحص المرة تلو الاخرى ما يؤيد ويعارض اتفاق هدنة في قطاع غزة ، فليس هذا بقرار سهل ، وجدير بالفحص بعيون مفتوحة مجمل المبررات الاساس في صالح كل من كفتي الميزان.

لنبدأ باعتبارات المعارضة: اتفاق الهدنة مع حماس ، كيفما تحقق وكيفما عرض ، سيكون فيه حوار واعتراف بحماس ، حركة فلسطينية اسلامية متطرفة لا تعترف باسرائيل ، وتعلن على رؤوس الاشهاد هدف ابادة اسرائيل.

في السياق ، سيكون في ذلك مس خطير بالسياسة القاطعة لاسرائيل ، المؤيدة لحكومة محمود عباس ومحاولة هذه الحكومة اسقاط حكم اسماعيل هنية في القطاع.

السير نحو الهدنة سيكون بمثابة اعتراف بفشل خطواتنا العسكرية ، التي جاءت لتلحق الهزيمة بإرهاب الصواريخ وقذائف الهاون التي تطلق المرة تلو الاخرى نحو سديروت.

مجرد طرح مبادرة الهدنة يدل على ان نشاطنا العسكري في القطاع يعطي ثماره ، وكل ما ينبغي لنا أن نعمله هو مواصلة هذه الخطوات لإلحاق الهزيمة بالارهاب.

والتخوف من أن يستغل وقف النار من قبل محافل الارهاب في القطاع ويسمح لهم بالراحة ، الانتعاش وإعادة التنظيم ، الهدنة ستستغل لتهريب السلاح ، وتطوير الوسائل القتالية وانتاجها ذاتيا سواء كميا أم نوعيا ، والهدوء سيستغل ايضا لبناء منظومة برية محصنة في قطاع غزة ، على نمط "المحميات الطبيعية" في جنوب لبنان ، استعدادا للمواجهة القادمة. وأخيرا ، الهدنة ستستغل لتعزيز مكانة حكم حماس في أوساط السكان المحليين.

ومن هنا الى الاعتبارات المؤيدة للهدنة: الاعتبار الاول والاساسي هو التسليم بأنه ليس لدى اسرائيل حل عسكري يمكنه أن يؤدي الى وقف تام للكفاح الفلسطيني العنيف ضد اسرائيل.

الخيار المطروح امام اسرائيل في قطاع غزة ليس الحوار مع فتح أم مع حماس ، بل اختيار حماس مقابل الجهاد الاسلامي ، ففي المستقبل المنظور لا نرى احتمالا في أن تعود فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية لتحظيا بدعم ديمقراطي من السكان.

والبديل المحتم للهدنة ستكون حملة برية واسعة النطاق للسيطرة على القطاع ، ومثل هذه الحملة لن تؤدي الى حل فحسب ، بل ستكون لها آثار اخلاقية وسياسية من الصعب في هذه المرحلة تقدير وزنها ، فضلا عن الخسائر والاصابات ، وأغلب الظن ، سيؤدي هذا الى قطع الاتصالات السياسية مع حكومة ابو مازن.

من المعقول الافتراض ان اتفاق الهدنة سيتضمن أيضا صفقة لتحرير جلعاد شليت ، بينما حملة عسكرية واسعة من شأنها أن تعرض حياته للخطر. واستغلال فترة الهدنة للتسلح والتنظيم هو بالفعل مشكلة ، ولكن كلما طالت فترة الهدوء والتطبيع سيكون من الصعب على قيادة حماس استئناف النار ووضع مليون ونصف من سكان القطاع مجددا في حالة اضطراب. ومن جهة اخرى سيكون مريحا لاسرائيل العمل ضد حماس ، التي اصبحت جيشا نظاميا ، مقابل نشاطنا اليوم ضد مخربين - ارهابيين وكأنهم منفصلين عن السكان المدنيين.

وفي الختام ، في اسرائيل ايضا ستستمتع وستستغل فترة الهدوء لتحصين سريع لبلدات غلاف غزة ، لتطوير منظومات السلاح المضادة للصواريخ ، وبالطبع ، لحث سياقات المفاوضات السياسية.

هذه هي الاعتبارات الاساس التي يجب أن تطرح في المداولات لتقدير الوضع قبل القرارات الحاسمة في المجلس الوزاري الامني ، وقد طرحناها هنا بالعناوين فقط ، ويجب الافتراض بان المداولات ستوسع وستعمق كل واحدة منها ، وكلنا امل في أن يكون القرار الذي سيتخذ نقيا قدر الامكان من الاعتبارات الغريبة.

- رئيس شعبة الاستخبارات السابق



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد