إعادة تأهيل

mainThumb

10-12-2007 12:00 AM

إذا قيض لانتخابات الرئاسة اللبنانية ان تجري غداً، بعد طول عناء ومكابدة، فان المهمة الاولى يجب ان تكون اطلاق ورشة اعادة تأهيل. يدرك العماد ميشال سليمان ان قصر الرئاسة يحتاج الى اعادة تأهيل بعدما اعتاد كبار الزوار على تفاديه. ورشة لإعادة موقعه الوطني الجامع. قصر رئاسي يستحق التسمية. يملك سيده تصوراً لدوره وهو كبير واحتراما لصلاحياته وهي ليست قليلة اذا مورست بمسؤولية وشجاعة وحكمة. قصر لا ينشغل بهجاء المعارضين والتكرار الممل لمواقف معروفة. قصر لا تصيبه العزلة في الداخل او الخارج.

رئيس الحكومة الجديد مطالب هو الآخر بإطلاق ورشة مماثلة. ان يعود السراي الكبير مقراً لا حصناً. وان ينهمك شاغله بشؤون اللبنانيين لا بالخيام القريبة المنصوبة وميكروفوناتها. لا بد من تعويد اللبنانيين مجددا على رؤية حكومتهم الكريمة مكتملة العقد وبكامل طوائفها ومذاهبها. ويستحسن ان يتبادل الوزراء الابتسامات والتحيات على الأقل لدى التقاط الصور لا سيما بعد الاتهامات السابقة المتبادلة بالعمالة او التبعية او التفريط. ولا ضير ان تنشغل الحكومة بخبز الناس والمشاريع والتنمية بدل ان تنفق جهدها في محاربة التوطين وإحباط مخططات الفوضى الخلاقة.
المجلس النيابي يحتاج الى ورشة اعادة تأهيل مفتوحة. مضى ردح من الزمن من دون ان يجتمع، وتفرغ عدد من اعضائه للردح بعيداً عن هموم التشريع. ومن يدري فقد تكون تكلست الروح النيابية لدى الاعضاء بفعل الغيبوبة القسرية التي فرضت عليه وخوفه المفرط من «الشر المستطير». ولن تكون مهمة الرئيس نبيه بري سهلة. لا بد من جهد خارق خصوصاً لاستعادة بعض النواب من شاشات الفضائيات حيث باتوا نجوما تعادل شهرتهم شهرة فريد شوقي ورشدي اباظة وعادل امام كي لا نقول اكثر من ذلك. وكدت اقترح الاستعانة بعدد من اعضاء مجلس العموم البريطاني للاشراف على دورات تدريبية مكثفة في ساحة النجمة لكنني اخشى ان يعتاد مجلس العموم على الغيبوبة في الازمات فاضطر الى الهجرة من بريطانيا.

تحتاج قوى 14 آذار الى اعادة تأهيل بعد اصطدامها المروع بالوقائع الداخلية والاقليمية. وبعد اضطرارها الى تجرع كاسات كانت وعدت بالابتعاد عنها. وبعدما اكتشفت ان المصانع اللبنانية ليست مجهزة لانجاب الرؤساء وان القابلة يجب ان تكون متعددة الجنسية. وعليها ان تدرب رموزها على العيش الطبيعي بعدما اعتاد نوابها ووزراؤها على كتابة وصيتهم وتوديع زوجاتهم كلما تنادوا لاجتماع. لا بد من جهد لخفض الخيبات والمرارات والتعود على الرقص مجددا مع الشركاء في الوطن.

المهمة نفسها مطلوبة من معسكر 8 آذار. اظهر قدرته على التعطيل وهو مطالب باظهار قدرته على المشاركة. لا بد من استرجاع الشباب من الخيام وإرسالهم مجدداً الى اعمالهم وجامعاتهم. لا بد من العودة الى الرقص مع الشركاء في الوطن من دون توزيع شهادات يومية في الوطنية وهجاء «المحافظين الجدد». ويستحسن ان تسحب من التداول على الاقل لفترة الاصوات التي ادمنت اطلاق التهديدات والتلويح باغراق البلد في خرائبه. يمكن مثلا اعطاء هؤلاء اجازات في الخارج لكتابة مذكراتهم.

يحتاج «التيار الوطني الحر» الى اعادة تأهيل بعض نوابه وافراده. عليهم ان يعتادوا على رؤية رئيس في القصر من دون ان يشعروا انه خطف القصر من رئيسهم. صحيح ان التيار لم يتمكن من ايصال العماد ميشال عون الى قصر الرئاسة، لكن الصحيح ايضا هو انه تمكن من الثأر من 14 آذار التي لم تعط زعيمه زعامتها والرئاسة ومنعها من متعة تنصيب احد مرشحيها رئيسا.

لا بد من هدنة طويلة بعد توزيع الضمادات على المرشحين الخائبين والزعماء المفجوعين والقوى التي حلمت بانتصارات لا تتيحها التركيبة اللبنانية. لا بد من الرجوع من الفضائيات ليعود لبنان دولة طبيعية يذهب فيها الاولاد الى المدارس والعمال الى اعمالهم من دون الانشعال بتكهن موعد اندلاع الحرب الاهلية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد