محنة الأرامل وأطفالهن

mainThumb

21-12-2007 12:00 AM

شأن كثيرين هذه الأيام، نشأت في اسرة من والدٍ واحدٍ. فقد تربيت وشقيقتي على يد والدتي بعد ان تركنا والدنا صغيرتين. لا بد ان عملية التنشئة كانت صعبة على والدتي، إلا ان مؤازرة الأسرة الممتدة كان لها أيضا اثر كبير في تنشئتنا كأطفال.

عندما أنظر إلى محنة ملايين الأرامل في مختلف أنحاء العالم أدرك كم ان الحظ حالفنا في ذلك الوقت. وعلى الرغم من اننا كنا محاطين بالحب، فإن الأرامل وأطفالهن في الكثير من المجتمعات يتعرضون للاستغلال والمعاملة غير الكريمة.

عادة حرق الزوجة نفسها حية عقب وفاة زوجها، وهي عادة يعود تاريخها إلى قرون إلى الوراء، اختفت الآن. إلا ان بضع عادات قائمة على التضحية بالنفس وتقديمها قربانا تعتبر مؤشرا على المستقبل المظلم للكثير من الأرامل. فبعد حادثة مفزعة في الريف الهندي قبل خمس سنوات، أوضحت خبيرة علم الاجتماع سوزان فيسفاناسان ان الأرملة التي أضرمت النار في جسدها لا بد ان تكون قد توصلت إلى ان حياتها ستكون عبارة عن عزلة ويأس وخزي ومعاناة. في المناطق الريفية بنيبال والهند ربما لا تزال المجتمعات تتوقع ان تحلق الأرامل شعور رؤوسهن والنوم على الأرض والاختفاء عن أعين الرجال بقية العمر. وفي أفغانستان، حيث فقدت مليونا امرأة أزواجهن نتيجة سنوات من القتال، ممنوع على الأرامل العمل وتوفير لقمة العيش لأطفالهن. أما في تنزانيا، ودول اخرى أيضا، فإن النظام القانوني السائد يجعل من الصعب على النساء وراثة أملاك الزوج المتوفّى.

نتيجة لذلك، ان الكثير من الأرامل وأطفالهن يتعرضون للطرد من المساكن ويضطرون للعيش حياة بائسة على هامش المجتمع، ويصبحن عرضة للاعتداءات والعنف والاستغلال الجنسي. ونتيجة لعدم توفر الرسوم الدراسية يطرد أطفال الأرامل من المدارس، وبسبب ذلك لا يجد هؤلاء الأطفال أمامهم سوى قضاء حياتهم في أكثر المهن وضاعة، هذا اذا توفر العمل اصلا. هذه مشكلة كبيرة. ففي الهند وحدها هناك حوالي 30 مليون أرملة يكابدن عناء تنشئة أطفالهن. وفي الدول النامية بصورة عامة، هناك حوالي 100 مليون ارملة يعشن حالة مزرية، فضلا عن ان النزاعات وعمليات التطهير العرقي ومرض نقص المناعة (الايدز) تزيد من هذه الأعداد بصورة يومية. وفي الدول التي تسودها النزاعات والأمراض بصورة واسعة تصل نسبة الأرامل الفقيرات إلى 50 في المائة تقريباً.

اذا اخذنا في الاعتبار حجم هذه المشكلة وطبيعتها، يمكن القول ان الأمر المثير للقلق هو انها لا تزال خفية إلى حد بعيد. فحكومات هذه الدول لا تهتم بإجراء إحصاءات. وعلى الرغم من ترحيب الأمم المتحدة بالتركيز على مكافحة الفقر والتمييز بين الجنسين، لم يرد ذكر الأرامل بصورة مخصصة في «أهداف التنمية في الألفية الجديدة»، وهو إهمال يجعل من الصعب نجاح الحملة الدولية في هذا المجال. تحسين وضع الأرامل وأطفالهن لن يكون مهمة سهلة. لذا، لا بد من جهود أكبر من الحكومات الوطنية، بما في ذلك النظرُ في تشريعٍ يضمن حماية حقوق الميراث للأرامل. سيكون من المفيد أيضا رفع سن الزواج، على ألا يسمح بزواج من هن في سن 14 عاما ودونها من رجال في سن الأربعين أو أكثر لأنهن سيصبحن بعد فترة في عداد الأرامل.

يجب ان تكون الحكومات على استعداد للوقوف في وجه الضغوط الثقافية، مهما كانت قوية، كي تطبق التشريع?Z السائد?Z. ففي الكثير من الدول التي تخضع فيها الأراملُ لمعاملة سيئة، توجد قوانين جيدة لحمايتهن، إلا ان المشكلة تكمن في ان هذه القوانين عادة ما يتم تجاهلها بواسطة المجتمعات المحلية ونادراً ما تطبق.

وفي نهاية الأمر، الأرامل لسن وحدهن الخاسرات بسبب هذا التحامل الضار والتمييز. كلنا خاسرون. ويبقى انه من خلال التصميم والشجاعة يمكننا إنقاذ الأرامل وأسرهن من حياة المضايقات والتخويف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد